شاهد.. حقوقيون: قوانين السيسي الشاذة ضربت البنية التشريعية والثوابت القضائية

- ‎فيأخبار

الحرية حق وهي مصونة لا تمس” المادة 54، “المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية عادلة تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه”، المادة 96.

مواد دستورية يفترض أن تمثل جوهر العدالة حسبما تواترت عليها الدساتير فيما يترجم غيابها في أي مجتمع غياب العدالة وحضور الظلم ومن هذا الظلم تحويل إجراءات التحقيق مع البريء إلى عقوبة، وهذا ما يحدث بعملية استغلال النظام في مصر لإجراء الحبس الاحتياطي السكين الذي يذبح به آلاف الأبرياء.

يحدث هذا في وقت ألغت فيه كثير من الدول أو كادت إجراء الحبس الاحتياطي فجعلته مقيدا بقيود مشددة تضمن عدم تحويله إلى عقوبة بحق أي متهم قد تثبت براءته ليقتصر هذا الإجراء على أيام معدودات يتعين خلالها على سلطة التحقيق أن تعثر على أدلة تدين المتهم وتحيله بها إلى القضاء وإلا أفرجت عنه فورا.

يحدث هذا فيما تزدحم تقارير المنظمات الحقوقية بقوائم المنسيين المحبوسين احتياطيا في مصر بين ثلة معروفة وآلاف لا يؤبه لمعاناتهم، هؤلاء المظلومين احتياطيا بلا أمل، في مصر يمتد تعبير الثلاجة في الإشارة إلى الحجز الاحتياطي ليصل إلى العالمية فتراه مكتوبا بلفظه في تقارير منظمة العفو الدولية توثيقا لتجاوزات الدولة  لإبقاء موقوفين أبرياء لسنوات دون محاكمة فيما يبدو هذا الظلم أهون قليلا من إخفاء هؤلاء قسريا وتغييبهم عن ذويهم.

حيث وثقت المنظمة في تقريرها السنوي تعرض أكثر من 700 مصري للإخفاء القسري خلال عام 2019 ولمدد وصلت إلى ما يزيد عن 6 أشهر لكن الثابت أن هذا العام وعلى الرغم وحشية الأجهزة الأمنية وأعمال الترهيب أثبت قدرة الشراع وتصميمه على نيل حريته والمطالبة بحقوقه الإنسانية.

بدورها خاطبت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان كلا من رؤساء مجلس النواب ومجلس الوزراء والمجلس الاعلى للهيئات القضائية للتقدم إلى وزير العدل بطلب لتفسير التناقض في المواد القانونية المتعلقة بمدة الحبس الاحتياطي في قانون الإجراءات الجنائية.

وقال برنامج العدالة الجنائية في الشبكة الحقوقية إنه أرسل خطابات مسجلة بعلم الوصول لهذه الجهات حتى يؤدي وزير العدل دوره الدستوري  من خلال عرض طلب تفسير المادة 143 و380 من قانون الإجراءات الجنائية على المحكمة الدستورية إذ حظرت المادة الأولى الحبس احتياطيا بأي صورة لمدة تزيد عن عامين في حين يستند بعض القضاة للمادة الثانية على اعتبار أنها لم تضع حدا للحبس الاحتياطي.

وفي بيان نشرته الشبكة على موقعها الإلكتروني قالت إن التناقض في تطبيق المادتين من خلال أجهزة النيابة العامة والمحاكم أدى إلى حدوث إخلال جسيم بحقوق المواطنين القانونية والدستورية مضيفة ان حكم المادة الـ33 من قانون المحكمة الدستورية أناط بوزير العدل التقدم للمحكمة الدستورية بطلب تفسير نصوص القوانين والقرارات بالقوانين الصادرة من رئيس الجمهورية إذا ما أثارت خلافا في التطبيق وكان لها من الأهمية ما يقتضي توحيد تفسيرها.

قناة “مكملين” ناقشت عبر برنامج “قصة اليوم”، أزمة الحبس الاحتياطي ومطالب العدالة وقصة الحقوق الإنسانية في دولة العسكر.

