يوسف ندا: سيظل “عاكف” رقمًا بارزًا في التاريخ

- ‎فيأخبار

 

كتب– عبد الله سلامة
نعى القيادي بجماعة الإخوان المسلمين، يوسف ندا، الشهيد محمد مهدي عاكف، المرشد السابق لجماعة الإخوان المسلمين، والذي ارتقى شهيدا جراء الإهمال الطبي في سجون الانقلاب.

وقال ندا، في بيان له: إن "مهدي عاكف مهّد الطريق ليس لجيل واحد، بل لأجيال حاضرة وأخرى قادمة، ليعبروه إلى العزة والكرامة التي وئِدت وأصبحت ذكرى لا وجود لها إلا في كتب التاريخ الذي يحاولون تشويهه".

وأكد ندا أن مهدي عاكف سيظل رقما بارزا في مكتبات التاريخ الإسلامي وأدبيات الفداء والتضحية، مشيرا إلى أنهم سجنوه وعذبوه وشردوه وأحاطوا بجسده ثم بعائلته، واستعصم بإيمانه، وظلوا ينقلونه من سجن لآخر من شمال البلاد إلى جنوبها ولم يستسلم.

واختتم ندا بيانه قائلا: "أخي عاكف.. أشهد أنك أديت الأمانة ونصحت الأمة قدر استطاعتك، وتحمّلت في ذلك ما لا طاقة لغير مثلك أن يتحمّلها، ولعل قرب سني من سنك يدفعني إلى الدعاء.. اللهم احشرني معك ومع الشهداء والصالحين".

وإلى نص البيان

بِسم الله الرحمن الرحيم

الحركة الإسلامية التي أنجبت "عاكف" ولاّدة

مهدي عاكف مهّد الطريق ليس لجيلٍ واحدٍ، بل لأجيال حاضرة وأخرى قادمة، كي يعبروا إلى العزة والكرامة التي وُئِدت وأصبحت ذكرى لا وجود لها إلا في كتب التاريخ الذي يحاولون تشويهه. الأجيال التي لم تجد من ينبش قبور شهدائها، ليُنادوا.. ويلكم لقد قاد أسلافكم العالم وأصبحتم يقودكم الرعاع من الخونة والسفاكين.

مهدي عاكف فرض بثباته على ما يؤمن به مثالا يقتفي أثره، من آمن بأن الإسلام له رب يحميه، وسيظل عصيًّا على من يحاول وقف مسيرته، ولو ملك كل أدوات القهر والتدمير.

مهدي عاكف سيظل رقمًا بارزًا في مكتبات التاريخ الإسلامي وأدبيات الفداء والتضحية، سجنوه وعذبوه وشردوه وأحاطوا بجسده ثم بعائلته واستعصم بإيمانه، ظلوا ينقلونه من سجن لآخر من شمال البلاد إلى جنوبها ولم يستسلم.

انتزعوه من الحضر إلى الصحراء، حيث لا يوجد إلّا الرمال والحجر، وقذفوه فيها مع إخوانه الأطهار، حيث لا طعام ولا ماء.

ودارت دورة من دورات التاريخ، وأراد له الله أن يقود أكبر مسيرة من مسيرات الإسلام في العصر الحديث، لا يفرق بها بين عربي وأعجمي، أو بين أبيض وأسود، أو بين غني ومعدم، فالكل كما نشأ عاكف وتعلم، واستمر يدعو في مسيرة عمره وينادي (كونوا عباد الله إخوانا)".

كان يؤمن بأن مصر لا تشمل كل العالم الإسلامي، ولكن العالم الإسلامي يشمل مصر وغيرها، يجب ألا يقف المسلم عند تحرير مصر ونهضتها، بل يستمر ليعمّ ذلك، وإلا ستتحارب أجزاؤه فيما بينها إن لم تؤمن بذلك؛ إيمانا منه بقول الله (إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ).

هكذا آمن وهكذا دافع عن إيمانه باللغة التي يفهمها محاوروه، ففصلوها من سياقها، وظلوا حتى الآن يهاجمونه بها.

كان يحث كل مصري على أن يضع أمامه مرآة التاريخ، ويفحص تفاصيل أحداثه وأوجاعه حتى لا يكررها، فقد تم إخلاء الدولة من العقول والمعقول، حتى سكت صوت العلم والعقل، وضعف على غير استحياء، بل وتلاشى الفهم الصحيح للعزة والكرامة والحرية والشهامة والأخوة والتضحية، وشوهت واجبات الحاكم من أنه خادم الأمة ومصلحها وولي أمرها، إلى أن أصبح جبّارها وسيدها، واستدعى فقهاءه وليس فقهاء الدين ليطالبوا بطاعة ولي الأمر، فنادى عاكف نداء الله (ولا تطيعوا أمر المسرفين الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون).

مهدي عاكف كان سدا منيعا أمام محاولات اغتيال القواعد الخلقية والمثل الإنسانية، التي أريد بها إلهاء المجتمعات في العالم الإسلامي.

مهدي عاكف كان أكبر همّ يشغله كيف يوقف رحلة الانحدار والانتحار التي يراد لهذه الأمة أن تسلكها بجهل أو بعدم مبالاة.

أخي عاكف.. أشهد أنك أديت الأمانة ونصحت الأمة قدر استطاعتك، وتحمّلت في ذلك ما لا طاقة لغير مثلك أن يتحمّلها، ولعل قُرب سني من سنك يدفعني إلى الدعاء.. اللهم احشرني معك ومع الشهداء والصالحين.