هندسة برلمان السيسي بـ”القائمة المغلقة”.. رعب من تراجع الشعبية بعد كوارث الاقتصاد

- ‎فيتقارير

لعلَّ ما اتضح مؤخرًا من أن هناك حالة من الغضب الواسع بين نواب البرلمان الانقلابي بشكل عام، بسبب إصرار الدائرة المحسوبة على قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي على إجراء مسرحية انتخابات برلمان العسكر المقبلة، وفق نظام القائمة المغلقة بنسبة 75%، مقابل 25% فقط للنظام الفردي، يؤكد قلق الانقلاب من تغييرات المزاج المصري على كل ما يمت للسيسي، بعد أن فقد بريقه الكاذب، وتسبّب في إفقار أكثر من ثلثي المصريين عبر سنوات انقلابه الست الماضية.

وتعمل دائرة السيسي الجهنمية على تعديل النظام الانتخابي، والذي يجرى إعداده حاليًا في صيغة مشروع قانون حكومي، سيتسبّب في مشاكل كبيرة للنواب، لا سيما القدامى منهم، والذين ما زالوا يتمتعون بقبول داخل دوائرهم الانتخابية ارتباطا بعائلاتهم. وأبرز التعديلات توسعة النطاق الجغرافي للدوائر بشكل غير مسبوق للنظام الفردي، إذ تشمل الدائرة الواحدة 6 أو 7 مراكز انتخابية، بدلا من مركز أو اثنين كما هو الواقع حاليًا.

ويرفض الكثيرون من مؤيدي السيسي إجراء أي انتخابات وفق القائمة المغلقة، ومنهم الحزب الناصري الذي يفضل نظام القائمة النسبية المفتوحة التي تتيح الفرصة لكل  من يريد المشاركة، بحسب تصريحات الحزب، كما أن نظام القائمة المغلقة يفتح الباب على وسعه لسيطرة أصحاب المصالح ورجال الأعمال على المجالس النيابية؛ لأنه سيجعل المال السياسي هو من يسيطر على العملية الانتخابية.

فيما يرى حزب التجمع أن إجراء الانتخابات بالقائمة النسبية المفتوحة غير المشروطة يتيح الفرصة للجميع الذين يرغبون في المشاركة.

المشروع الحكومي يعني تقلُّص فرص الأحزاب وخاصة الأحزاب التي لا تمتلك الإمكانات المالية والتربيطات مع رؤساء القبائل والعصبيات، ويرى البعض أن إقرار نظام القوائم المغلقة سيكون المسمار الأخير في نعش شعارات الديمقراطية المفقودة بنظام السيسي.

إعادة سلاح المال

وقال المهندس أحمد بهاء الدين شعبان، رئيس الحزب الاشتراكي المصري: إن هناك حالة من الترقب لدى الأحزاب انتظارًا لإقرار البرلمان لقانون انتخابات مجلسي الشيوخ والنواب؛ خشية تطبيق نظام القوائم المغلقة في الانتخابات القادمة، لأنه يمثل مشكلة للوضع السياسي العام، خاصة أن هذا النظام يعيد سلاح المال مرة أخرى في الانتخابات عن طريق رجال الأعمال، خاصة وأن هناك تفاوتًا كبيرًا بين الأحزاب فيما يتعلق بالإمكانات المالية.

وأضاف شعبان أن الأحزاب اليسارية والاشتراكية لا يمكنها المنافسة في ظل القوائم المغلقة التي تعتمد على التربيطات والتنسيق مع العصبيات القبلية، والإمكانيات المالية اللازمة للإنفاق على الدعاية، في وقت لا تملك فيه أحزاب اليسار سوى طبع برامج للمرشحين وقيام المرشحين بتحمل مصاريف الدعاية، وبالتالي الأحزاب اليسارية لم يعد أمامها إلا الدخول في قوائم متحالفة أو المقاعد الفردية.