تغيير منظومة العدالة

وقال علاء عبدالمنصف، مدير منظمة السلام الدولية لحماية حقوق الإنسان، إن البنية القانونية والتشريعية في مصر فيما يتعلق بالحبس الاحتياطي كان لها قواعد مرساة منذ سنوات كثيرة وكان هناك استقرار للقواعد القانونية للحبس الاحتياطي بل حدث حراك قانوني في هذا الأمر فيما يتعلق بالحبس الاحتياطي لأنه كان يشكل أداة وتدبير من تدابير التحقيق كضمانة لسلامة التحقيق الجنائي سواء من النيابة أو قاضي التحقيق.

وأضاف أنه حدث حراك قانوني في هذا الأمر ومطالبة بتغيير الحبس الاحتياطي وبدأت توضع قواعد قانونية في قانون الإجراءات الجنائية منذ 2008 تتعلق ببعض التدابير الأخرى بجانب الحبس الاحتياطي، مثل تحديد الإقامة والمنع من السفر وترقب الوصول وبعض الأدوات الأخرى التي تستطيع جهة التحقيق أن تباشرها مع المتهم حتى لا تتحول هذه الأداة إلى عقوبة.

وأوضح أن القرار بقانون 83 لسنة 2013 الصادر من المستشار عدلي منصور، الرئيس المعين، ضرب البنية التشريعية والثوابت القضائية بشكل خطير في مصر، لأنه كانت هناك قواعد للحبس الاحتياطي، مضيفا أن الأصل في هذه الأداة حماية التحقيق وليست عقوبة تفرض على المتهمين وعدلي منصور بقراره عدل هذا الأمر وجاء ليغير القاعدة القانونية وأصبحت المدد في الحبس الاحتياطي مفتوحة ولم يقصرها على مدة محددة، بعد أن كان هناك قواعد قانونية بمدد قانونية للحبس الاحتياطي أقصاها عامين للجرائم التي تشكل عقوبتها الإعدام أو المؤبد.

وأشار إلى أنه بعد الانقلاب العسكري في 2013 كان لا بد من تغيير القاعدة التشريعية والبنية القانونية لمنظومة العدالة وحدث خلل نتيجة صدور عدة قرارات بقوانين صدرت في هذا الوقت أخطرها كان القرار بقانون 83 لسنة 2013 بتعديل مدد الحبس الاحتياطي وأصبحت هناك نصوص تحدد الحبس الاحتياطي بمدة عامين ونصوص أخرى لا تتفق مع جوهر الدستور ولا تتفق مع المواثيق الدولية التي صدقت عليها مصر مثل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.

   مصطلحات مطاطة

بدورها قالت ديالا شحادة، الخبيرة القانونية، المحامية السابقة بالمحكمة الجنائية الدولية، إن المبدأ لقيام أي نظام قضائي وطني عادل أن تكون النصوص القضائية الخاصة بحقوق المشتبه فيهم واضحة تماما في النصوص المكتوبة والتطبيق.

وأضافت ديالا أنه من المهم لأي دولة تزعم بأن سيادة القانون فيها هي معيار معتمد أن يكون عامل أساسي من النظام القضائي هو حقوق الدفاع والمشتبه فيه، ولا يمكن من جهة أن يكون هناك نص خاص يضع حدا أقصى للتوقيف الاحتياطي الذي يسبق الادعاء وتوجيه التهم وإصدار مذكرة توقيف وجاهية وبدء المحاكمة بما يتضمن من جلسات استماع للشهود أو طلب مستندات وأدلة.

وأوضحت ديالا أن مصطلح الجرائم التي تهدد امن الدولة معنى مطاط يفتح الباب لدى النظام لاستخدام كافة الأساليب لقمع معارضيه وهذه السيادة منتشرة في عدد من الدول العربية كما حدث في لبنان حيث تعتمد المحكمة العسكرية الدائمة في بيروت تفسيرا ضيقا وخاطئا للقانون لكي تحاكم كل من شارك في النزاع المسلح في سوريا دون أن يكون قد ارتكب جرائم حرب أو جرائم ضد الدولة اللبنانية بل ويعتبر أنه مارس جريمة من جرائم الإرهاب في سوريا لمجرد انه حاول تغيير النظام بالقوة وهذا الأمر تكرر أيضا في مصر مع المعارضين السياسيين.

وأشارت إلى أن تفسير جرائم الإرهاب يجعل أي شخص يعارض النظام العسكري في مصر عرضة للتوقيف لفترات زمنية غير محددة، قبل توجيه أي تهم إليه.