ما ضاع حق وراءه ثوار.. دستورية ليبيا تنتصر للثورة وتحالف حفتر فقد شرعيته

- ‎فيتقارير

لم تفلح الجولات المكوكية للتحالف «الإماراتي-المصري» في الفتّ من عضد الثوار.. ولم تنل الغارات «المجهولة» من عزيمة الأحرار.. ولم ينجح «برلمان حفتر» اللقيط في سحب الثقة من أحفاد عمر المختار، لتجد المحكمة الدستورية العليا في ليبيا نفسها مجبرة على الاعتراف بالشرعية الوحيدة في بلد «17 فبراير» وهي مكتسبات الثورة التي أطاحت بالطاغية معمر القذافي.


ثبات الثوار في ربوع ليبيا في مواجهة الآلة العسكرية لمليشيات الجنرال المتقاعد خليفة حفتر رغم تدفق الدعم الخليجي بالمال والعتاد والمرتزقة، من أجل استنساخ التجربة المصرية بالقضاء على الثورة واستعادة العسكر مقاليد الأمور، ونجاحها في إنزال الهزائم المتوالية ميدانيا في كل مواجهة من قوات الانقلاب رغم تضييق الخناق على «فجر ليبيا» وأخواتها بضم السودان والجزائر والمغرب إلى الحلف الإماراتي، نصب سيف العدالة على رقاب «الدستورية».


المحكمة الدستورية العليا في ليبيا لم تمضِ على خطى نظيرتها في مصر بالتبعية للحكم العسكري وإطلاق الأحكام المسيسة، وإنما فرض عليها الثوار وأصحاب الميدان الاستناد إلى العدالة، فخرج حكمها قاطعا بعدم شرعية برلمان طبرق، وهو ما يعد انتصارا كبيرا يصب في صالح الثورة الليبية.


وينزع قرار المحكمة الشرعية المزعومة عن برلمان طبرق، ويردها إلى المجلس الوطني الليبي المنعقد في طرابلس، ليكون المجلس الشرعي الوحيد المعبر عن الشعب الليبي، وتكون الحكومة المنبثقة عنه هي الحكومة الوحيدة التي تدير شئون البلاد وتمثل الشعب الليبي في الخارج.


قرار المحكمة أسدل الستار على مجمل المؤامرات ومحاولات تقويض دعائم الثورة الليبية والتي يقودها قائد الانقلاب في مصر وآل زايد وآل سعود، والتي كان آخرها محاولة تأسيس تحالف عسكري يتدخل في الشأن الليبي ويسعى لتوجيه ضربة عسكرية للثوار، فضلا عن الزيارات المكوكية الإماراتية في السودان والجزائر والمغرب لتقويض الثورة وقطع الإمدادات عن الثوار.


ويعتبر حكم الدستورية بمثابة بطلان لحكومة عبد الله الثني المنبثقة عن مجلس طبرق غير الشرعي، وأصبح لليبيا برلمان واحد هو المجلس الوطني الليبي وحكومة واحدة هي المخولة بإدارة شئون البلاد.


«حل برلمان حفتر» كشف الغطاء عن مزاعم حكومة الانقلاب في مصر بالشرعية في ليبيا لتبرير الاعتداءات التي يمكن أن توجهها للثوار، وتبرير الغارات الجوية المصرية التي طالت معاقل الثوار في طرابلس وبنغازي والتي كشفت عنها قوات فجر ليبيا.


من جهته، أكد مصدر في مجلس "شورى ثوار بنغازي"، أن "حكم المحكمة الدستورية اليوم بحل برلمان طبرق، جاء بعد عدد من الزيارات واللقاءات المعلنة والسرية على مستوى دبلوماسيين عرب وأجانب، وهو ما يشير إلى أنه ربما يكون هناك قناعة لدى الأطراف الدولية بصعوبة إنهاء الأزمة في ليبيا عبر الكتائب المسلحة".


وسارع "المؤتمر الوطني العام" إلى مطالبة "أعضاء مجلس النواب المجتمعين بمدينة طبرق بـ"قبول حكم المحكمة العليا وتغليب مصلحة الوطن"، موضحًا أن الحكم الصادر عن المحكمة هو انتصار للوطن وليس انتصارًا لطرف سياسي على الآخر.


