“عائشة وإسراء”.. عندما تعتقل العصابة “الحالة المصرية” بمستقبلها وماضيها

- ‎فيتقارير

ما زالت مأساة النساء المعتقلات بسجون الانقلاب بمصر تمثل واحدة من أكبر الأزمات التي يواجهها ملف حقوق الإنسان في عهد قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، الذي توسع في اعتقال الفتيات والسيدات منذ انقلاب الثالث من تموزو 2013.

ولا يختلف العالم على كون المرأة نصف المجتمع أو أنها تلد النصف الآخر، بل زاد البعض قولاً على قول إن النعصر الثاني من تكوين الأمم يمثل 70 بالمئة منها من حيث التربية والرعاية والتقويم؛ كونها حاضنة ومربية ومشفى للعليل والأوجاع. أما في مصر، فالوضع يختلف بالمرأة لدى سلطات الانقلاب وعصابتها القذرة يجب أن تعتقل أو تصّفى قتلاً وإخفاءً ويسرق زوجها أو أطفالها لإضعاف عزيمتها.

إسراء

اختطف العسكر الناشطة إسراء عبد الفتاح في أكتوبر الماضي، أثناء عودتها إلى المنزل، واقتادوها لمكان مجهول عرف فيما بعد، بعد دعوتها لاستكمال مسيرة محمد علي في النزول لمظاهرات “سبتمبر” للإطاحة بقائد العسكر عبد الفتاح السيسي.

وتعد إسراء عبد الفتاح من أبرز وجوه ثورة 25 يناير 2011، إلا أنها ابتعدت عن الأضواء عقب انقلاب 3 يوليو 2013 ولم تكن منخرطة في أي أنشطة سياسية خلال السنوات الأخيرة، ولم تكتب منشورات سياسية على صفحتها الشخصية عبر فيسبوك.

ومنذ مظاهرات 20 سبتمبر الماضي، اعتقلت قوات الأمن المصرية نحو مئة سيدة وفتاة، أفرج عن ما يقرب من عشرين فقط منهم.

وإسراء عبد الفتاح صحفية مصرية وناشطة سياسية وحقوقية، ومن مؤسسي حركة 6 أبريل، واعتقلت عدة مرات في عهد المخلوع حسني مبارك، وهي واحدة من الناشطين الممنوعين من السفر.

ويواصل العسكر اعتقال الناشطة السياسية على ذمة التحقيق في اتهامات لها بـالانضمام إلى جماعة محظورة، ونشر أخبار كاذبة وإساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي”.

عائشة

ابنة خيرت الشاطر، ربما قد تكون هي تهمتها الأولى والأخيرة، لكن المتتبع لعائشة الشاطر تجد أن المثل القائل من شابه أباه فما ظلم وقد تنطبق هذه الحالة على “عائشة”.

فعصابة العسكر لم تكتف بالتنكيل بكل قريب أو بعيد من اسم الشاطر حتى جاء الدور على عاشة الشاطر 39 عاما؛ حيث اعتقلت في نوفمبر 2018، ووجهت لها العصابة تهم “الانتماء إلى جماعة إرهابية”.

كانت منظمة العفو الدولية السلطات المصرية قد طالبت بأن “تضع حدا فوريا لتعذيب المعتقلة المريضة بشدة عائشة الشاطر”، ابنة خيرت الشاطر نائب مرشد جماعة الإخوان المسلمين.

وأشارت المنظمة- في آخر بيان لها قبل أيام إلى أن مصادر أخبرت المنظمة الحقوقية- إلى أن عائشة “تعرضت للضرب المبرح والصدمات الكهربائية والاختفاء القسري”.

وأضاف البيان أن عائشة “تعرضت للحبس الانفرادي المطول في ظروف ترقى إلى مستوى التعذيب”.

ونقلت المنظمة عن مصادر طبية أن عائشة “تعاني من فقر الدم اللاتنسجي، وهي حالة نادرة وخطيرة تؤثر على الدم”، وأضافت: “لا تزال حياتها في خطر شديد حاليا”.

وقالت مسئولة حملات شمال إفريقيا في المنظمة ناجية بونعيم: إن “الظروف اللاإنسانية التي تتعرض لها عائشة من قبل السلطات المصرية تعرّض حياتها لخطر جسيم”.

