هل موّل السيسي “ترامب” عبر صفقات مشبوهة نفذها “مصطفي الجندي”؟

- ‎فيتقارير

كتب كريم محمد:

جرب تدخل على موقع "جوجل"، وتبحث عن العنوان التالي: 210 A street NE Washington, DC 20002، ستجد أنه مكتوب أنه مقر موقع "بريتبارت نيوز"، وهو موقع صحفي يميني متطرف الداعم للرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب.

جرب تبحث عن تاريخ هذه الفيلا بالاسم نفسه، ستجد أنها كانت مملوكة في الفترة من عام 2009 حتى أول يناير 2011، إلى النائب الذي يدعي أنه ممثل الفلاحين الغلابة "مصطفى الجندي Elgendy Mostafa"، ومنذ ذلك التاريخ حتى 29 نوفمبر 2016، أجره النائب للموقع الأمريكي، وبعد ذلك قام ببيعه.

سبب بيع "مصطفى الجندي" لهذا المنزل كما كشفت تقارير صحفية أمريكية وصحيفة الجارديان هو هجوم إعلاميين عليه، أما السعر الذي تم بيع المنزل به فكان 587,195 دولارا، أي أكثر من نصف مليون دولار، وهو ما لا يعادل 40% من سعره الحقيقي!

لو حاولت أن تقوم بعملية حسابية بسيطة لسعر لدولار في ذلك الوقت (13 جنيها) ستجد ببساطة أن النائب المصري الذي كان يحرص على ارتداء الجلباب في البرلمان السابق ليهاجم الإخوان ويدعي أنه ممثل للغلابة، ثم تخلى عنه في البرلمان الحالي وأصبح يرتدي البدلة الرسمية، ستجد أنه باع المنزل بـ7 ملايين و634 ألف جنيه تقريبا.

قصة هذا المنزل الذي يمتلكه "الجندي"، ويستأجره موقع "بريتبارت نيوز" اليميني المتطرف أثيرت على نطاق واسع ثم خمدت فجأة وتوقفت الصحف المصرية عن تناولها في أعقاب نفي الجندي أي علاقة له أو لشركة السياحة التي يملكها(!) في أمريكا بهذا المنزل.. لماذا؟!

الجندي اعترف بامتلاكه المنزل وأيضا لشركة سياحية أخرى في أمريكا، وأنه يؤجر المبنى للصحيفة التي تقود حملة دعم ترامب الرئاسية لترامب، ولكنه نفى دعمه بذلك لترامب.

وقال -في بيان له- إنه تم تأجير المنزل من خلال شركة السياحة التابعة له إلى بريتبارت نيوز المملوكة لبانون، وأنه ليست له علاقة بالحملة الانتخابية لترامب.

صحيفة الجارديان البريطانية، قالت إن موقع (بريتبارت نيوز) المؤيد لترامب يتم بثه من هذا المبنى الذي يملكه البرلماني المصري، وأنه يقطن فيه أيضا "ستيفن بانون" الرئيس التنفيذي لحملة ترامب قبل فوزه، ما يعني أن الجندي يدعم ترامب.

وقالت إن المنزل الفخم تبلغ قيمته 2.4 مليون دولار وليس كما قال "الجندي" إنه باعه بنصف مليون فقط، لأنه يقع بالقرب من المحكمة العليا الأمريكية في واشنطن، وإن المنزل به مكاتب يعمل بها طاقم عمل من أجل تشغيل الموقع الإلكتروني الخاص بحملة ترامب.

كيف مول الجندي "ترامب"؟ ولصالح من؟
قلنا إن البيع تم بحوالي نصف مليون دولار فقط، رغم تقدير الجارديان له بـ2.4 مليون دولار، وعلى الرغم من أن تقارير العقارات الأمريكية تؤكد أنه اشتراه بـ٢,٣٤٩,٩٣١ دولار، وقلنا إن الصحف المصرية "طرمخت" على القصة ولم تتوسع في نشرها بعد نفي "الجندي" فما هو الجديد؟

الجديد أن محررا سابقا بموقع "بريتبارت نيوز" كشف أن هناك شبهة تمويل سرية من "الجندي" لموقع "بريتبارت نيوز"، مقر ترامب الانتخابي، أي دعم سري لترامب، واتهم هذا المحرر الموقع الموالي لترامب بأنه "قام بعمليات تأثير غير قانونية لصالح مالك مقر الموقع في واشنطن"، عضو مجلس النواب مصطفى الجندي، وفقا لتقرير نشره موقع "ذا ديلي بيست" الاربعاء!؟

لماذا يمول "الجندي" حملة "ترامب" عبر دعمه مقر صحيفته ومقره الانتخابي؟ وهل هو مجرد واجهة للنظام في مصر للمساهمة في فوز الرئيس الأمريكي ترامب الذي تمنى السيسي فوزه، والتقى ترامب قبل فوزه وتحدث الاثنان عن "كيمياء تجمعهم"؟!.

