الغلاء يجبر المصريين على تأجير شبكة الفرح

- ‎فيأخبار

"مش هناكل.. مش مهم ناكول.. هنجوع.. ايه يعني.. المهم نبقا كدااااح" تلك وصفة الجنرال السفيه بلحة للمصريين، حتى الزواج وهو "نصف الدين" لم يسلم من فقر العسكر، فمن ارتفاع أسعار المساكن والأثاث والذهب، إلى فرض "جباية" على رسوم الزواج، فضلا عن ضريبة 25% على قاعات الأفراح، حتى وصل الحال بالمصريين إلى تأجير "الشبكة" مثل تأجير بدلة وفستان ليلة العمر.

عن تصريحات صحفية توضح هذه المشكلة الحالية، يقول "لمعي.ت"، صاحب محل مصوغات بمنطقة البساتين : "وبعدين بقى في الحال ده، الناس خلاص بطلت تشتري الدهب، وادينا داخلين على شهر 4، واليومين دول كل سنة كان المحل بيبقى مليان زباين عشان حفلات الخطوبة اللي بتكتر في شم النسيم وبداية الربيع، وجوازات الصيف، إيه اللي حصل بس، الدنيا مهوية كده ليه".

يدخل "لمعي" إلى محله ويفتح أحد الأدراج ليخرج منها أوراقا، ويكمل:"اديني على الحال ده بقالي 3 شهور، المعظم بييجي يأجر طقم دهب ولا سوليتير ساعتين تلاتة ويرجعه تاني وياخد نص فلوسه اللي دفعها تأمين وانا باخد الباقي إيجار".

 

"كيفوا" أوضاعكم!

 

تأجير الشبكة، تقليد ابتكره المصريون، منذ سنوات قليلة، وذلك تزامنا مع بداية تأزم الأوضاع الاقتصادية، وتراجع قدرة الشباب المادية على الوفاء بمتطلبات الزواج، وتغير الأولويات، لتتراجع الشبكة (هدية ذهبية من العريس لعروسه) مقابل الوفاء بالتزامات أهم، أبرزها شقة الزوجية، ومستلزمات تأثيثها.

 

المثير أن هناك أصحاب محلات مجوهرات "كيفوا" أوضاعهم على هذا الأمر، بل إن بعضهم يؤكد أن مكاسبه من التأجير باتت تفوق مكاسبهم من البيع.

 

ومع دخول موسم الربيع والصيف، والذي كان يطلق عليه تجار الذهب "موسم التزاوج"، لتزايد حفلات الزفاف خلاله، بعد انتهاء فصل الشتاء، لا تزال حركة الشراء ضعيفة، لذلك بادر عدد من أصحاب المحلات بعرض أطقم ذهبية أو ألماس مميزة في "فاترينات" محلاتهم، مع تضمين لافتة صغيرة أسفل "الفاترينة" بعبارة: "التأجير متاح".

 

جنون الأسعار

 

يتم الاستئجار من خلال ضامن للشاب وصورة بطاقته الشخصية، وإقرار باستلام كمية الذهب التي يرغب في استئجارها، ووصل أمانة علي بياض، لكن بعض محال الذهب تشترط وجود سابق معرفة أو علاقة شخصية بين صاحب المحل وأسرة الشاب، كما يوضح العقد إقرار غرامة علي التأخير، وتحمل الزبون لأي تلف تتعرض له المشغولات الذهبية.

 

"أسامة ثابت"، 28 عاما، يؤكد أنه ادخر مبلغ 8 آلاف جنيه من أجل شراء الشبكة، وذلك قبل إقدامه على الخطبة، لكنه فوجئ أن هذا المبلغ لا يشتري شيئا تقريبا، بعد الارتفاعات الجنونية في أسعار الذهب، فقرر توفير بقيته وتأجير طاقم مميز الشكل "أدى الغرض".

 

زنقة العريس

 

البديل الذي ينافس "الشبكة المستأجرة"، هو شراء "الذهب الصيني"، وهو نوع من المعدن المشغول والمطلي بمادة تشبه لون الذهب ولمعته تماما، لكنها ليست ذهبا حقيقيا، لكن الأهالي باتوا يعرفون الذهب الصيني عن الأصلي بمجرد رؤيته، وهو ما تسبب في حرج لبعض من اشتروه كبديل للشبكة، مما جعل اللجوء إلى "الشبكة المستأجرة" أمرا أكثر فعالية.

 

"سمية أحمد"، 24 عاما، تقول إنها لم تمانع فكرة استئجار الشبكة، بعدما طرحتها والدة خطيبها على استحياء، بعدما علمت ما ينتظر خطيبها من أعباء مادية كبيرة، في تدبير مقدم إيجار الشقة السكنية التي سيتزوجان فيها، وشراء الأثاث والأجهزة، و"تشطيب" الشقة، ومصروفات "الفرح"، مضيفة: "زي ما بأجر فستان الفرح وهنأجر عربية الفرح إيه المشكلة لما نأجر الشبكة، أهي بردو حاجة هتظهر للناس مرة واحدة، ودلوقتي اللي بيشتري شبكة بيرجع يبيعها لما بيتزنق بعد الجواز في أي مشكلة".

 

من جهته يقول أحمد كامل، وهو صاحب محل مجوهرات بالحسين متخصص في تأجير أطقم الذهب للعرسان الجدد انه يحصل على مبالغ مالية مقابل الإيجار تختلف حسب قيمة الطقم، كما يحصل على ضمانات قانونية لضمان استعادة الشَّبْكَة.

 

ويبرر كامل لجوءه إلى تأجير الأطقم الذهبية، قائلا: "السوق نايم، وكثير من الشباب أحوالهم المالية صعبة. منذ خمس سنوات كان بإمكان العريس أن يشتري شبكة محترمة بمبلغ لا يتجاوز 8 آلاف جنيه، الآن لا يستطيع حتى شراء شبكة معقولة بـ 12 ألف جنيه".

 

حفظ ماء الوجه

 

من جانبه يقول الدكتور خليل فاضل، أستاذ الطب النفسي وخبير العلاقات الزوجية: "لم يعد المصريون يقيمون حفلات للخطبة، وبات الكثيرون يكتفون بالجلسات العائلية، لكن لحظة الشبكة لا تنازل عنها، رغم كل الظروف، والسبب أن العروس تقارن نفسها بقريباتها أو أخواتها".

 

لكن آخرين يرون أن دوافع الأسر التي تلجأ لاستئجار الشبكة قد يكون به شئ من المنطقية، لا سيما مع استمرار ثقافة التباهي والتفاخر بين الناس، لا سيما في هذه الجزئيات، وبالتالي فإن حفظ ماء الوجه هو أمر مهم بأية وسيلة، وقال بعضهم إن قبول العروس باستئجار الشبكة قد يكون سببه رغبتها في الحفاظ على كرامة زوجها المستقبلي، وهو أمر إيجابي في مجمله، ويدل على سمو في العلاقة.