هل تخدم “برنيس” مصر أم أمريكا وإسرائيل وحفتر؟.. تاريخ القواعد العسكرية المصرية

- ‎فيتقارير

جاء توقيت افتتاح قاعدة برنيس العسكري في توقيت سياسي حساس، بالنظر للصراعات والأخطار التي تواجه نظام السيسي على الحدود الغربية (حيث يتورط في دعم الانقلابي حفتر وستكون القاعدة نقطة انطلاق لتدخل مصر عسكريا في ليبيا)، والتوتر والصراع الحاصل في البحر المتوسط على الغاز.

وزاد من الشكوك حول توقيت الافتتاح تسريبات غربية وصهيونية تشير لاحتمال استخدام القوات الامريكية لهذه القاعدة ضمن التسهيلات العسكرية التي تقدمه مصر مقابل لمعونة العسكرية، والتي سمحت للأمريكان باستخدام العديد من القواعد الأمريكية في شن هجمات في العراق وافغانستان وغيرها.

وتصاعدت حدة المخاوف حين ذكرت “القناة 12” في التلفزيون الإسرائيلي، الأربعاء 15 يناير 2020 أن قاعدة “برنيس” العسكرية المصرية على ساحل البحر الأحمر، ستساهم في حماية أمن إسرائيل!! ما اثار الشكوك حول اسباب فرحة تل ابيب بالقاعدة العسكرية، وهل مقامة لحماية أمن إسرائيل؟!.

وقال إيهود يعاري، محلل الشئون العربية بالقناة إن “توسيع الوجود المصري هناك من شأنه أن يساعد أيضًا في الحفاظ على أمن السفن من وإلى إسرائيل”؛ لأن القاعدة المقامة على الساحل الجنوبي للبحر الأحمر، ستؤمن السيطرة الاستراتيجية المصرية على طرق الملاحة من مضيق باب المندب حتى قناة السويس.

وتابع: “خصصت هذه القاعدة أيضا لمنع إيران من أن تحاول عبر حلفائها الحوثيين باليمن، تهديد مسار السفن المؤدي أيضًا إلى العقبة (الأردنية) وإيلات (الإسرائيلية)، وهو أمر مهم جدًّا لإسرائيل”!.

وقال يعاري: إن “مصر حصلت على مساعدات من السعودية والإمارات لإقامة القاعدة المذكورة، كجزء من خطوات تتخذها الدولتان لنشر القواعد العسكرية على طول سواحل البحر الأحمر”.

من الملاحظات أيضًا حضور ممثلين عن أبو ظبي والرياض افتتاح القاعدة ما يؤشر على أن بناء تلك القواعد العسكرية هي من أموالهم.

وتقع قاعدة “برنيس” على ساحل البحر الأحمر بالقرب من الحدود الدولية الجنوبية شرق مدينة أسوان، وتبلغ مساحتها 150 ألف فدان وتضم قاعدة بحرية وقاعدة جوية وعدد من الوحدات القتالية.

القواعد الجديدة تؤكد تغير العقيدة العسكرية

واستغرب مراقبون تركيز السيسي علي بناء قواعد عسكرية في مناطق الحدود مع دول عربية مثل ليبيا والسودان وعدم بنائها على الحدود مع الدولة الصهيونية التي سعت بالفعل عقب ثورة يناير لبناء قاعدة عسكرية وتشكيل قوات جديدة لمواجهة الحكم الثوري الجديد في مصر مع تولي الرئيس مرسي الحكم، ثم الغت كل ذلك عقب انقلاب السيسي!!

ومع هذا قال مؤيدون للسيسي إن القاعدة موجهة لإثيوبيا وسد النهضة، وموجهة لمشاريع تركيا في المنطقة، وإنها ربما بدأ البناء فيها عقب سعي تركيا لما قيل إنه إنشاء قاعدة عسكرية تركية في سواكن السودانية رغم النفي التركي.

ولا شك أن بناء قواعد عسكرية في الغرب والجنوب دون بناء مثلها في الشرق قرب الحدود مع فلسطين المحتلة ودولة الاحتلال يؤكد ما تردد عن تغيير السيسي العقيدة العسكرية المصرية من اعتبار إسرائيل العدو التاريخي، إلى اعتبارها منذ انقلاب 2013 “صديقًا”، وأصبح العدو هو التيارات الاسلامية أو ما يسمى “الإسلام السياسي”.

ومن مفارقات القاعدة العسكرية الجديدة أنها ليست جديدة حسبما يؤكد خبراء عسكريون فهي قاعدة عسكرية كانت موجودة بالفعل منذ سنوات، ولكن تم تطويرها فقط، وموجودة منذ سنوات، ثم افتتاحها مثل قاعدة محمد نجيب العسكرية التي غرب البلاد كأكبر قاعدة عسكرية في الشرق الأوسط، ولكنها كانت موجودة أيضا من قبل وتم تحديثها وإخراج الأمر إعلاميا على طريقة السيسي بإنه إنجازات ضخمة له لإيهام الشعب!