ودعا -في بيان- الأمم المتحدة ودول العالم إلى الاعتراف بسيادته وكذلك حكومة الإنقاذ المنبثقة عنه، مرحبا بالحكم الصادر اليوم من الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا والذى قضى بعدم دستورية الانتخابات البرلمانية الأخيرة من خلال إلغاء التعديل الدستورى السابع وهو ما يعنى عدم شرعية برلمان طبرق والحكومة المنبقة عنه.


وأعلن المؤتمر امتثاله للحكم كما امتثل من قبل لحكم المحكمة السابق بإلغاء حكومة أحمد معيتيق التى شكلها المؤتمر، قائلا: «ها هو المؤتمر الوطنى العام رئاسة وأعضاء يعلن امتثاله لحكم المحكمة العليا إلغاء التعديل الدستورى السابع، هذا الحكم الذى بموجبه يعتبر مجلس النواب كأن لم يكن وكل ما صدر عنه من قرارات وإجراءات هى فى حكم العدم".


بدوره، طالب محمد صوان -رئيس حزب العدالة والبناء- الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في ليبيا، كافة الدول الشقيقة والصديقة والمجتمع الدولي والمؤسسات الدولية والتي وقفت مساندة للشعب الليبي في ثورته ضد الظلم والاستبداد، أن تدفع باتجاه احترام حكم المحكمة والاعتراف بالمؤسسات الشرعية".


وقال صوان إن حكم الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا هو انتصار للوطن وبداية لتأسيس دولة المؤسسات والقانون، متمنيا أن يكون الحكم بداية لرأب الصدع بين الليبيين وحقن الدماء في كافة المدن الليبية التي تعاني من انعدام الأمن ونقص الخدمات".


من جهته دعا المكتب السياسي لحزب "التغيير الليبي" الليبيين وأعضاء نواب طبرق إلى "الامتثال لحكم المحكمة"، مشيراً إلى أن "الحكم الذي يعدّ حكماً نهائياً يعتبر انتصاراً لمبدأ سيادة القانون واستقلال القضاء، وسيسهم بقوة في بناء دولة المؤسسات والفصل بين السلطات". 


دوليا، أكدت بعثة الأمم المتحدة لدعم ليبيا أنها تقوم حالياً بدراسة عن كثب لقرار المحكمة العليا الليبية"، مضيفة: "نجري بهذا الصدد مشاورات بشكل وثيق مع القوى من كافة الأطياف السياسية الليبية والمجتمع الدولي"، مؤكدة أنه "في هذه اللحظة الحرجة، تدعو البعثة جميع الأطراف إلى إعلاء المصلحة الوطنية فوق أي اعتبار". 


وسارع برلمان طبرق إلى رفض هذا الحكم، مشدداً على أنه لا يعترف بالمحكمة. موضحا -في مؤتمر صحفي بحضور رئيسه عقيلة صالح قويدر- أن «مدينة طرابلس التي عقدت فيها جلسة الدائرة الدستورية للمحكمة العليا وأصدر فيها الحكم، مدينة خارج سيطرة الدولة الليبية وتحكمها ميليشيات لا تتبع الدولة، ما يعني أن الحكم صدر تحت تهديد السلاح».


المظاهرات الحاشدة خرجت في ميدان الشهداء بطرابلس ترحيبا بقرار المحكمة العليا، كما تظاهر الآلاف في مدن مصراتة والزاوية وغريان وزوارة وفي مدن أخرى بالجبل الغربي "جبل نفوسة" ابتهاجا بالحكم.


ووسط أجواء من الفرحة، أكد صالح المخزوم -النائب الثاني لرئيس المؤتمر الوطني- أن الحكم انتصار للوطن وليس لطرف على حساب آخر، مؤكدا أن كل ما صدر من قرارات وإجراءات عن مجلس النواب -الملغى بحكم القانون- "صارت في حكم المعدومة". 


من جهته قال الناطق الرسمي باسم المؤتمر الوطني عمر حميدان إن المؤتمر هو صاحب القرار والشرعية, مضيفا أنه سيسعى إلى حلول سياسية للوضع الراهن بما فيها دعم حكومة الإنقاذ برئاسة عمر الحاسي.


حكم الدستورية العليا جاء لينصف الثورة الليبية ويصب في صالح الثوار في مواجهة انقلاب خليفة حفتر، ويرفع الغطاء عن أي شرعية مزعومة يتزرع بها الحلف الخليجي لتقويض الثورة وإسقاط معقل آخر من معاقل الربيع العربي.