«الشيخ كشك».. فارس المنابر الذي أطلق “يسقط حكم العسكر”

- ‎فيتقارير

كتب سيد توكل:

في هذه الأيام التي تعاني فيها مصر من الانقلاب العسكري، وبعض بلاد المسلمين من إجرام العسكر مثل سوريا واليمن، نرى شيخنا القدير عبدالحميد كشك -رحمه الله-، يقدم لنا رأيه في الانقلابات العسكرية، وما يترتب عليها فيقول:

"أيها الإخوة الأعزاء اسمعوا هذه الحقيقة صريحة: أي انقلاب عسكري في أي دولة عربية تباركه أمريكا وروسيا؛ لتحقيق ثلاثة أهداف: الهدف الأول: القضاء على الإسلام، الهدف الثاني: تمزيق الصف العربي والإسلامي، الهدف الثالث: تثبيت مركز إسرائيل في المنطقة".

اسألوا التاريخ عما جرى لأمة الإسلام، الإسلام الصحيح وراء القضبان، إسرائيل تعربد في منطقة المسلمين، العرب ممزقون ومسحولون، ولا يسعنا إلا أن نقول: حسبنا الله ونعم الوكيل". (استمع إلى نظرة الشيخ كشك الثاقبة في الانقلابات العسكرية منذ أكثر من 20 عامًا، على هذا الرابط:

فمن هو فارس المناير؟
المولد والنشأة
في العاشر من مارس عام 1933م ولد الطفل "محمد عبدالحميد عبدالعزيز كشك"، في بلدة شبراخيت، وهي إحدى مراكز محافظة البحيرة في شمال دلتا مصر بجمهورية مصر العربية- وكان ترتيبه الثالث بين إخوته الستة- لوالد ليس من ذوي البسطة في المال.

ولد الشيخ كشك سليمًا معافى البدن، ولكن حين بلغ السادسة من عمره أصيبت عيناه برمد صديدي، فذهبت به أسرته إلى (حلاق القرية) لعلاجه، ونتيجةً الطريقة البدائية الخاطئة التي عولج بها فَقَد عينه اليسرى وضعفت عينه اليمنى، وبعد هذه الحادثة اتجه الطفل عبد الحميد إلى حفظ القران الكريم ليعوض نفسه عن ضعف نور البصر باكتساب نور البصيرة، فأتم حفظ القرآن ولمّا يبلغ الثلاثة عشر عاماً، ليذهب بعد ذلك إلى الإسكندرية للالتحاق بالمعهد الديني هناك.

ظل الشيخ كشك يبصر بعين واحدة، ثم بدأت هذه العين (اليمنى) تزداد ضعفًا على ضعف، إلى أن جاءت اللحظة الفاصلة عندما كان التلميذ عبد الحميد كشك يؤدي امتحان الشهادة الابتدائية، وبعد أن فرغ من الإجابة على الأسئلة رفع يده إلى السماء- ليشكر ربه على ما وهبه من توفيق- فلم يرها، وبعدها بعث إلى والده كي يأتي لأخذه من الاسكندرية ويعود به إلى القرية، وحينما حضر والده كان الشيخ كشك تسيطر عليه حالة من الحزن المستعصية، فهوَّن عليه والده وأخبره بأنه سيعمل بكل ما أوتي على علاجه حتى لو اضطر إلى بيع الثوب الذي عليه، وتوالت محاولات علاج الشيخ كشك بزيارة عدد من الأطباء، ولكن لم تفلح محاولاتهم في العلاج، حيث كانت إصابة عينه بالجلوكوما (المياه الزرقاء)، ليعيش شيخنا الجليل كفيفاً بقية عمره، منذ تلك اللحظة.

تحذيره من مغامرات العسكر ونكسة 1967م
في عام 1960م أرسل عبد الناصر قوات مصرية إلى الكونغو لدعم الزعيم الإنجوليلومومبا، وهي المغامرة التي قيل أنها استنزفت نصف احتياطي مصر من الذهب.

