أبعاد خطة السيسي ونجله محمود لمواجهة الغضب الشعبي بعد فيديوهات المقاول

- ‎فيتقارير

تبدو ملامح خطة نظام زعيم الانقلاب عبد الفتاح السيسي لمواجهة المشهد الغاضب واضحة الملامح من عدة أبعاد؛ فالسيسي يسعى إلى عدم سكب مزيد من الغضب الشعبي وتخفيف حدته الناتجة عن سياساته الاقتصادية القاسية على الطبقة الفقيرة من خلال إجراءين: الأول هو التراجع عن حذف  “1.8” مليون مواطن من بطاقات التموين، وهو أول تراجع يبديه النظام بشأن قرار اتخذه منذ انقلاب 3 يوليو 2013م، ما يعني أن مؤشرات ضعف النظام وهشاشته قد بدأت.

والثاني هو إرجاء عملية رفع أسعار الوقود التي كانت مقررة بدءا من الأول من أكتوبر الجاري خصوصًا بعدما ارتفعت أسعار النفط دوليًّا بنسبة 20%، في أعقاب الهجمات التي استهدفت مقرات مصافي شركة أرامكو السعودية، وأدت إلى تراجع إنتاج المملكة إلى أكثر من النصف.

على المستوى السياسي، يتجه النظام إلى تخفيف قبضته على الأحزاب الموالية له، واستعادة إعلاميين تم إقصاؤهم خلال السنوات الثلاث الماضية؛ من أجل ضمان ولائهم والعودة إلى التطبيل للنظام، بعدما فشلت الوجوه الجديدة أيضا في مهمتها في تجميل صورة النظام. وهو ما صرح به علي عبد العال، رئيس البرلمان، خلال جلسته الافتتاحية أمس الأول، حيث تعهد بإصلاحات سياسية وحزبية وإعلامية.

لكن هذا أمر مشكوك فيه؛ ذلك أن النظام الذي يبدي أقصى صلابة في تشبثه بالسلطة والانتقام من مخالفيه لن يكون حديثه عن الإصلاح السياسي إلا على غرار إصلاحه الاقتصادي الذي أفضى إلى كوارث غير مسبوقة أسقطت عشرات الملايين من المصريين إلى ما دون خط الفقر، وبلغت مستوياته حدودًا مرعبة مع عدم قدرة ملايين المصريين على مواجهة أعباء الحياة والغلاء الفاحش.

انتقام من 60 قائدًا بالمخابرات

لكن الأهم في خطة النظام لمواجهة مشهد الغضب بعد فيديوهات الفنان والمقاول محمد علي، التي فضحت فساد زعيم الانقلاب وزوجته انتصار وقادة بالقوات المسلحة، إضافة إلى مؤشرات تكشف ملامح مخططات توريث السلطة والحكم للضابط محمود السيسي، نجل قائد الانقلاب، الذي بات يهمين فعليًّا على جهاز المخابرات العامة وباقي الأجهزة الأمنية، يتمثل في ملاحقة أكثر من 60 من قادة جهاز المخابرات العامة، الذين تم نقلهم إلى وظائف إدارية أخرى بعيدا عن الجهاز، والذين يشك النظام في ولائهم ووقوفهم أو وقوف بعضهم وراء فيديوهات المقاول، وحملة الغضب ضد النظام.

تلفيق قضية للحقوقيين

أما بالنسبة للمنظمات الحقوقية التي تلاحق النظام ببيانات الإدانة وتوثيق جرائمه، وبعض الساسة المعارضين للنظام؛ فإن أجهزة النظام الأمنية تتجه إلى تلفيق قضية جديدة يضم إليها كل من له نشاط حقوقي؛ وهو ما كشف عنه بيان 9 منظمات، أمس الثلاثاء، حول إعداد السلطات الأمنية لقضية جديدة للبطش بما بقي من القيادات السياسية والحزبية والحقوقية، بعد اعتقالها أكثر من 2000 شخص خلال أسبوع واحد، على خلفية تظاهرات خرجت منددة بحكم السيسي وبطش أجهزته الأمنية.

