قَوافِل الشهداء لا تمضي سُدى.. إن الذي يَمضِي هو الطغيان"، وعلى مثل هذا البيان يجدد المُحبّون جوانب لا يعرفها الكثير عن سير شهداء الفض في 14 أغسطس 2013، منهم رجل ذهب بنفسه وولده وماله فلم يرجع منهم بشيء، فهو مع خير المجاهدين، بحسب العلماء.
فالأستاذ الدكتور عبد الرحمن عويس، أستاذ التفسير وعلوم القرآن بكلية أصول الدين جامعة الأزهر بالقاهرة؛ وولده أبو جعفر عمرو عبد الرحمن، استُشهدا بإذن الله في يوم واحد وربما من قناص واحد من مليشيات الانقلاب الغادرة الدموية، أثناء فض اعتصام ميدان رابعة العدوية، كما استُشهد معه عدد من علماء الأزهر وأئمة الأوقاف، قدرهم المراقبون في أول إحصاء بنحو أكثر من ثلاثين شهيدًا.
غير أن أهالي منطقة منشأة الكرام بشبين القناطر، حيث مسقط رأس د.عبد الرحمن عويس، شيعوه في اليوم التالي لاستشهاده، فيما لحقه ولده عمرو بعدما ظل في غيبوبة لثلاثة أشهر إلى أن استقر إلى جوار والده.
جوانب جديدة
وقبل يومين مرت ذكرى الفض على الدكتور منير جمعة، عضو رابطة علماء ضد الانقلاب، فسجل عن هذا الأستاذ الذي تحدث كثيرا عن الشهادة، وكان حديثه صادقًا، فلقي ربه شهيدا، يقول "جمعة": "إنه العالم الكبير الذي كان لا يرى نفسه".
وتابع "عرف الحق فعمل به وجهر بالدعوة إليه، لم يسع إلى شهرة أو منصب، لم تمنعه مكانته ولا سنه من أن ينام على الأرض في رابعة العدوية، ليضرب بذلك المثل للعلماء الربانيين العاملين.. شاء الله أن يصطفيه هو وولده يوم المذبحة الكبرى، والذين تعاملوا معه يصفونه بأنه زيّن القرآن بالفعال.. فصار حجة على العلماء إلى يوم الدين، نحسبه كذلك ولا نزكيه على رب العالمين".
ويضيف "رأيته بنفسي ينام مع إخوانه على الأرض.. واستمعت إليه كثيرا يتحدث عن (الشهداء في القرآن الكريم) لإخوانه خلف منصة رابعة مباشرة.. سلام عليه وعلى جميع شهدائنا الأبرار في الخالدين.. هنيئا لأستاذنا الدكتور عبد الرحمن عويس، أستاذ التفسير وعلوم القرآن بجامعة الأزهر، وهنيئا لابنه الذي اصطفاه الله معه، وحقا.. إن لله أولياء في كل زمان يصطفيهم بالشهادة من بين جميع خلقه".
وشاهد المصريون صور "الدكتور عبد الرحمن" ولم يعرف أيٌّ من طلابه نبأ استشهاده إلا ويؤكد أنه كان نعم الأستاذ الخلوق الرباني، ولم تفارقه الابتسامة أبدًا، ومن العجيب أن الابتسامة كذلك لم تفارقه عند استشهاده.
وكان الدكتور عبد الرحمن يسكن بمدينة حلوان، وقد قتلته القناصة أثناء فض اعتصام رابعة، كما استشهد معه من علماء الأزهر وأئمة الأوقاف أكثر من ثلاثين شهيدا.
يقول موقع "تفسير": "الأستاذ الدكتور عبد الرحمن عويس كان من أطيب الأساتذة وأكثرهم أدبًا وخلقًا.. اللهم تقبله شهيدا.. لم نستطع إرفاق صورة منتشرة على الفيس بوك تراه وهو ميت، وفيها ترى الابتسامة تشرق في وجهه.. وكأنه يرى مقعده من الجنة.. نحسبه من الشهداء ولا نزكي على الله أحدا".
قصة وطن
واعتبر متابعون أن عمرو عبد الرحمن، نجل الدكتور عويس، أحد أبرز العقول التقنية وأحد أفراد فريق تعريب الأيفون التي خسرتها مصر نتيجة مذبحة فض رابعة، وتحدثت مواقع كثيرة عن علمه التقني في إدارة الشركة، وأسهم في تطوير منتجات مصرية عربية خالصة، أجبرت شركة عالمية مثل "آبل" على تعريب نظامها وإصدار نسخة للعربية.
وكان عمرو عبد الرحمن، المدير العام لشركة MiMV التي قامت بتوفير الكيبورد العربي للأيفون في بداية نزوله، بالإضافة لأبرز التطبيقات الإسلامية علي (آيفون) المعروفة "آيفون إسلام"، والتي ربما لا يوجد مستخدم عربي لآيفون إلا وقد استخدم تطبيقا لها.
ومن إنجازات الشركة منذ البداية في 2007، "فتح مستودع برامج يعمل على Installer ليكون أول مصدر عربي لبرامج الآي-فون"، ثم في 2008 "عربتالر (Arabtaller) أول تعريب كامل للآي-فون ومجاني والذي كان أكثر برنامج مبيعا في الوطن العربي في تلك الفترة"، وفي 2009 أنتج محركا متطورا للآي-فون (iFlipPage) يعمل على محاكاة الكتاب الحقيقي على بيئة آي-فون"، ثم في 2010 أصدر برنامجا لتفعيل الفيس تايم في الشرق الأوسط بعد حجب آبل للخاصية"، بالإضافة إلى "إنجاز عالمي وتفعيل خدمة فيس تايم على هواتف 3 جي إس". وفي 2011 "ثاني إنجاز عالمي تكلمت عنه عدد من الصحف العالمية بتحويل الآيباد إلى هاتف"، وفي 2012 "إطلاق موقع آب- عاد موقع متخصص في تطبيقات أجهزة آبل، ليكون متجر تطبيقات للمستخدم العربي".
والعجيب في الموضوع أنه وبرغم كل هذه الإنجازات لا يوجد له أي تكريم أو ذكر في الإعلام المصري التقليدي، برغم تأثيره الكبير في المنطقة العربية كلها، ولا نعلم إلى متى هذا التجاهل لأفضل من أنجبت مصر، سواء إذا كانوا أحياء أو في ذمة الله.