وفي 26 سبتمبر 1962م أرسل جمال عبد الناصر القوات المسلحة المصرية إلى اليمن لدعم الثورة اليمنية التي قامت على غرار الثورة المصرية ومحاكاة لها، في حين أيدت المملكة السعودية الإمام اليمني المخلوع، وهو ما أدى إلى توتر العلاقات المصرية السعودية، ويذكر معارضو عبد الناصر "بأن ذلك كان له أثره السيئ في استنزاف موارد مصر وإضعاف قوتها العسكرية (وهو ما ندد به الشيخ كشك في أحد دروسه- استمع إلى الرابط:

وكانت أبرز عواقبه الوخيمة تلك الهزيمة العسكرية الفادحة التي منيت بها القوات المسلحة في حرب 1967م".

وفي 5-6-1967م قصف سلاح الطيران الإسرائيلي جميع المطارات العسكرية لدول الطوق (مصر، وسوريا، والأردن) واستطاع تدمير سلاح الطيران المصري على الأرض، وشن ما عرف باسم النكسة ،أو حرب يونيو، أو حرب الأيام الستة..وهي حرب شنتها إسرائيل، وانتهت سريعًا في ستة أيام بانتصار إسرائيل، وقتل الآلاف من الجنود المصريين أثناء انسحاب الجيش المصري غير المخطط له من سيناء، مما أدى إلى سقوط شبه جزيرة سيناء في يد إسرائيل، واستيلائها على مساحات كبيرة من الأراضي العربية المحتلة، تفـوق بكثير مساحتها الأصلية البالغ قدرها 20.700 كم مربع، وتمثلت هذه المساحات في:

قطاع غزة- الذي كان تحت الإدارة المصرية- (363 كم مربع).
سيناء المصرية (61.198 كم مربع).
الضفة الغربية، بما فيها القدس- التي كانت تحت الإدارة الأردنية- (5878 كم مربع).
مرتفعات الجولان السورية (1150 كم مربع).

وبذلك أصبحت جملة الأراضي التي تسيطر عليها إسرائيل 89.359 كم مربع. وأدى ذلك إلى تحسين الوضع الجغرافي- الاستراتيجي لإسرائيل إلى درجة كبيرة، نظراً لأن هذه الأراضي أضافت عمقاً استراتيجياً أفضل بكثير مما كان متاحاً لها قبل ذلك (استمع إلى أسباب هزيمة 1967م في نظر الشيخ كشك على هذا الرابط: 

فقد البصر ونور البصيرة
وقد أدت الحرب لمقتل 15000-25000 إنسان في الدول العربية، مقابل 800 في إسرائيل، وتدمير 70-80% من العتاد الحربي في الدول العربية، مقابل 2-5% في إسرائيل، إلى جانب تفاوت مشابه في عدد الجرحى والأسرى؛ كما كان من نتائجها صدور قرار مجلس الأمن رقم 242، وانعقاد قمة اللاءات الثلاثة العربيّة في الخرطوم، وتهجير معظم سكان مدن قناة السويس.

وكان لهذه النتيجة العسكرية المادية آثارها المعنـوية السيئة في الجانب العربي، كما أنها رفعت في الوقت نفسه معنويات الشعب والجيش في إسرائيل إلى درجة كبيرة، وأوجدت ثقة مبالغ فيها في القدرة العسكرية الإسرائيلية داخل إسرائيل وخارجها، بل وفي قطاعات مهمة من الرأي العام العربي أيضاً.

كما كانت الخسائر الاقتصادية التي ترتبت على حرب 1967م فادحة؛ إذ كان لا بد من امتصاص آثارها عسكرياً وسياسياً واقتصادياً.

وفي إطار ذلك اضطر نظام الانقلاب العسكري إلى ترشيد استخدام الموارد وتحويل جزء منها للأغراض العسكرية، فاتخـذت حكومة الانقلاب عديدًا من الإجراءات للحد من الاستهلاك، وتعديل الميزانية، ورفع أسعار بعض السلع والخدمات، وفرض ضرائب إضافية، وزيادة نسب الادخار الإجباري للعاملين المدنيين، خاصة  أن الزيادة في النفقات العسكرية لم تصاحبها زيادة في الموارد الكلية، بل إن كثيراً من موارد الدولة قد اعتراها النقص.

كما تأثرت الطاقة الإنتاجية بسبب الحرب، وبالذات في منطقة القناة، مما أدى إلى تهجير سكانها، ونشوء الحاجة لموارد إضافية لإعادة تسكينهم بعيداً عن المناطق العسكرية، فما أشبه كوارث الليلة بالبارحة ورحم الله مولانا الشيخ "كشك" فارس المنابر والذي أطلق النداء الأول :" يسقط يسقط حكم العسكر"!