نظام مهين وهين

- ‎فيمقالات

لن تجد أضعف ولا أذل من هذا النظام، وراجع إن شئت سلوك رأسه منذ أول يوم ابتُلينا به منتصف عام 2013؛ من أجل ذلك أقسمت وقتها أنه لن يعمِّر-وإن طالت مدته-، وراهنت على عدم نجاحه، وقلت: مستحيل أن ينجح (المتعوس) فيما فشل فيه فرعون.

وهذا مآل الأذلاء، فى كل حقب التاريخ، وفى كل الأمم؛ يحوزون الحكم اغتصابًا ثم لا ينتجون إلا قهر أقوامهم وجلب المعرة عليهم. ومصر الآن فى موقف بئيس بسبب هؤلاء الأقزام؛ مصر التى علّمت الدنيا بأسرها، ونشرت حضارتها على الكون كله، وحفظت بيضة الإسلام تئن الآن تحت حكم ضعيف مستباح، أرخصها وقزمها ولطخها فى الوحل فلا تقدر على النهوض من وهدتها.

ست سنوات عجاف قضّاها شعبنا تحت وطأة الفقر والجوع، والكبت والاستبداد، فى وقت يحتاج عالمنا العربى والإسلامى إلى الدعم من هذا الشعب ومن قادته، لكن هؤلاء جاءوا -للأسف- وفى مخططهم التبعية للأعداء؛ عربونًا لبقائهم فى السلطة، ولم يكن هذا العربون كلامًا ووعودًا، بل تُرجم إلى أفعال شائنة، شملت بيع الأرض والتفريط فى مقدراتنا، وانتهاك أمننا القومى، وحكمنا بالحديد والنار؛ لكيلا لا يخرج من أبنائنا من يكف أذى هؤلاء الأعداء عنا.

هو نظام مهين؛ أى ذليل لاعتدائه على الحرمات، واستهانته بالقيم والأعراف، وقد نتج عن ذلك أن مصر الآن إذا قالت لا يُسمع لقولها وإن عارضت لا يؤبه لنقدها، وأن أبناءها فى الخارج صاروا عالة على الدول المضيفة، محل سخريتها، وأن المنطقة مشتعلة بالحروب والتغيرات السياسية والمحروسة تقف عاجزة عن عمل شىء، وتلك كارثة لأن النيران المشتعلة لا محالة ستحرقنا.

هو نظام مهين لأنه خاصم شعبه، وعاداه، وأدخل الحزن فى كل بيت من بيوته، وكشف الأستار التى لا تُكشف، وأكَلَ أموال الناس بالباطل، واغتصب النساء، وأسرف فى القتل ومن ثم خلّف التارات، وقد سمع بمخازيه القاصى والدانى، وحتى صرنا نعيَّر بمصريتنا، وقد أطلقتها «أم ريجينى» مثلًا: «قتلوه كأنه مصرى» أى لم يقدِّروا عواقب قتله، كأن المصرى مخلوق لا وزن له.

وهو نظام وهين، ضعيف مبتذل مثل بيت العنكبوت لأنه بُنى على باطل، من دون أساس، وقام على الظلم، والظلم آفة الدول، وعكسه العدل، وهو أساس الملك. والظلم الآن بيِّن لم ينج منه أحد، وفى الظالم كبرٌ وبطر ورعونة فأنى يستقيم الحال؟ وكيف نصنع مجدًا وحضارة ورأس النظام يسعى لمجده الشخصى ورفاهة بنيه، وقد رأيناه يشيد عشرات القصور والفلل، ورأينا فى المقابل قطاعًا من الشعب يأتى بطعام يومه من صناديق القمامة، وبدلاً من بناء المدارس والمعاهد والمصانع والمشافى، شرع فى بناء المعتقلات والسجون، وزاد فى رواتب من يزعم أنهم يحمونه، فى حين انتقص من رواتب الكادحين، وزاد عليهم الأسعار والضرائب حتى عمهم الغلاء والبلاء وضاقت عليهم الأرض بما رحبت، فصرنا من أوائل الدول التى يكثر فيها الانتحار.

هذا النظام رحل منذ جاء، وإن كان إعلان ذلك يتم الآن، رحل لخيانته وتبعيته، وغباء رأسه واضطراب سلوكه، رحل لفشله وبعدما راكم علينا الديون حتى قاربنا على الإفلاس، وبعدما قسمنا طوائف شتى، وزرع بيننا الفرقة وألّب كل جماعة على الأخرى. رحل بعدما استعبد الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا، وبعدما مكَّن الفساد من مفاصل الدولة، وقدم النفايات، وأخر الكفايات، وجعل الأغبياء الموتورين قادة علينا.

لم يتعظ المضطرب بالمخلوع، وقد سكن مسكنه، وتبين له ماذا فعل الله به، لكنها القلوب التى لا تفقه، والأعين التى لا تبصر؛ كى يتحقق مراد الله بهلكته التى سبقها استدراج من حيث لا يعلم، فإذا جاء وعدُ الله -وهو لا يُخلَف- قُطع دابرُ الذين ظلموا، والحمدُ لله رب العالمين.