“التعليم” فى مصر.. مصائب لا تتوقف ومناهج عقيمة ودروس خصوصية تستنزف المواطنين

- ‎فيتقارير

الآلاف من الأسر المصرية تعيش على الدعوات والصبر والتحمل من أجل فلذات الأكباد، الذين لا حول لهم ولا قوة من “الجشع” الذى توحّش كل يوم؛ من أجل تعليم أفضل أو دراسة مفيدة، لكن النهاية تصبح مأساوية بعدما يجد الطالب طريقه للمقهى، أو الفتاة على أحد كراسي “الأنتريه” أمام التلفزيون.

ومع اقتراب امتحانات نصف العام الدراسي في مصر، التي بدأت قبل أيام بنهاية العام الميلادي 2019، يعود مسلسل ارتفاع التكاليف المتوجّبة على عائلات التلاميذ المضطرّة إلى “المراجعات النهائية” و”الملازم”.

وتشهد المكتبات زحمة كبيرة، فالمعنيون يتهافتون عليها لتصوير وشراء ما يلزمهم، حتى يتسنّى للتلاميذ الانتهاء من المراجعات قبل انطلاق الامتحانات في البلاد، علمًا أنّ تنسيقًا يقوم ما بين مراكز الدروس الخصوصية والمكتبات.

ويشكو أولياء الأمور من ارتفاع أسعار الدروس، مؤكّدين أنها تحوّلت إلى “بيزنس” وقد باتت تُهدّد الأسر المصرية. ويتّهم بعض الأهالي المدرّسين الخصوصيّين بـ”الجشع”، وأنهم لا همّ لهم غير الحصول على المال من التلاميذ، الأمر الذي يشكّل عبئًا اقتصاديًّا عليهم. في المقابل، يرى كثير من هؤلاء المدرسين أن شهري إبريل ومايو هما فرصتهم لجمع المال.

15 مليار جنيه سنويًّا للدروس الخصوصية

وأظهرت نتائج آخر الإحصائيات أن الدروس الخصوصية تلتهم سنويا ما بين 12 و15 مليار جنيه من ميزانيات الأسر المصرية، التي تلجأ في كثير من الأحيان إلى الاقتراض لسداد أجور المدرسين الخصوصيين.

كما أكدت دراسات حديثة أنه بجانب الإنفاق العائلي عليها، هناك 1.5 مليار جنيه تذهب لشراء الكتب الخارجية، في الوقت الذي تعاني فيه مصر من معدل نمو منخفض، إلا أن المشكلة ليست اقتصادية فقط بل لها آثارها الاجتماعية السلبية علي الطلبة في المستقبل، حيث التعود على الاعتمادية والخمول العقلي، وعدم خلق مشروع باحث جيد يبحث عن المعلومة والمعرفة بأسلوب علمي معاصر.

غول للأسر المصرية

في هذا الإطار أيضا، يقول الخبير التربوي كمال مغيث: إن الدروس الخصوصية في مصر باتت ظاهرة خطيرة و”غولاً” يفترس الأسر المصرية. ويشرح أن عوامل عدة ساعدت على انتشار الدروس الخصوصية، منها الازدحام في الفصول، وعدم التزام بعض المدرسين، وغياب رقابة الجهات المعنية في الدولة، وقدرة المدرسين الخصوصيّين على توقع أسئلة الامتحانات، الأمر الذي يدفع التلاميذ للّجوء إلى الدروس الخصوصيّة، علّهم يحصلون على معدلات جيدة. ويرى أن التعليم في مصر يعاني من التخبّط، ما قد يؤدي إلى تدهوره.

يضيف مغيث أنه يصعب تجريم الدروس الخصوصية، وقد أصبحت بديلا عن المدرسة، مطالبا بضرورة إعادة الدور للمدرس والمدرسة، والاهتمام بجودة العملية التعليمية، وإعداد المدارس وفق نظام الجودة المعتمد، وزيادة الميزانية حتى تتمكن الوزارة من تأهيل المدارس، لافتا إلى أن “الدروس الخصوصيّة جعلت طلاب مصر اتكاليّين”.

وأشارت مصلحة الضرائب إلى أن المصلحة تفتح سنويا ألف ملف للمدرسين، وقد بلغت الملفات حتى الآن 150 ألف ملف، وأكدت مصلحة الضرائب أن متوسط دخل المدرس عند الدروس الخصوصية يصل من 15 ألف جنيه إلى 60 ألف جنيه شهريًّا، وهو ما يشير بوضوح إلى مدى خطورة الظاهرة، فضلا عما تكشف عنه من تداعيات اجتماعية سيكون لها أكبر الأثر السلبي في المستقبل القريب.