وقبل افتتاح قاعدة برنيس كانت القاعدة البحرية الرئيسية للقوات البحرية المصرية على البحر الأحمر هي قاعدة سفاجا، وهي المقر الرئيسي لقيادة الأسطول الجنوبي المصري، ولا توجد قواعد أخرى إلا قاعدة السويس في الشمال.

قواعد مصرية يستخدمها الأمريكان؟

بموجب اتفاقات كامب ديفيد وتعهد امريكا بدفع أكثر من مليار دولار سنويا للجيش المصري كمساعدات عسكرية، تم الاتفاق بالمقابل، بموجب محاضر وتقارير في مكتبة لكونجرس، على تقديم مصر “تسهيلات عسكرية” للأمريكان ومنها السماح باستخدامها القواعد العسكرية المصرية في مهام حربية أمريكية، فضلا عن تسهيلات لعبور سفنه الحربية بسرعة في قناة السويس، وإعطائها الاولوية.

وقد استخدمت قاعدة “رأس بناس في حرب الخليج لضرب العراق وقاعدة بنى سويف الجوية حمت “المارينز” عقب مهمة عسكرية فى كينيا، والجيش المصري اشترك مع قوات إيساف في حرب أفغانستان بشكل غير معلنة وأعطيت موافقات على تسهيلات للقوات اﻷمريكية في مصر خلال حرب افغانستان بحسب صحف ومواقع أمريكية.

ولذلك قيل إن القاعدة العسكرية في مدينة سفاجا المصرية امريكية وأن مبارك اسسها ليتم استخدامها للطيران الأمريكي والإسرائيلي لضرب السودان واليمن وليبيا والتحكم في ملاحة قناة السويس.

وذكرت وكالة “ا ف ب” الفرنسية عام 2012 فى تقرير لها ايضا توجد فيها قاعدة جوية مصرية غربي القاهرة هي قاعدة القاهرة الغربية – كايير ويست”، وقاعدة قنا وقاعدة راس بناس على ساحل البحر الاحمر التي غالبا ما تستخدمها القوات الجوية الأميركية لأغراض التزود بالوقود ومهام دعم الجسر الجوي وطلبوا تخصيصا رسميا لهم ولكن تم رفض الطلب.

أيضا توجد قواعد مصرية تخدم أمريكا في منطقتي الغردقة وراس بناس اللتان تطلان على البحر الأحمر، ويتم استخدام هذه الموانئ في تقديم الدعم والمساندة لحركة القطع البحرية العسكرية الأمريكية التي تمر بشكل مستمر عبر البحر الأحمر بين البحر الأبيض المتوسط والمحيط الهندي.

وكان هناك حديث عن مشروع أمريكي-مصري، لإقامة قاعدة أمريكية في منطقة الصحراء الغربية في الجزء الجنوبي الغربي غير المأهول، وذلك لتكون بمثابة قاعدة استراتيجية ترتبط مع الأسطول السادس والقوات الأمريكية الموجودة في أوروبا، وذلك تمهيدًا لعليمات التغلغل العسكرية التي يخطط لها البنتاغون من داخل عمق الأراضي الافريقية، والان ظهرت هذه القاعدة في صورة “برنيس”، ما يشير لاحتمال بنائها أيضا لخدمة الأسطولين الجوي والبحري الأمريكي.

وحسب الكاتب والصحفي الأمريكي وليم أركِن في الجزء الخاص بمصر في مجلده الضخم “الأسماء المشفرة: “تعتبر مصر “أحد الشركاء العرب الصامتين، الذين يستضيفون القوات الأمريكية خفيةً، ويتعاونون مع المؤسسة العسكرية والأمنية الأمريكية، ويدعمون العمليات الأمريكية دائمًا تقريبًا” (الصفحة 110).

وحسب زعم “أركِن”، توجد قاعدتان عسكريتان تابعتان للقيادة الوسطى في مصر، بالإضافة لعشرين مرفقًا عسكريًا مصريًا، تحت تصرف القيادة الوسطى الأمريكية. وقد خزن العتاد الأمريكي بصمت في مصر، وأبقيت قواعد جوية وبحرية بأفضل حال لحساب القوات الأمريكية.

وقد نشر “المرصد الإسلامي” فيلمًا وثائقيًّا عن القواعد والقوات الأمريكية على أرض مصر المتمركزة في عدة محافظات موزعة، كما يلي:

قاعدة قنا الجوية بوادي شحات

ذكر تقرير عسكري أمريكي أن قاعدة قنا الجوية بنتها روسيا وسيطر عليها الأمريكان منذ آخر عهد السادات، وأن البنتاجون يستخدم قاعدة غرب القاهرة ووادي قنا باعتبارها قواعد أمامية، وأن أمريكا استخدمت قاعدة قنا كمحطة تزويد وتحضير ضمن عملية مخلب النسر لتحرير أسرى أمريكان من إيران في عام 1980.

