6 احتمالات وراء إجراءات البنك المركزي

- ‎فيتقارير

يوسف المصري
طرح الكاتب الصحفي والخبير الاقتصادي مصطفى عبد السلام عدة احتمالات عن مصادر التمويل التي حصل عليها البنك المركزي المصري مؤخرا، وقرر من خلالها ضخ 2.5 مليار دولار في السوق والقطاع المصري، خلال فترات قريبة لدعم الاقتصاد.

وقال عبد السلام، في مقال له بموقع "العربي الجديد": إن الثقة الشديدة التي يتحرك بها البنك المركزي هذه الأيام تطرح التساؤل عن مصادر تلك الثقة وهذه المليارات، برغم أن يدي البنك المركزي كانتا مغلولتين طوال الفترة الماضية؛ بسبب محدودية قيمة الاحتياطي النقدي الأجنبي التي تكفي بالكاد لتغطية واردات البلاد لمدة ثلاثة أشهر، ولأنه يعمل في ظروف اقتصادية ومالية صعبة يمر بها قطاعا السياحة والاستثمار الأجنبي.

وتساءل الخبير الاقتصادي قائلا: "إذا كان البنك المركزي لديه كل هذه الأموال والمليارات الفائضة، فلماذا إذن خفض قيمة الجنيه المصري 14.5% مرة واحدة، وهو ما سيؤدي إلى تداعيات خطيرة نحن في غنى عنها، منها حدوث قفزات في أسعار السلع والخدمات، وتآكل القوة الشرائية للمواطن".

وقال عبد السلام، في مقاله: "أعتقد أن هناك ستة احتمالات أمام التغير الذي حدث مؤخرا في مصر، وهي كالآتي:

الاحتمال الأول

أن المبالغ التي أعلن البنك المركزي عن ضخها في السوق هي تلك الأموال التقليدية التي توجه لتمويل واردات البلاد الخارجية البالغة قيمتها أكثر من 60 مليار دولار سنويا، علما بأن قيمة هذه الأموال تبلغ أكثر من 5 مليارات دولار شهريا، وهذه الأموال يضخها البنك المركزي شهريا عبر البنوك، وتوجه لتمويل إما شراء السلع الرئيسية، مثل القمح والذرة والألبان واللحوم والدواجن والأدوية وغيرها من السلع التي تحمل لقب "سلع إستراتيجية"، أو لتمويل مستلزمات الإنتاج والسلع الوسيطة والمواد الخام التي تدخل في عجلة الإنتاج، وإذا صدق هذا الاحتمال فإن البنك المركزي لم يضف جديدا للسوق، حيث يقوم بهذه المهمة بشكل مستمر عبر الحصيلة الواردة له من الصادرات وتحويلات العاملين بالخارج وقناة السويس، وغيرها من موارد النقد الأجنبي المعروفة.

الاحتمال الثاني

أن مصر تلقت دعما غير معلن من إحدى الدول الخليجية الداعمة لنظام ما بعد 3 يوليو 2013، ولنتحدث بصراحة، فإن الأنظار تتجه هنا إلى السعودية تحديدا، التي قدمت دعما جديدا لمصر، ويدعم هذا الاحتمال تسريبات من أطراف محسوبة على النظام المصري تؤكد أن الأموال وصلت بالفعل للبنك المركزي المصري، وأن سبب عدم الإعلان عن الدعم هو الحرج الذي يمكن أن تتعرض له الحكومة السعودية أمام شعبها، والشركات التي لديها مستحقات متأخرة لدى الدولة بمليارات الدولارات، لكن حتى الآن لا توجد مصادر مصرية أو سعودية تؤكد أو تنفي هذه التسريبات، وبالتالي يجب التعامل مع هذه الفرضية بحذر.

الاحتمال الثالث

أن مصر حصلت على وعد من البنك الدولي بقرب تحويل باقي القرض الذي تم الاتفاق عليه نهاية العام الماضي 2015 بقيمة 3 مليارات دولار، وصل منه مليار دولار، ويتبقى منه مليارا دولار، وبالتالي ضخ البنك المركزي ما يعادل قيمة الأموال التي ستصله قريبا.

الاحتمال الرابع

أن مصر دخلت في مفاوضات غير معلنة مع صندوق النقد الدولي لاقتراض أكثر من 5 مليارات دولار منه، وأن القاهرة تلقت وعودا قوية بإتمام القرض في القريب العاجل، خاصة مع تنفيذ الحكومة الالتزامات المطلوبة منها، وأبرزها خفض قيمة الجنيه بمعدلات كبيرة، وخفض الدعم المقدم لسلع إستراتيجية، منها الكهرباء والمياه والوقود، ويدعم هذا الاحتمال الزيارة التي قام بها وفد من صندوق النقد الدولي للقاهرة قبل أيام، وعدم الإعلان عن نتائجها.

الاحتمال الخامس

أن البنك المركزي يتحرك بثقة ظنا منه أن القضاء على السوق السوداء كفيل بدفع حائزي الدولار نحو البنوك وشركات الصرافة للتنازل عما في حوزتهم من دولارات؛ خوفا من التعرض لخسائر، وبالطبع فإن الأموال التي سيتم التنازل عنها ستؤول للبنك المركزي في النهاية، وبالتالي يسترد ما ضخه في السوق، مع تحقيق هدف رئيسي هو وأد السوق السوداء.

الاحتمال السادس

هو أن البنك المركزي قفز قفزة عنيفة في الهواء وضحى بجزء من الاحتياطي مقابل القضاء على السوق السوداء، وهنا يمكن أن ينجح أو يفشل، لكن شخصيا، أستبعد هذا الاحتمال لخطورته الشديدة.

أخيرا هل ما قام به البنك المركزي من ضخ ما يقارب 2.5 مليار دولار في السوق سيقضي نهائيا على السوق السوداء؟، بالطبع لا، فالبنك المركزي يناور ويستخدم كل ما يملك من أدوات السياسة النقدية، لكن كما قلت مرات، فإن أزمة الدولار ليست أزمة سوق صرافة كما يظن البعض، بل هي أزمة اقتصاد بالكامل، اقتصاد به قطاعات معطلة عن الإنتاج، وقطاعات باتت غير مولدة للنقد الأجنبي بالشكل الكافي، والبنك المركزي ليس اللاعب الوحيد في الأزمة.