19 عامًا على استشهاد أيقونة الانتفاضة الفلسطينية “محمد الدرّة”

- ‎فيعربي ودولي

يمر، اليوم، 19 عامًا على استشهاد دُرة أطفال العرب “الشهيد محمد الدُّرة”، ليبقى الفلسطيني محمد الدرة (1988 – 2000)- الذي تحل ذكرى استشهاده فى 30 سبتمبر- أيقونة للانتفاضة الفلسطينية برمتها منذ ما قبل 1948 حتى الآن.

وُلد محمد الدرة في 22 نوفمبر 1988 في مخيم البريج بغزة، وقد اهتز العالم لاستشهاده بعدما نشر الصحفي الفرنسي شارل إندرلان مقطع فيديو وثَّق فيه لحظة استشهاده وإصابة والده بعدة رصاصات، وأصبح أيقونة انتفاضة الأقصى.

واندلعت الشرارة يوم 28 من سبتمبر 2000، عقب اقتحام رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك “أرييل شارون” المسجد الأقصى، وسط حماية مشددة من قوات وجيش الاحتلال. وقد أسفرت الانتفاضة التي استمرت خمس سنوات عن استشهاد 4412 مواطنًا، إضافة إلى 48 ألفًا و322 جريحًا.

خرج الطفل محمد جمال الدرة (11 عامًا آنذاك) من منزله بصحبة أبيه ليمرا بشارع صلاح الدين بقطاع غزة، حيث فُوجئ الأب والابن بأنهما وقعا وسط منطقة اشتباكات بين أفراد المقاومة الفلسطينية المشاركين بالانتفاضة وقوات الاحتلال.

الرصاص المنهمر من الجانب الإسرائيلي دفع الأب للارتماء مع ابنه خلف برميل إسمنتي لتفادي الرصاص. الأب الذي ظن أن إشارته لجنود الاحتلال بيد خالية تشير إلى أنه أعزل، ومطالبته بالتوقف عن إطلاق الرصاص تجاهه؛ لأنه فضلًا عن عدم امتلاكه سلاحًا، يخفي خلف ظهره طفلًا لا يعرف سببًا للإصرار على قتله بهذه الطريقة الوحشية، هذا الأب كان مخطئًا.

مقطع أيقظ العالم

مقطع الفيديو الذي لم يبلغ الدقيقة الواحدة (59 ثانية فقط تم بثها من 64 ثانية)، أثار وخْزَ الضمير العالمي وفتح عينيه على حقيقة القضية الفلسطينية، التي لطالما صوّرها الاحتلال الإسرائيلي بصفتها قضية سياسية يقف الفلسطينيون أمام حلها.

ذراع جمال الدرة تلوح في وجه جنود الاحتلال، مطالبًا بالتوقف عن إطلاق النار حتى لا يسقط الطفل قتيلًا. الطفل مذعور يتشبّث بملابس والده منطويًا على نفسه؛ ظنًا أن ذلك كفيل بتغطية أكبر قدر من جسده وإخفائه عن عيون الجنود، كل هذه لقطات كان بإمكان العالم أجمع أن يرى فيها صورة للقضية الفلسطينية على حقيقتها، قضية إنسانية بطلها شعب نهبت أرضه، هويته مستهدفة، في مواجهة عصابات سادية تتلذذ بالقتل، وتسعى إلى إفنائه.

ربما لم يكن متاحًا قبل ذلك– نظرًا لضعف القدرات التكنولوجية- تصوير مثل تلك اللقطات عن قرب، ولكن في ذلك اليوم كان المصور طلال أبو رحمة حاضرًا بعدسته ليلتقط الصورة التي هزت العالم أجمع، وظلت حتى الآن جرحًا في قلب الإنسانية، وبقعة سوداء في ثوبها.

المصور الذي يعمل مراسلًا للقناة الثانية للتلفزيون الفرنسي “فرانس 2” استطاع أن يلتقط المشهد كاملًا، وهو المشهد الذي أرسله الفرنسي شال إندرلان، مدير مكتب المحطة بفلسطين المحتلة، للمحطة في باريس، التي واجهت حملة صهيونية من التهديد والتشويه، بعد الأثر الذي تركه الفيديو على المستوى العالمي؛ حيث مثّل صدمة للرأي العام العالمي الذي لم تكن تصله سوى أكاذيب إسرائيلية بشأن المقاومة والشعب الفلسطيني بشكل عام.