إغلاق الحياة الحزبية

وقال عبد الغفار شكر، مؤسس حزب التحالف الشعبى والقيادى اليسارى، إن إجراء انتخابات مجلس الشيوخ والنواب بنظام القوائم المغلقة سيؤثر بالسلب على كل الأحزاب السياسية وليس اليسار فقط، فيما عدا التابعين للحكومة، لأن القائمة المغلقة أما أن تنجح جميعها أو ترسب جميعها، الأمر الذي يعنى إغلاق الطريق أمام التعددية الحزبية.

وأضاف شكر أن اليسار المصري يعاني من مشكلات عديدة لعدم توفر الإمكانيات المالية اللازمة للإنفاق ودعم المرشحين وتشكيل قوائم انتخابية، وبالتالي يتقلص دوره وفرصه في المنافسة في الانتخابات المقبلة سواء الشيوخ أو النواب، الأمر الذي يعنى أن نظام القوائم المغلقة سيكون بمثابة المسمار الأخير في نعش اليسار المصرى؛ نظرا للإمكانيات المالية التي لا تتوفر له، وبالتالى نظام القوائم النسبية غير المشروطة الأفضل.

مخاوف نواب الانقلاب

وبحسب مراقبين، فإن تخصيص نسبة 25% للنظام الفردي يُقصي أكثر من 50% من نواب البرلمان الحاليين؛ لعدم قدرتهم على الحصول على أصوات الناخبين من خارج مناطق نفوذهم، وهو ما يعزز من فرص رجال الأعمال من دون غيرهم، والذين يستطيعون صرف ملايين الجنيهات على الدعاية الانتخابية في تلك المساحات المترامية، باعتبار أن دوائر المحافظة الواحدة ستكون بين دائرة واحدة إلى ثلاث دوائر على أقصى تقدير.

كما أن منح نسبة 75 في المائة للقوائم المغلقة يُهدر أصوات نحو 49 في المائة من الناخبين، لأن إعلان فوز هذه القوائم كاملة يكون بحصولها على 51 في المائة من أصوات الناخبين.

وبحسب مصادر برلمانية، من المرتقب أن يطرح مشروع قانون الحكومة على البرلمان مطلع العام الجديد، وذلك وفق نظام القائمة المغلقة بنسبة 25 في المائة المخصصة للمرأة، مقابل نسبة 75 في المائة للنظام الفردي، حيث إن النظام الانقلابي يرفض الأخذ بأي نسبة لنظام القائمة النسبية، والتي تسمح بتمثيل أوسع للأحزاب، وعدم إهدار أصوات الناخبين كالقائمة المغلقة، حتى يضمن سيطرته الكاملة على تشكيل مجلس النواب المقبل، ومنع تسرب أي نائب من مجموعة تكتل (25-30)، الذين سجلوا مواقف معارضة لتوجهات السيسي في المجلس الحالي.

وبحسب المصادر، فإن قوائم انتخابات مجلس نواب العسكر تُجهز بالتنسيق بين مؤسسة الرئاسة وبعض الأجهزة الأمنية، ومن المقرر أن تُطعم بأسماء العشرات من أعضاء الأكاديمية الوطنية لتدريب وتأهيل الشباب التابعة للرئاسة، الأمر الذي سيتبعه بالضرورة الإطاحة بعدد غير قليل من أعضاء البرلمان الحاليين، كون ائتلاف “دعم مصر” سيُعلن عن حل نفسه بانتهاء الفصل التشريعي الحالي وفقا للائحة البرلمان.

ويستهدف النظام الانتخابي الجديد إقصاء أي صوت معارض تحت قبة البرلمان، حتى وإن كان معتدلا، و”يرغب في الإصلاح من الداخل”، بيد أن تلك الأصوات تسبب حالة من الحرج للنظام عبر وسائل الإعلام، وذلك في إطار سياسة التضييق على الأحزاب الليبرالية واليسارية التي تتخذ مواقف مناوئة للنظام، وقصر عضوية البرلمان على المدعومين وحدهم من الأجهزة الأمنية.