تقرير "ديلي بيست" يشير لهذا ضمنا، ويؤكد أن علاقة "بريتبارت" بـ"الجندي" هي السبب في عدم حصول هذا الموقع الصحفي على تصاريح صحفية دائمة داخل الكونجرس الأمريكي، بعدما اتهمت شكوى من وزارة العدل الأمريكية "بريتبارت" بدفع إيجار لـ"الجندي" أقل من أسعار السوق، ما يعتبر نوعا من التمويل العيني للموقع أو الرشوة المقنعة.

وقال كتاب آخرون بموقع بريتبارت لـ"ديلي بيست" إن العلاقة بين الجندي وبريتبارت "ليست واضحة تماما"، وإن التغطية الترويجية للجندي، "تعتبر تمويلا من مسئول حكومي أجنبي مقابل تغطية إعلامية مؤيدة له".

أما ما كشف كل هذه المعلومات التي لا تزال طي التحقيق، فهو قانون حرية المعلومات الأمريكي، إذ ينص القانون الأمريكي أن الممتلكات وقيمتها وطبيعتها هي أمر يجب أن يكون معرفة عامة.

من هو مصطفى الجندي؟
تخرج الجندي من مدرسة الليسيه الفرنسية في مصر، وحصل على بكالوريوس تجاره، وعمل بالسياحة مستغلا معرفته باللغة الفرنسية، وأسس مع أخيه شركة تمتلك الباخرة ايوجيني التي تقوم برحلات سياحيه في بحيرة ناصر.

تعرف "الجندي" لاحقا على "أحمد المغربي" وزير الإسكان السابق في عهد مبارك، ودخلا في مجال تجارة الأراضي، ودخل في عالم المغربي والأراضي وتقسيمها وتوزيعها، وهو عالم يدخل أموالا طائلة، ويحتاج إلى علاقات ودية مع الجيش المالك الحقيقي لأراضي المدن الجديدة في مصر، حسب تقارير أجنبية.

وعلى الرغم من أن دراسته الفرنسية، ظل متمسكًا بارتداء الجلباب الفلاحي في لقاءاته السياسية والتليفزيونية، وظهر على المسرح كأكبر معادي للإخوان عقب ثورة يناير وفوزهم الكبير في البرلمان وبالرئاسة وكان من اشد منتقدي الرئيس محمد مرسي.

ورغم إصرار الجندي على التأكيد الدائم بأنه لم يكن عضوًا بالحزب الوطني المنحل، لكن هناك العديد من الأحداث التي سبقت الثورة تؤكد علاقته الوثيقة بالعديد من قيادات هذا الحزب ومنهم فتحي سرور، رئيس مجلس الشعب السابق والمهندس أحمد المغربي، وزير الإسكان الأسبق.

استقال الجندي من «الوفد» بعد فترة من انضمامه للحزب بحجة أنه يعترض على انضمام أعضاء من الحزب الوطني المنحل لصفوف الوفد بعد الثورة، ولكن صحيفة الوفد قامت بشن حملة إعلامية ضده تؤكد أنه لم يكن موجودًا في مصر من الأساس وقت قيام ثورة يناير، وأنه كان موجودًا بأمريكا طوال أيام الثورة.. ووقتها قام بتأجير المبني الذي يمتلكه لصحيفة ترامب.

ومن أكثر الانتقادات التي طالت الجندي علاقته بوزير الإسكان الأسبق أحمد المغربي، وقدمت طلبات بإحالة الجندي وزوجته وبناته للكسب غير المشروع لحصوله على أراض في فترة تولى المغربي الوزارة، لا يعرف مصيرها.

ولكنه انتقل من تجارة الأراضي والسياحة إلى أمريكا بشراء عقارات وبيعها، وتعرف في هذا الصدد على فرانك جولدمان المحامي المتخصص في إدارة الأعمال بصورة سرية لعملائه حسب رغبتهم.

وفي عهد السيسي تحول الجندي لأكبر داعم له، بحكم علاقته مع الجيش في تقسيم الأراضي، وخلال زيارة السيسي الأخيرة لواشنطن سافر معه "الجندي" وأطلق تصريحات مضحكة على غرار تصريحات "أماني الخياط" عن ضم السيسي لمجلس رئاسة العالم، وهرتل بأن "حفاوة استقبال السيسي بأمريكا تؤكد إعادة زمن الفراعنة"!.