قاعدة رأس بناس

سمح عبد الناصر للسوفييت بتأسيس قاعدة عسكرية لهم سنة 1964 في رأس بناس وبدءوا بناءها عام 1970، وظلت القاعدة سرية عن الجميع حتى كشفها صحفي إسرائيلي عام 1972، فقالت مصر إنها تبنى مطارًا للحجاج وكُذِّب هذا الكلام بتحقيقات دولية.

وفي فبراير 1979، شجع أنور السادات هارولد براون وزير الدفاع الأمريكي على استخدام القاعدة كمنشأة بحرية جوية أمريكية، ووقع في آخر زيارة له إلى واشنطن سنة 1981 على وثيقة تسمح لأمريكا باستخدام قاعدة وميناء رأس بناس، بالفعل جدد الأمريكان القاعدة والميناء ليؤهل لاستقبال العتاد لقوات “سينتوم” (وهو الإدارة المركزية المتحكمة في الشرق الأوسط) وتجهيز قاذفات قنابل بي 52 والناقلة الجوية سي 5، ومخازن ومحطات وقود وثكنات تسع 25 ألف جندي أمريكي بتكلفة مليار و400 ألف دولار.

وتم استخدام قاعدة رأس بناس في حرب الخليج ضد العراق لحماية بترول الكويت وبداية التدخل في بترول العراق، حتى تم بناء القواعد العسكرية الأمريكية في الخليج والسعودية.

قاعدة بني سويف الجوية

رسميًّا هناك وثيقة بين مصر والإدارة الأمريكية تتيح للأمريكان استخدام القاعدة فيما يرونه “صراعًا كبيرًا”، أما عمليًّا فتثبت الوثائق الأمريكية الرسمية استخدامهم هذه القاعدة في التدريبات العسكرية والدراسات البيئية، وفي خدمة وحدة “السينتوم” في الشرق الأوسط.

وقبل هذا كان للقوات الجوية الروسية مع نهاية يونيو 1970 السيطرة على 6 قواعد جوية في مصر، بأسوان وبني سويف وغرب القاهرة وإنشاص والمنصورة وجناكليز.

ومنذ 1983 أصبحت قاعدة بني سويف في يد الأمريكان، وتعاقدوا مع مصر على بناء 9 منشآت جديدة فيها، ووضعوها ضمن القواعد التابعة للسينتوم الأمريكي، كما تستخدم قاعدة بني سويف في الدراسات البيئية بوساطة مراكز أبحاث عسكرية أمريكية.

وقد اعترف “على الدين هلال” بوجود 3 قواعد أمريكية في مصر في عهد مبارك، حيث كتب فهمي هويدي في زاويته اليومية بجريدة «الشروق» في يناير 2011 عن مفاجأة من العيار الثقيل كشف عنها أمين الإعلام بالحزب الوطني الحاكم، الدكتور علي الدين هلال، حيث قال في مؤتمر جمعه بشباب الجامعات بالإسكندرية ــ وحسب ما جاء في خبر بجريدة الوفد يوم الجمعة 7/8 عام 2010: «وجود 3 قواعد عسكرية لطائرات أجنبية على أرض مصر”!!

وقد جاءت في تقرير عن مجالات التعاون العسكري بين مصر وأمريكا ــ صادر عن تقرير واشنطن: العدد 223 بتاريخ 15 أغسطس 2009 ما نصه: تجري الدولة مناورات مشتركة دورية تحت مسمي «مناورات النجم الساطع بمشاركة عدد من الدول الأوربية الأعضاء في حلف الناتو، وفي عام 2008 جرت مناورات بحرية مشتركة تحت اسم «تحية النسر».

وأشار الباحث الأمريكي المتخصص في الشئون العسكرية ماثيو الكسلرود في مجلة «بوليتكس ديفبو» في يونيو 2009 «أن مصر قد قدمت للولايات المتحدة تسهيلات عسكرية متعددة في الفترة بين عام 2005 لا سيما السماح لحوالي 35 ألف انطلاقة طيران أمريكية بعبور مجالها الجوي وحوالي 850 شحنة بحرية للمرور عبر قناة السويس» وهو حجم كبير من التسهيلات يجعلنا نتساءل عن خارطة التسهيلات الأرضية التي خرجت منها أو جاءت إليها تلك الطلعات الجوية وكذلك مراكز التجمع للمارينز.

ومع هذا نفي العقيد أحمد علي المتحدث العسكري السابق للقوات المسلحة في فبراير 2013 وجود قاعدة عسكرية في مصر، وعدم علم القوات المسلحة بها، مؤكدا أن ما يوجد في مصر هو فقط معسكرين للقوة متعددة الجنسيات في سيناء وفقا لاتفاقية السلام مع إسرائيل!

والحقيقة أنها ليست قواعد دائمة ولكنها تستخدم كقواعد دون بقاء القوات الامريكية فيها!