وأكدت المنظمات، ومن بينها مركز النديم، أن الجميع أصبح في خطر، وأن الحملة الأمنية التي بدأت الأسبوع الماضي تترصد الصحفيين والمحامين وقيادات الأحزاب السياسية والمدافعين عن حقوق الإنسان، بالإضافة إلى حملات التحريض والتشويه الإعلامي، وتقاعس نقابتي الصحفيين والمحامين عن الدفاع عن أعضائهما.

وكشفت عن أن “القضية الجديدة (القضية رقم 1356 لسنة 2019) لم يتبين بعد عدد وماهية جميع المتهمين فيها، افتُتحت بخطف الناشط السياسي علاء عبد الفتاح، و”المحامي الحقوقي محمد الباقر مدير مركز عدالة للحقوق والحريات، حيث فوجئ الباقر بصدور أمر ضبط وإحضار له على ذمة القضية نفسها”.

وأمرت النيابة بحبسهما 15 يومًا على ذمة القضية، في سجن طرة (2) شديد الحراسة، وهو سجن ظروفه سيئة، وممنوعة عنه الزيارة”. كما تم ضم المحامي الحقوقي عزت غنيم مدير التنسيقية المصرية للحقوق والحريات، والمحامي إبراهيم متولي مؤسس رابطة أسر المختفين قسريًّا لنفس القضية.

وكانت صحيفة “الدستور”، المقربة من الأجهزة الأمنية، قد نشرت تقريرًا بعنوان “قصة 6 أوكار حقوقية تدعم مخطط الجماعة الإرهابية”، تضمن ما يشبه محضر تحريات، مستعرضا اتهامات خطيرة دون أي دليل لـ6 منظمات حقوقية؛ لأنها أدانت في بيان، الخميس الماضي، حملات القبض الموسعة بحق مواطنين. وسبقه تحقيق لصحيفة “الدستور” بعنوان “دكاكين حقوق الإخوان”، اتهمت فيه عددًا من المنظمات والمراكز الحقوقية- بينها مركز عدالة الذي يديره المحامي محمد الباقر- وبعض الأحزاب السياسية بتلقي تمويلات من الخارج للعمل على ضرب استقرار الوطن.

وتصعيد ضد الإخوان

أما بالنسبة للإخوان، فقد كشفت صحيفة “اليوم السابع” عن توجهات النظام في عدد اليوم الأربعاء، حيث نشرت تقريرًا موسعًا حول تسريبات مزعومة حول مخططات الجماعة (سبتمبر ــ  يناير)، وأن الهدف هو إرباك الداخلية بدءا من احتفالات أكتوبر حتى 25 يناير.. مدعية أن كلمة السر هي “الهاشتاجات”.. والتنسيق مع المقاول وتنظيم مجموعات ردع لمعارضي الإخوان على السوشيال ميديا، بحسب مزاعم الصحيفة، لكن يبدو أن النظام غير مدرك أن الخطر الأكبر الذي يتهدده ليس من الإخوان بقدر ما هو نابع من جهتين: الشعب الغاضب بسبب الغلاء الفاحش، وبعض مؤسسات النظام نفسه التي باتت تدرك أن بقاء السيسي واستمراره يمثلا خطرا على النظام كله.

فهل تطيح الأجهزة بالسيسي من أجل حماية النظام قبل الانفجار الكبير الذي يطيح بهم جميعا؟ أم أن النظام على خطى فرعون سوف يتشبث بمواقفه وعناده حتى يغرق مع السيسي كما غرق الجيش كله قبل آلاف السنين عندما تمسك بفرعون إلى آخر لحظة رغم ما عاينوه من آيات تبرهن على طغيانه وفساده وفشله؟.