هل تصبح “نيويورك” منفى السيسي بعد انطلاق الثورة الشعبية؟

- ‎فيتقارير

من عجائب وغرائب إعلام الانقلاب الذي تديره المخابرات والشئون المعنوية للجيش وأمن الدولة، أنه منذ سفر عبد الفتاح السيسي الي نيويورك، اختفت اخباره ولم تقم الصحف ولا الفضائيات بمتابعة أخباره كالعادة ولم يكتب الصحفيون المرافقون له أي شيء يذكر عن نشاطه.

هذا الغموض بجانب ما ظهر عليه أحمد موسي وهو يقول محبطا: “ربنا كبير.. نحن في محنة كبيرة”، وغياب ردود الفعل الرسمية على ما جري، باستثناء بيان من مستشار السيسي الأمني اللواء أحمد جمال الدين يزعم أن ما حدث ضمن «المؤامرات والمحاولات للإساءة إلى رمز الدولة ومؤسساتها الوطنية»، من قِبل «العملاء والمأجورين والهاربين»، يؤكد أن شيئا غير عادي يحدث.

ربما لهذا يتوقع مراقبون حال استمرت المظاهرات أو الاضطرابات التي ستنعكس على المزيد من تدهور الاقتصاد والغلاء، أن ينتهي الأمر بانقلاب قصر عسكري على السيسي في محاولة لمنع ثورة دموية مقبلة بشهادات مراكز الأبحاث العالمية، وأن تتحول نيويورك إلى منفى للسيسي.

مداولات ما قبل السفر

فقبل سفر السيسي واشنطن نشرت تقارير على لسان مصادر مطلعة تؤكد أن عبد الفتاح السيسي يدرس إلغاء سفره إلى نيويورك، حيث سيشارك في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة ويلقي كلمته الثلاثاء المقبل، بسبب “الأوضاع المرتبكة” في مصر.

وقالت المصادر إن نقاشا معمقا يجري بين أنصار إلغاء الزيارة أو القيام بها، حيث يرى الفريق الأول أن الإلغاء سيبعث برسالة سلبية أن حكم السيسي مهددا، فيما يرى الفريق الثاني أن خروج السيسي من البلاد قد يعطي انطباعا أن الأمور طيبة وإن كان قد يشجع أي جهات متصارعة ترغب في الانقلاب عليه.

وأكدت هذا أن الترتيبات لزيارة نيويورك كانت تتم ببطئ، ولم يتم الانتهاء من تنسيق الحشود المعتادة لاستقباله هناك، حتى إنه لم يظهر سوى 15 شخصا يدعمون السيسي أمام مقره في أمريكا.

وكان من الواضح أن السيسي مشغول بعقد اجتماعات مكثفة لمواجهة الحملة ضده، منذ انتشار فيديوهات المقاول والممثل محمد علي، وما تلاها من فيديوهات أخرى لنشطاء وضباط تؤيد عزله ومحاكمته وتتهمه بالفساد والقمع.

ويبدو أن الأجهزة أقنعته أنه لا يوجد قلق رسمي من دعوات النزول للتظاهر يوم الجمعة للشارع وتوقعات أمنية ألا يحدث شيء، ولكنهم فوجئوا بخروج مئات المصريين لتحدي الرصاص والغاز المسيل وفي قلب ميدان التحرير نفسه المحصن، فتخبطت الداخلية وتخبط السيسي وفريقه وترددوا في التعامل مع المظاهرات حتى ما بعد منتصف الليل حين استفحلت فقرروا البطش المعتاد واعتقال قرابة 400 متظاهر في 5 محافظات منهم 200 في القاهرة على الأقل.

وكان جانب من قلق السيسي نابعا من احتمالات تململ وتحرك أجهزة أخرى على رأسها بعض جنرالات وضباط الجيش نفسه ضد السيسي خشية من سيناريو فوضى وعنف لو استمر الغليان الشعبي.

ولذلك رجحت المصادر حتى مساء الجمعة أن يتولى وزير الخارجية سامح شكري رئاسة وفد مصر إلى نيويورك، ولا يسافر السيسي أو أن يقلص السيسي على الأقل مدة بقائه خارج البلاد هذه المرة حال سفره (لإظهار أنه يسيطر على الأوضاع ولا يوجد مخاوف من انقلاب الجيش ضده).

ولكن جاء حجم المظاهرات الضخم واضطرار السيسي للبقاء حتى إلقاء كلمته يوم الثلاثاء وإلا اعتبرت عودته مؤشرا على تهديد حكمه، ليزيد الأعباء على السيسي وأجهزته ويتسبب في ارتباكهم وعدم إصدار أوامر محددة للشرطة، فضلا عن غياب الجيش الذي أثار علامات استفهام ربما تفسر صمت السيسي وعدم تعقيبه حتى الآن.

لماذا سافر السيسي؟

يبدو أن سفر السيسي جاء لضرب عصفورين بحجر واحد، فهو حال اندلعت ثورة دعمتها جهات وأجهزة متصارعة معه سيكون في مأمن خارج مصر ويجد نيويورك أو أي دولة أخرى داعمة ملجأ له من المحاكمة والبطش به، كما أن سفره يعطي انطباعا للعالم أنه يسيطر على الوضع وليس هناك تهديد لحكمه.

ولكن المشكلة أن حال نجح مؤيدو السيسي ومنهم الانقلابي وزير الدفاع في ضمان سيطرته على الأوضاع في البلاد، فسوف يعود أكثر بطشا وقمعا ويبعد من ظهر من تعامله مع أزمة المظاهرات أنه كان مؤيدا أو مترددا في قمعها أملا في أن تكون 30 يونيو أخرى لعزل السيسي، لهذا يصعب الحكم على الأوضاع إلا عقب انتهاء مؤتمر نيويورك ومعرفة مصير عودته أم لا؟

وهذه سادس مشاركة للسيسي في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ الانقلاب واغتصابه الرئاسة في يونيو 2014 وستكون مشاركته بمثابة رسالة سياسية للداخل والخارج أنه يسيطر على الأوضاع.

وبالتزامن مع زيارة السيسي لأمريكا خرجت مظاهرات أمام مقره تصفه بالخائن القاتل وتطالب بمحاكمته وتصمه بالفساد، فيما اختفت مظاهر حشد السفارة المصرية المصريين والأقباط هناك ولم يخرج سوى 15 قبطيا ومن أبناء العاملين بالسفارة في أتوبيس استأجروه بـ 1500 دولار ليلتقطوا الصور في فندق السيسي دون هتافات كحد أمني لدعمه.

كما وجهت 17 منظمة حقوقية دولية خطابًا مفتوحًا إلى دول الاتحاد الأوروبي الأعضاء في الآلية الدورية لمراجعة أوضاع حقوق الإنسان، يطالبونهم فيها بمناقشة “أزمة حقوق الإنسان المستمرة في مصر” خلال اجتماعهم المرتقب في 13 نوفمبر المقبل.