نكبة القرن الـ21.. الكيان الصهيوني يعلن مبادرته التطبيعية مع دول الخليج.. تداعيات ومخاطر خفية!

- ‎فيتقارير

أعلنت الحكومة الصهيونية رسميًا عن أنها تقدمت إلى دول الخليج بمبادرة “تاريخية” تقضي بإبرام اتفاقيات عدم اعتداء بينها وبين هذه الدول.

وأكد وزير الخارجية الإسرائيلي “يسرائيل كاتس”، على حسابه في “تويتر”، صحة تقرير القناة الـ12 العبرية بشأن الموضوع، قائلا: “في الآونة الأخيرة قدمتُ، بدعم الولايات المتحدة، مبادرة سياسية لتوقيع اتفاقيات عدم اعتداء مع الدول العربية الخليجية”. ووصف “كاتس” هذه المبادرة بأنها “خطوة تاريخية ستضع حدا للنزاع وستتيح إطلاق التعاون المدني بين (إسرائيل) ودول الخليج، ما لم يتم توقيع اتفاقات سلام بينها”.

واعتبرت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” هذا الكلام “اعترافا تكتيكيًا بأن الدول العربية لا تتطلع إلى إقامة علاقات دبلوماسية كاملة النطاق مع الدولة العبرية ما لم تتم تسوية النزاع الإسرائيلي الفلسطيني”.

وأشار وزير الخارجية الإسرائيلي إلى أنه أطلع بعض وزراء الخارجية العرب ومبعوث الإدارة الأمريكية الخاصة إلى مفاوضات السلام في الشرق الأوسط “جيسون غرينبلات” على الخطة الجديدة، أثناء زيارته الأخيرة إلى نيويورك للمشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، متعهدا بمواصلة العمل على “تعزيز موقع إسرائيل على مستوى المنطقة والعالم”.

وكانت القناة الـ12 قد أفادت بأن الخطة الجديدة تهدف إلى إقامة علاقات ودية بين (إسرائيل) ودول الخليج، وإطلاق التعاون بينها في مختلف المجالات، بما فيها محاربة الإرهاب، وتقديم المصالح الاقتصادية المشتركة، مع التزام الطرفين بعدم الانضمام إلى أي تحالفات عسكرية أو أمنية موجهة ضد بعضهما البعض.

وأكد الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” مرارًا سعيه إلى إنشاء تحالف إقليمي يضم حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة لتوحيد جهودها من أجل مواجهة “التهديدات الإيرانية”، وسط مؤشرات عدة على تقارب بين (إسرائيل) من جهة ودول الخليج، بينها السعودية والإمارات والبحرين، من جهة أخرى، رغم غياب أي علاقات رسمية بين الطرفين.

نكبة التطبيع

وجاء إعلان إسرائيل عن مبادرتها لإقامة علاقات كاملة دون توقيع اتفاق سلام بين الدول الخليجية، في الذكرى الـ72 لنكبة فلسطين، لتطلق تطبيعًا رسميًا ومقننا من وراء الشعوب، ووفق اتفاقات ثنائية، وصولا إلى تحالف أمريكي خليجي صهيوني.

وبحسب خبراء، فإن إسرائيل تستهدف إفقاد العرب أي قيمة استراتيجية مهما صغرت، وتحويل بلادهم إلى ملعب لكل الأطراف. ووفق الخبير السياسي والمحلل شفيق ناظم الغبرا، تستهدف إسرائيل إفقاد العرب أي قيمة استراتيجية مهما صغرت، وتحويل بلادهم إلى ملعب لكل الأطراف، فالتطبيع الراهن يعني إدامة الصراع العربي الإسرائيلي لعقود قادمة، وهذا ما لا تراه القوى السياسية الرسمية، فالتطبيع العربي الإسرائيلي يهدف إلى تحويل معركة الإقليم من صراع للتحرر والحقوق إلى معركة مدمرة بين المسلمين.

التطبيع العربي الرسمي الجديد هدفه «التحالف» مع إسرائيل في ظل التخلي عن قضايا رئيسة خاصة بالعدالة وتقرير المصير وحق العودة. والتطبيع درجات بعضها أكثر خطورة من غيرها على العدالة والحقوق. في الحالة العربية الراهنة التطبيع يساوي انضمام مجموعة من العرب إلى “الرواية الصهيونية” دون الإنصات لقيم العدالة ودون معرفة بحقائق التاريخ، بل يتضمن هذا التطبيع الاعجاب باستعمار الصهيونية للأرض العربية والانطلاق بأن الصراع في مجمله نتاج تعنت العرب ورفضهم التعايش.