وشددت على أنه “يجب على السلطات المصرية أن تضمن فورا نقل عائشة إلى مستشفى مجهز باللازم لتزويدها بالعناية الطبية الكافية، وعليهم أيضا إنهاء الحبس الانفرادي والسماح لها بزيارات عائلية منتظمة”.

تحية للحالة المصرية

الوزير الأسبق الدكتور محمد محسوب غرد على حسابه بتويتر قائلا: تحية للسيدتين عائشة الشاطر وإسراء عبدالفتاح، تجسدان كل ما يمكن قوله عن الحالة المصرية: انحطاط استبداد يرتكب ما خجل الاحتلال ٧٠ سنة من الاقتراب منه، ودور المرأة الوطني، فاضح للظلم وكاشف عن أصالة شعبنا،وهزلية اختلاف سياسي يمزق جماعة وطنية لا تملك للخروج من أزمتها سوى وحدتها.

مأساة المعتقلات بسجون السيسي

وتشير الإحصاءات التي تناولت ظاهرة اعتقال السيدات إلى أن الأرقام تخطت ألفي سيدة وفتاة خلال السنوات الست الماضية، وبعضهن تعرضن للاختفاء القسري لفترات امتدت لشهور، كما أن عددا منهن رهن الاعتقال بمقر الأمن الوطني، رغم أنهن يخضعن للتحقيق المنتظم بالنيابات المختصة.

ووثقت رابطة “نساء ضد الانقلاب” 320 حالة اعتقال واختفاء قسري في حق النساء، وحتى نهاية 2018 ما زالت في السجون 70 سيدة وفتاة، موزعات على سجن القناطر الخاص بالسيدات، ومقار الأمن الوطني بالشيخ زايد ومدينة نصر.

مأساة متعددة

تشير الناشطة الحقوقية نورا عبدالله إلى أن السيسي تجاوز منذ اللحظة الأولى الخطوط الحمراء فيما يتعلق باعتقال النساء والفتيات؛ حيث كان مقتل هالة أبو شعيشع وزميلاتها من أول العمليات الانتقامية التي نفذها الانقلاب ضد مؤيدي الرئيس محمد مرسي، ومن هذا التاريخ لم يعد هناك حرمة للنساء في قاموس السيسي وأجهزته الأمنية.

وتؤكد عبد الله أن التجاوزات في حق النساء لم تقف عند حد الاعتقال والسجن، وإنما امتدت للتعذيب، كما جرى مع طالبات الأزهر، سواء بأقسام شرطة الأزبكية ومدينة نصر ومصر الجديدة في بداية الانقلاب، ثم التعذيب بمقار الأمن الوطني.

“عار على الجبين”

وفي تعليقه على هذه الممارسات يقول السفير عبد الله الأشعل نائب رئيس مجلس حقوق الإنسان الأسبق: إن ما يجري من ممارسات مع المرأة المصرية بشكل عام والفتاة بشكل خاص، من خطف واعتقال وإخفاء قسري، يمثل جريمة في حق هؤلاء.

وأكد في تصريحات له أن مثل هذه الممارسات تتناقض مع كافة الشرائع والأعراف والمواثيق الدولية، خاصة أن من يتم معهن هذا السلوك لم تثبت إدانتهن أو غير متورطات في جرائم جنائية، بل اتهامات مرسلة لها علاقة بالتعبير عن الرأي على أقصي تقدير وهذا حق مكفول في كل الدساتير، وليس عقوبته الخطف والتغييب القسري.

وأوضح أن “ما يجري عار في جبين النظام المصري وكافة المؤسسات الدولية، وكذلك المؤسسات الحقوقية بالداخل والخارج، داعيا هذه المؤسسات جميعها التحرك لوقف مثل هذه الممارسات.

جرائم غير مسبوقة

وأكدت الناشطة الحقوقية منال خضر أن وضع المرأة في عصر نظام الانقلاب الوحشي شهد أسوأ حالاته، لافتة إلى أنه تم إعتقال آلاف النساء لمجرد أن النساء صامدات خلف أزواجهن أو آبائهن أو أبنائهن.

وتابعت: “المرأة من أعمدة صمود الرجال بالمعتقلات، وبالتالي تسعى سلطات الانقلاب لكسر هذا الصمود بشكل أو بآخر باختطافها للضغط على أبيها أو زوجها أو ابنها، وهذا مخالف لكل الأعراف والقوانين”.