كتب رانيا قناوي:
تساءل الكاتب الصحفي وائل قنديل "ما الفرق بين زيارة عكاشة بيت السفير بالقاهرة، وخلوة السيسي ونتنياهو بالعقبة؟ عندما تهبط بالرئاسة لمستوى العمليات القذرة"، مؤكدا أنه لم يحدث في تاريخ مصر الحديث أن قرأنا عن لقاءاتٍ سرية، في غرف مظلمة، بين رئيس مصري وقادة إسرائيل. "بل تكاد الذاكرة المكتوبة تخلو من وقائع وحكايات عن تسلل حاكم مصري، حافي القدمين، متحرّكاً على أطراف أصابعه، متنكراً، كي لا يضبطه أحد، إلى أوكار التفاوض مع عدو، أو صديق".
وأضاف قنديل خلال مقاله بصحيفة "العربي الجديد" اليوم الاثنين، أن نتنياهو هتك أسرار حواره مع عبد الفتاح السيسي، بعيداً عن العيون، قبل عام مضى في مدينة العقبة، وذلك بعدما كشف نتنياهو عقد لقاء قمة سري في العقبة العام الماضي، بمشاركة كل من وزير الخارجية الأميركي السابق، جون كيري، والسيسي، والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، وأنه (نتنياهو) هو من بادر إلى عقد هذه القمة.
وأكد قنديل أنه لا يوجد رئيس دولة محترمة يدير صفقاتٍ أو مفاوضاتٍ في جنح الظلام، بعيداً عن علم شعبها، وبمنأى عن مؤسساتها، وطوال حقبتي أنور السادات وحسني مبارك، وهما من هما ضمن كنوز إسرائيل الاستراتيجية، لم يكتب المؤرخون أن مبارك زار الكيان الصهيوني سراً، أو أنه ضبط خارجاً من غرفة شارون أو بيريز، في أحد فنادق قبرص، أو العقبة، مثلا، حتى زيارات سامح شكري، وزير خارجية السيسي، إلى إسرائيل، مفضوحة، ومذاعة على الهواء مباشرة، تماماً مثل مباراة نهائي أمم أوروبا التي شاهدها سامح مع "سارة وبيبي" في منزل رئيس حكومة الاحتلال، ومن ثم يصبح السيسي صاحب ريادة في هذا المضمار.
وأوضح ان التاريخ لم يعرف صفحاتٍ عن لقاءاتٍ من هذا النوع، إلا ما يتعلق باللقاءات السرية بين الملك حسين عاهل الأردن، وقادة الاحتلال الصهيوني، منذ الستينات، وقبل حرب أكتوبر 1973 وما بعدها، وما كان لأحد أن يسمع بها، لولا وسائل الإعلام الإسرائيلية، مضيفا: "تزيد فداحة الفضيحة أكثر عندما تعلم أن اللقاء تم بناء على طلب نتنياهو، وتلبية لرغبته، لنصبح أمام دليل إضافي على أن الجنرال الذي يحكم مصر، بدعم كامل من الكيان الصهيوني، لا يجد غضاضةً في أداء أدوار"ديليفري المنطقة" يطلبونه فيهرول مسرعاً، حاملاً طلبات السادة، ليهبط بحجم حاكم أكبر دولة عربية إلى مرتبة مسؤول عملياتٍ قذرة في جهاز أمني، ينفذ مهمات سرية خاصة في جوف الليل، يذهب ويعود متخفياً، من دون أن يشعر به أحد".
وأ,ضح قنديل أنه ليس هناك فرقاً كبيراً بين الطريقة التي تمت بها زيارة توفيق عكاشة إلى منزل سفير الصهاينة، في حي المعادي القاهري، وزيارة عبد الفتاح السيسي السرية إلى رئيس حكومة الصهاينة في العقبة، أو زيارة سامح شكري إلى منزل نتنياهو. خاصة و أنهما ذهبا في وضح النهار، بزيارةٍ معلنة، ولم يتسللا كاللصوص والعملاء السريين، وموصلي طلبات السعادة للمنازل. وعلى الرغم من ذلك، انتفض القومجيون والناصريون المزيفون، تحت قبة البرلمان، وأعلنوا الجهاد حتى يغسل مجلس النواب عاره، ويطيح النائب عكاشة خارجه، ويسقط عضويته، لأنه زار سفير تل أبيب.
وأضاف: "لست في حاجةٍ لأن ألفت عنايتك إلى القومجيين والناصريين، ذاتهم، لن يجدوا غضاضةً، ولن يستشعروا عاراً، في ذهاب عبد الفتاح السيسي إلى الفراش الإسرائيلي، سراً، بل ربما يطلقون عليه "أمير الدهاء" سابق عصره، صاحب العبقرية الرهيبة التي تجعله يقابل نتنياهو، في الخفاء، ويحتفظ بالسر، عاماً كاملاً، حتى فضحتهما الصحافة الصهيونية، فاضطر نتنياهو للاعتراف بتلك الخلوة.
وتساءل قنديل: "ما سر هذه الرغبة الإسرائيلية، الجريئة، في فضح ما يدور بين الكيان الصهيوني ونظام عبد الفتاح السيسي في الغرف المغلقة، وما الذي يدفعهم إلى تعرية جنرالهم المفضل على هذا النحو المشين؟ غير أن السؤال الأكثر أهمية يتعلق بأطراف محسوبةٍ على جبهة رفض انقلاب عبد الفتاح السيسي، وهو: لماذا كلما تعرّى نظام السيسي أكثر وأكثر في المخدع الإسرائيلي، سارع عراةٌ من الفكر والقيمة بإلقاء ملاءة المصالحة عليه؟".