رانيا قناوي
تساءل الكاتب الصحفي وائل قنديل "ماذا يخيف عبد الفتاح السيسي من وزير داخليته إلى هذا الحد، الذي يرفض معه اعتبار كارثة تفجير الكنيسة المصرية خللاً أمنياً؟! وما الذي يجعله يثرثر، مرتعشاً، بأن كل شئ مستتب، وتحت السيطرة، وأن الفاجعة إنما هي دليل نجاح، سياسي وأمني، طير عقل الإرهابيين فوجهوا هذه الضربة؟!".
وأشار قنديل خلال مقاله بصحيفة "العربي الجديد" اليوم الثلاثاء، إلى حادث أقل ترويعاً من هذا، في نوفمبر 1997 أقال حسني مبارك وزير داخليته حسن الألفي قبل العودة من الأقصر، حيث جريمة استهداف السياح، إلى القاهرة، معتبراً ما جرى تهريجاً أمنياً لا تنفع التغطية عليه..متسائلا " فلماذا لا يقدر على فعلها مبارك الصغير الآن؟!" ، موضحا هذه المفارقة في تركيبة النظام الحاكم في مصر الآن، والذي يقترب كثيراً من كيمياء التنظيمات والتشكيلات العصابية، التي لا ينتظم علاقاتها قانون، ولا تحكمها تقاليد سياسية، أو تؤطرها مؤسسات للرقابة والمساءلة، من برلمان وصحافة ورأي عام، وإنما تدار بمنطق أمراء الحرب، كل له رجاله وأسلحته، ويعرف كيف يجرح الآخر، مدركين أنهم إن فعلوا سيسقط السقف عليهم جميعاً.
وقال قنديل إنه قبل جمع أشلاء ضحايا الجريمة الإرهابية في الكنيسة البطرسية بالقاهرة، كان نظام عبد الفتاح السيسي يكثف جهده كله في الاستثمار الأمثل لها، وصولاً لتحقيق أكبر مكاسب ممكنة، وكانت السلطة قد حددت أهدافها من الحادث، على طريقة تاجر الموت، الذي يظهر بعض الحزن الاصطناعي، والدموع المزيفة، بينما كل همه تحقيق أقصى استفادة ممكنة، لذلك كانت ردة فعل الأقباط الغاضبين، لحظة وقوع الجريمة، وأثناء تشييع الضحايا، حتى أن أحدا لم يصدق أداء السيسي الحزين، أو روايته البائسة عن منفذي الجريمة، وكل ما فعله أنه ابتذل الموقف، وحوله من مناسبة للحزن الحقيقي، إلى مهرجان للسخرية و"القلش" من هذه الركاكة في السيناريو.
وأضاف أن معسكر السيسي حدد أهدافه في: تمرير قانون مغلظ للإجراءات الجنائية، يقضي تماماً على مفهوم التقاضي وينسف فلسفة العدالة من جذورها، ويحيل مصر كلها إلى"دنشواي" تحت حكم الاحتلال العسكري.. وأيضاً إعادة تعبئة مستودعات الكراهية المجتمعية ، واختيار الإخوان المسلمين هدفاً وحيداً للتصويب عليه،إعلامياً وسياسياً، وتجاوزت الهستيريا المطالبة بإعدام كل من في السجون، من انتظار كلمة القضاء النهائية، بل واتهام القضاء ذاته بالتراخي، إلى التصريح علانية من سياسي قديم بحجم مصطفى الفقي، سكرتير مبارك المطرود، بضرورة استثمار هذه الدماء، على وجه السرعة، قربان علاقة دافئة مع دونالد ترامب، الكاره للإخوان والإسلام السياسي.
وتابع: "كأنهم يستعجلون احتراباً طائفياً، وينادون عليه، يحضر حثيثاً، وبالتزامن مع ذلك كانت ماكينات السيسي قد اشتغلت منذ البداية على توجيه الغضب إلى معبر رفح، وحماس والفلسطينيين، وهي التوليفة الأكثر تعبيراً عن روح 30 يونيو 2013 التي تأسست على انتخاب الأخوان، وحماس، عدواً استراتيجياً ووحيداً للمؤسسة المصرية، عوضاً عن إسرائيل، التي لم تكن غائبة أبداً عن المشهد، دعماً واحتضاناً ورعاية حتى هذه اللحظة".