كتب- أحمدي البنهاوي:
أكدت العفو الدولية أن مواطنًا مصريًا قتلته داخلية الانقلاب وهو محتجز لديها، وقالت: "لقد كان محمد عبد الستار في حجز الشرطة طيلة ما لا يقل عن 27 يومًا، بينما كانت أسرته تبحث عنه دون جدوى، إلى أن وجدت أخيرًا جثته في المشرحة مصابة بطلقات نارية".
وأضافت منظمة العفو الدولية أن اختفاء ووفاة مدرس الأزهر محمد عبد الستار ليس إلا حلقة في سلسلة طويلة من عمليات الإعدام التي تقوم بها قوات الامن المصرية خارج القانون، مشيرةً إلى أن قوات الأمن قالت إن محمد عبد الستار قتل أثناء تبادل إطلاق النار معه!.
وأصدرت المنظمة بيانًا أمس الثلاثاء قالت فيه إن قوات الأمن قبضت على الضحية في المدرسة التي كان يعمل فيها في محافظة البحيرة في 9 أبريل 2017 وأنه كان محتجزًا لديها لمدة 27 يومًا، وتم إبلاغ أسرته لاستلام جثته يوم 8 مايو.
وقالت نجية بونعيم، مديرة الحملات لشمال إفريقيا بمكتب تونس الإقليمي لمنظمة العفو الدولية إن "اختفاء محمد عبد الستار ثم وفاته وهو رهن الاحتجاز هو أحدث واقعة في سلسلة عمليات الإعدام المروِّعة خارج نطاق القضاء في مصر، وعادةً ما يتم الاحتفاء بأعمال القتل غير القانونية هذه باعتبارها دليلاً على نجاح الشرطة في "تصفية الإرهابيين"، ويظل أفراد الشرطة بمأمن لعلمهم أنه ليس هناك ما يدعوهم للخوف من التحقيق في جرائمهم".
شهادات "العفو"
وأجرت منظمة العفو الدولية مقابلات مع اثنين من أقارب محمد عبد الستار وثلاثة من زملائه في العمل، كما اطلعت على 10 مستندات، بينها خطابات من جهة عمله، وسجل الحضور في مدرسته، بالإضافة إلى شكاوى قدمها أقاربه بخصوص القبض عليه واختفائه.
وقال بيان المنظمة إن الأدلة التي جمعتها المنظمة أشارت إلى أن محمد عبد الستار قُبض عليه من "معهد عبد السميع سلومة الأزهري"، يوم 9 أبريل 2017، قبل اختفائه قسرًا وإعدامه خارج نطاق القضاء.
وقال أحمد عبد الستار، شقيق محمد عبد الستار، إن المرة الأخيرة التي شاهدت فيها الأسرة شقيقه كانت عندما توجه إلى عمله في صباح اليوم الذي اختفى فيه. وقد توجهت الأسرة عدة مرات إلى قسم الشرطة ومقر النيابة العامة في المنطقة للاستفسار عنه، ولكنها لم تتلق أية معلومات عنه إلى أن أعلنت وزارة الداخلية وفاته.
وفي مقابلة مع منظمة العفو الدولية، قال أحد زملاء محمد عبد الستار في العمل، وكان حاضرًا وقت القبض عليه، إنه شاهد سيارة حمراء تتوقف أمام بوابة المدرسة في الساعة العاشرة والنصف من صباح يوم 9 إبريل 2017، وإنه رأى عدة أشخاص في ملابس مدنية داخل السيارة، ثم دخل شخص يرتدي بذلة إلى مبنى المدرسة وأمر محمد عبد الستار بأن يستقل السيارة. وتجدر الإشارة إلى أن ضباط قطاع الأمن الوطني عادةً ما يرتدون ملابس مدنية، ويستخدمون سيارات مدنية في عملياتهم.
وذكر زميل آخر، لم يشاهد واقعة القبض على محمد عبد الستار، ولكنه كان حاضرًا بالمدرسة في ذلك الوقت، أن عددًا آخر من العاملين والطلاب بالمدرسة أخبروه بأنهم شاهدوا واقعة القبض في الساعة العاشرة والنصف.
وقد اطَّلعت منظمة العفو الدولية على عدد من المستندات، من بينها رسائل موجَّهة من مدير المدرسة إلى قسم شرطة أبو المطامير وإلى منطقة البحيرة الأزهرية، تؤكد القبض على محمد عبد الستار من المدرسة في ذلك التاريخ وتطلب الإفادة بتفاصيل أخرى عنه.
واطَّلعت المنظمة على نسخ من سجل الحضور بالمدرسة، والذي يوقِّع فيه العاملون لدى حضورهم وانصرافهم كل يوم، وقد أُثبت فيه حضور محمد عبد الستار إلى المدرسة في ذلك اليوم، ولكن لم يُثبت فيه انصرافه، بل دُوِّنت ملاحظة أمام اسمه تفيد بأنه "تم القبض عليه من المدرسة خلال ساعات العمل".
واطَّلعت المنظمة أيضًا على دفتر تحضير الدروس الخاص بمحمد عبد الستار، والذي تُسجل فيه بيانات التدريس يوماً بيوم، وهو يؤكد بالمثل أن اليوم الأخير الذي حضر فيه محمد عبد الستار بالمدرسة كان يوم 9 إبريل 2017.
ادعاءات الداخلية
وقبضت داخلية الإنقلاب على محمد عبد الستار من محل عمله، وادعت "الداخلية" في بيان أمني أنه قُتل مع شخص آخر، يُدعى عبد الله رجب، خلال تبادل لإطلاق النار مع الشرطة في مدينة طنطا، بمحافظة الغربية، بعدما قاوما القبض عليهما.
كما ادعى البيان أن الرجلين ينتميان إلى جماعتين مسلحتين، وهما "حسم" و"لواء الثورة"، وأنهما كانا مطلوبين لاتهامهما بمساعدة "الجماعات الإرهابية". وليس لدى منظمة العفو الدولية علم بأية أدلة قدمتها وزارة الداخلية لتأييد تلك الادعاءات.
وذكر أحمد عبد الستار لمنظمة العفو الدولية أنه لاحظ، عندما تسلم جثة شقيقه من المشرحة يوم 8 مايو 2017، وجود خدوش كبيرة على يده اليمنى وجرحين ناجمين عن عيارات نارية في ظهره.
ويُذكر أن السلطات المصرية أصدرت منذ عام 2015 سلسلة من البيانات المماثلة، ولكنها أحجمت مراراً عن ذكر أية معلومات بخصوص ملابسات تلك العمليات أو ملابسات الوفيات على وجه الدقة.