“ورثة إعلام النكسة”.. مخابراتيون يعشقون الديكتاتور وهزائم التضليل تظهر فجأة

- ‎فيتقارير

في ذكراها الـ53، تمر سحب النكسة محملة بميراث تعبوي طغى على عقلية بسطاء الناس، وحوّل وعيهم إلى التغني بأمجاد الزعيم الذي أضاع كل شيء وبقي وحيدًا فوق تلال جماجم من 20 ألف مصري وعربي، جراء صنيعته الهزيمة، والتي نجح أحمد سعيد، مذيع إذاعة صوت العرب، في تغيير المفهوم وفق توجيهات مخابرات صلاح نصر إلى “نكسة”، في وقت كان الصهاينة أقرب ما يكون من القاهرة والمسجد الأقصى والضفة وسيناء وأجزاء واسعة من الضفة الغربية.

بالمقابل، تنطلق أذرع عبد الفتاح السيسي الإعلامية ومؤسساته وفضائياته وصحفه البديلة اسمًا لكيانات عبد الناصر، بعد لقاءات متكررة، للحديث عن الأخطار “فيخرج هؤلاء، يحكي كل منهم قصة، ويروي رواية عن إيماءة من السيسي أو نظرة منه، أو لفظة مهمة أو جملة موجزة معبرة، بحسب الإعلامي سلامة عبد الحميد.

ضياع المقدرات

ذكرى نكسة ٦٧ وجرائم العسكر تكشف أن السياسات لم تختلف في الترويج للفشل، بما يسميه أستاذة وخبراء الإعلام “الدعاية السوداء” أو “التضليل الإعلامي”.

يقول الناشط مجدي أنيس: إنه “نموذج واحد من إعلام فاسد لم يتغير.. إعلام أحمد سعيد وشركاه وورثة إعلامه العفن الفاسد الكاذب المضلل بأننا دمرنا للعدو كل طائراته، بل وطائرات اللي اتشدد له، وأننا على حدود تل أبيب.. وجنودنا يُقذفون بالطائرات ويموتون بالآلاف في الصحراء وطائراتنا تُضرب في مطاراتها دون خروج، وطائرات العدو أصبحت على مسافة ٣٠ كيلو من القاهرة، ولكنهم يشفقون علينا بمبدأ “كفاية عليهم كدا” ويعودون، وما زالت التنازلات مستمرة والفساد الإعلامي مستمر والهزائم مستمرة”.

كرامات الملهم المالية، تحرمهم من التوقف عن الكذب أو حديث النفس بالإفاقة، رغم ما يرونه من هزائم أحاطت من قبل بالقائد الانقلابي عبد الناصر وكرامات التلميذ البليد السيسي، وكلاهما أدمن تضييع مقدرات الأمة فتنازل الملهم عن السودان وألحقها بغزة وأضاع خزينة عامرة من الذهب في اليمن، وصناعة صواريخ “القاهر” و”الظافر”، وبدد عساكره في حرب “الكونغو” فضلا عن تضييع في الجعجعة أمام العدو الصهيوني.

نصيحة أحمد سعيد

عبد الناصر نفسه أدمن الاستماع إلى كذبات أحمد سعيد، والتي كانت تبعث لديه ولدى المؤيدين لجبروته اطمئنانا، فأبقى على “سعيد” بصوته المميز حيث لم يمكنه استبداله في الفترة من  سنة 1953 إلى 1967، ولكنه فجأة تخلص من رجل خدمه نحو 14 عاما محملا إياه بيانات المخابرات وخطابات الجعجعة.

ورأى أحمد سعيد أن السيسي يفتقد عدم وجود خط سياسي عام ووضوح رؤية لتفاصيل هذا الخط العام، فعبد الناصر بعد الثورة كشف عن وجهه، قائلا: “أنا بتاع الفلاحين”، مضيفا، “لكن للأسف الشديد السيسي أعلن عن نفسه برجال الأعمال، لكن أرجو أن يكونوا على مستوى الاختيار”.

مسئولو الكذب

وفي تصريحات السفير المصري مراد غالب لـ”الجزيرة”، أشار إلى أن وزير الدفاع المارشال جريتشكو- أحد أبطال الحرب العالمية الثانية وقائد حملة طرد النازيين إلى برلين، ورئيس الوزراء ألكسي كوسيجين، نقل لشمس بدران، نائب وزير الدفاع عبد الحكيم عامر تأكيدا أن “إسرائيل” أعلنت أنها لا تريد مهاجمة سوريا مثلما كان رائجا وقتها، كما أعلنت أنها لا تريد الدخول في حرب مع مصر، وبالتالي تحققت للقاهرة مكاسب سياسية مهمة، ولا معنى للتصعيد الذي يقوده نظام عبد الناصر.

وكانت رسائل السوفيت لمصر عبر شمس بدران، أن موسكو لن تحارب إلى جانب القاهرة، لكن المسئول المصري رجع إلى بلده وأكد للجميع أن السوفيت كشفوا له أنهم إلى جانبهم قلبا وقالبا، وأنه في حال دخلت الولايات المتحدة الحرب فستجعل موسكو من سفن الأسطول السادس الأمريكي في المتوسط “علب سردين”!

الزعيم لا يقاطع

سلامة عبد الحميد يصف مواقف لهذا الفعل كثيرة، تكشف تخلي هؤلاء الإعلاميين عن خبرتهم وكشفهم لكذب السيسي، الذي يحدثهم عن المؤامرة الكبرى التي تدبرها قطر وتركيا مع التنظيم الدولي للإخوان لإسقاط الدولة، ثم ينتبه إلى أن قصة إسقاط الدولة المصرية تعني أنه شخصيا عاجز عن المقاومة، فيقرر أن يوسع المدار ليتحدث عن إسقاط الوطن العربي كله.

ويضيف “أراجوزات أو مخبرين، فإن أيا منهم لم ينتبه إلى خطورة ما يقوله السيسي، فالعسكري القصير قدم دعاية مجانية لعدد من الكيانات الإعلامية الجديدة دون أن يدري، ووضع ما يصوره دولة الانقلاب العظمى في مواجهة مباشرة مع شركات إعلامية”.

ويضيف “مفتونون بالجلوس في حضرته، لا يستطيع أيهم أن يناقشه أو يراجعه، فإن أحدا منهم لم ينبس ببنت شفة”.

ويستدرك “رغم أن بعضهم يدرك أن ما يقوله خطأ شنيع على دولة الفساد الجديدة التي باتوا ضمن أركانها وباتت مصائرهم مرتبطة ببقائها”. ويخلص إلى أن “الإعلام المصري في حالة يرثى لها، لسنا في حاجة إلى أدلة على هذا”.