ويعني التطبيع بنفس الوقت الإضرار بالضغوط التي تهدف لمقاطعة كل مؤسسات استعمار فلسطين واستيطان أراضيها. أما التطبيع العربي الجديد المدعوم رسميا، فهدفه «التحالف» مع إسرائيل في ظل التخلي عن القضايا الرئيسية الخاصة بالعدالة وتقرير المصير وحق العودة.

إن التطبيع العربي الإسرائيلي يهدف لتحويل المعركة في الإقليم من صراع لأجل الحقوق العربية والفلسطينية إلى معركة مدمرة في الداخل الإسلامي، حيث القبضة الحديدية في الداخل في ظل استمرار النهب المنظم لدول ومجتمعات المنطقة من قبل القوى الدولية وقوى الفساد.

إن الخوف هو أحد أهم العناصر المثبتة للحالة غير الديمقراطية في الإقليم، هذه الحالة هي الأفضل لسحب البساط من تحت أقدام النقاد والمطالبين بالإصلاح.

إن فتح معركة مع إيران ثم خلق نزاع شيعي سني وإسلامي غير إسلامي بين الشعب وبناء حالة تطبيع مع إسرائيل والانقضاض على الحريات يصب بهذا الاتجاه المدمر.

لكنّ للتطبيع أهدافا مخفية لا يراها قادة الإقليم العربي المتورطون به. فنادرا ما ينظر النظام العربي وقادته لأبعد من السيطرة السياسية المباشرة في الداخل والخارج. لكنّ لإسرائيل أهدافا أبعد من أهداف النظام العربي المفكك.

أهداف إسرائيل الحقيقية

إن نفط الخليج والصناديق السيادية الخليجية هي هدف إسرائيل كما هي هدف اليمين الأمريكي، وذلك بسبب قوة هذه الصناديق، وبسبب خوف إسرائيل واليمين الأمريكي من قدرة هذه الصناديق على التأثير في سياسات الغرب تجاه إسرائيل لاحقًا.

القوة المالية الخليجية، بغض النظر عمن يديرها اليوم، هدف إسرائيلي. وقد سبق لهذه القوة أن استخدمت باستقلالية في 1973 أثناء الحرب العربية الإسرائيلية. بالنسبة للأجهزة الأمنية الإسرائيلية لا يمكن تدمير هذه القوة إلا بالتوتر ونشر الخوف بين الدول.

بهذه الطريقة بالإمكان استنزاف كل من إيران والخليج. وهي ذات النظرية التي سادت الحرب العراقية الإيرانية حول إضعاف كل من العراق وإيران، وهذا ما يسود اليوم بين الدوائر الصهيونية ودوائر إدارة ترامب.

إن سياسة إسرائيل الراهنة هي سياسة نقل المعركة لأرض العدو: العدو في الرؤية الإسرائيلية هي المنطقة العربية برمتها والخليج كما إيران وتركيا، والشعوب كما الأنظمة.

لكن الهدف الثاني هو إفقاد العرب لأي قيمة استراتيجية مهما صغرت، وتحويل بلادهم لملعب لكل الأطراف، وهذا يفتح الباب لسيناريوات كثيرة. بالنسبة لإسرائيل كل العرب امتداد للفلسطينيين حتى لو قالوا بعكس ذلك، وكل الفلسطينيين امتداد للعرب حتى لو قالوا بعكسه.

ثورة الشعوب قادمة

التطبيع الراهن سيعني عمليا إدامة الصراع العربي الإسرائيلي لعقود قادمة، وهذا ما لا تراه القوى السياسية الرسمية. فالشعوب العربية ستشعر، بسبب ما يقع في هذه المرحلة، بمزيد من الإهانة والخسارة في الداخل والخارج.

فمقاومة الأبارتهايد الصهيوني مستمرة؛ لأن قيم التحرر كامنة في المشهد العربي، كما تؤكد لنا حالة الاحتجاج في فلسطين وفي البلدان العربية.

من يربط نفسه بالصهيونية قد يشتري تكنولوجيا أمريكية وربما إسرائيلية جديدة، وقد يشعر ببعض القوة أمام الداخل والخارج، لكنه سيخسر قواعد سكانية مهمة، وسيكتشف أن الأهداف المتخيلة عن الاستقرار والسيطرة ستذهب أدراج الرياح، وهذا ما ينتظر وقوعه بالقريب العاجل.