“نيل فش”.. تكنولوجيا ألمانية في خدمة طغيان السيسي لاصطياد الإعلاميين

- ‎فيتقارير

من علامات النظام  الدكتاتورية أنها تبقى في حالة حرب مستمرة ضد حرية الكلمة والإعلام الحر؛ تسن التشريعات الشاذة لحصار حرية الرأي والتعبير، وتطلق أجهزتها الأمنية في ملاحظة الصحفيين الشرفاء أصحاب النزاهة والاستقامة، ولا تقرب إلا كل منافق عليم لا يجيد سوى التطبيل للنظام والهتاف للزعيم الدكتاتور ويكون لدى هؤلاء قدرة عجبية على قلب الحقائق وتبرير الجرائم والدعاية للنظام مهما بلغ طغيانه ومهمها تجاوز في شذوذه وانحرافه.

وخلال السنوات الماضية، شن الطاغية عبدالفتاح السيسي حربا على الإعلام الحر بدأت متزامنة مع بيان انقلابه في 3 يوليو 2013م؛ حيث جرى غلق عشرات الفضائيات الموالية للتيار الإسلامي، ومصادرة الصحف، واعتقال عشرات  الصحافيين والإعلاميين، تلى ذلك حجب المئات من المواقع الإعلامية، وهي الإجراءات التي تمثل ترجمة حرفية لتوجهات السيسي الذي عبر عن حسده لنظام الدكتاور جمال عبدالناصر؛ لأنه كان يهيمن على وسائل الإعلام ووظفها بقوة في تكريس اغتصابه للسلطة وبقائه 17 سنة على رأسها.

لم يكتف نظام السيسي بذلك، بل أمم الفضاء الإعلامي وسيطر بشكل كامل على جميع الفضائيات التي كانت مملوكة لرجال أعمال نظام مبارك، وصحفهم ومواقعهم الإخبارية والتي باتت مملوكة لشركة إعلام المصريين المملوكة لجهاز المخابرات العامة. وبالتالي فقد نجح النظام في تكيم الأفواه وتأميم الفضاء الإعلامي ولم يبق سوى غربان الصحافيين والإعلاميين ينعقون بمجد السلطة آناء الليل وأطراف النهار. ثم اتجه النظام للسيطرة على شركات إنتاج الدراما والسينما فاختفت الأعمال الدرامية القوية وباتت هي الأخرى شكلا من أشكال التضليل والبهتان لتسويق أجندة السلطة العسكرية وتكريس بقائها وتبرير وصايتها المفروضة على مصر شعبا ومجتمعا.

"نيل فش" واصطياد الإعلاميين المصريين

آخر إجراءت سلطة الانقلاب ما كشفته منظمة العفو الدولية في تقرير جديد لها، عن آليات جديدة لهجمات التصيد التي استهدفت مدافعين عن حقوق الإنسان وإعلاميين مصريين، نفذتها مجموعة شركة تجسس ألمانية باسم "نيل فش".

كانت المنظمة قد كشفت في سبتمبر 2019، أن شركة "فن فشر"، التي تأسست في ميونيخ عام 2011، قد طورت  مجموعة من برامج تجسس أطلق عليها "فن سباي"، ومنذ ذلك الحين وثق الباحثون حالات عديدة لاستهداف المدافعين عن حقوق الإنسان، وضمن ذلك النشطاء والصحفيون والمعارضون، باستخدام هذا البرنامج في عديد من البلدان، من ضمنها مصر.

كيف تعمل آلية التجسس؟

جاء في تقرير منظمة العفو الدولية، الذي نُشر الجمعة 25 سبتمبر 2020، أنه أثناء البحث في نشاط مجموعة "نيل فش"، اكتشف الباحثون أنها ثبتت عينات من برامج "فن سباي" على نظام تشغيل مايكروسوفت ويندوز (Microsoft Windows) من خلال موقع ويب وهمي لتنزيل مشغل "أدوبي فلاش" (Adobe Flash Player).

من خلال التحقيقات الفنية الإضافية، اكتشف مختبر الأمن التابع لمنظمة العفو عينات جديدة من "فن سباي" لأنظمة ويندوز وأندرويد وإصدارات لم يتم الكشف عنها سابقاً لأجهزة حاسوب تعمل على نظامي لينوكس (Linux) وماك أو إس (MacOS).

يقدم هذا التقرير معلومات فنية عن عينات "فن سباي" الحديثة؛ من أجل مساعدة مجتمع أبحاث الأمن السيبراني للوصول إلى مزيد من التحقيقات، حيث بإمكان برامج "فن سباي" اعتراض الاتصالات والوصول إلى البيانات الخاصة وتسجيل الصوت والفيديو من الحاسوب أو الأجهزة المحمولة المثبت عليها بصمتٍ.

تشير المنظمة إلى أن شركة "فن فشر" تبيع البرنامج إلى وكالات إنفاذ القانون والوكالات الحكومية حول العالم، وقد قدمت العديد من التقارير البحثية -وضمن ذلك تقارير منظمة العفو الدولية- تفاصيل حملات "نيل فش" لاستهداف منظمات المجتمع المدني المصرية.

فيما حذَّر مختبر الأمن، التابع لمنظمة العفو الدولية، منظمات المجتمع المدني المصرية من حملة واسعة النطاق من هجمات التصيد التي تستهدف المدافعين عن حقوق الإنسان، والتي تنفذها ما تسمى مجموعة مهاجمي "نيل فش".