لماذا يخاف العسكر من صلاة التراويح؟

- ‎فيتقارير

الحرب الشعواء التي يشنها نظام الانقلاب الدموي بقيادة عبد الفتاح السيسي وشيوخ العسكر على صلاة التراويح، والإصرار على منعها سواء داخل المساجد أو خارجها أو حتى على أسطح المنازل، كما اقترح البعض، مسألة تثير الكثير من الشكوك فى النوايا السيئة لنظام انقلابي استبدادي قمعي.

هذه الحرب تؤكد، في رأي البعض، أن المسألة لا علاقة لها بإجراءات وقائية واحترازية لمواجهة فيروس كورونا المستجد، وإنما تكشف عن عداء العسكر لكل ما هو إسلامي.

الغريب أن يصل تصلب العسكر إلى رفض اقتراح بأن يصلى كل إمام مسجد صلاة التراويح بمفرده ودون حضور، وأن تُبث الصلاة عبر مكبرات الصوت لخلق أجواء رمضانية اعتاد عليها المسلمون فى الشهر الكريم، وهذه الخطوة أقرتها المملكة العربية السعودية وقررت العمل بها.

ودفع هذا التصلب محمد مختار جمعة، وزير أوقاف الانقلاب، إلى إعفاء أحمد القاضي، المتحدث باسم وزارة الأوقاف، من منصبه لمجرد أنه وعد فى برنامج تلفزيوني مع الإعلامى السيساوى أحمد موسى بأن الأوقاف ستدرس إقامة صلاة التراويح فى المساجد على الطريقة السعودية، أى الإمام فقط بدون حضور.

مفتى العسكر

من جانبه قال د. شوقي علام، مفتي العسكر، إن صلاة التراويح سنة مؤكدة، مطالبا المصريين بأدائها في البيوت وعدم التحايل على ذلك بإقامة جماعات في أفنية البيوت أو فوق أسطحها أو غيرها تجنبا للعدوى وانتقالها وفق تعبيره. مضيفا، في كلمة مصورة، “على المسلم أن يجدد نيته في الأمر حتى يؤجر بتعبده لله عز وجل عن طريق التزام هذه الإجراءات الاحترازية، بحسب تصريحاته.

وأكد أنه لا يجوز الفطر في نهار رمضان للأصحاء لمجرد الخوف من وباء كورونا، أما المرضى فإنما يرخص في الإفطار لمن كان الصوم يزيد من مرضه، وهذه لا بد فيها من شهادة طبيب مختص يؤكد له ذلك، وهو ما عليه المذاهب الأربعة.

وأوضح علام أن صوم رمضان ركن من أركان الإسلام، وفريضة فرضها الله تعالى على كل مسلم مكلف صحيح مقيم مستطيع خالٍ من الموانع؛ قال عز وجل: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾.

وتابع : شريعتنا الإسلامية الغراء فيها من السعة والرحمة ما قد رفعت به الحرج عن المسلمين في كل تكاليفها انطلاقاً من قوله تعالى: ﴿يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر﴾.

وأوضح مفتي العسكر أنه في تلك الظروف الاستثنائية التي يمر بها العالم أجمع وهي انتشار وباء “كورونا”، نؤكد للمسلمين في كل مكان خاصة في مصر أننا وبعد الرجوع للمتخصصين من أهل العلم والطب في جميع التخصصات الطبية والعلمية المتعلقة بهذا الفيروس الوبائي وآثاره، نؤكد أنه لا يوجد أي تأثير سلبي للصوم في حالة الوباء الراهنة على الأشخاص العاديين، وأن عدم شرب الماء أو تناول الأغذية لمدة النهار لا يزيد من احتمال انتشار العدوى؛ إذا التزم الشخص بتعليمات الوقاية اللازمة.

وزير أوقاف الانقلاب

محمد مختار جمعة، وزير أوقاف الانقلاب، أعلنها صريحة حتى قبل فرض الإجراءات الوقائية والاحترازية، وقال: إن المساجد ستظل مغلقة خلال شهر رمضان، وإنه لا مكان لصلاة التراويح لا داخل المساجد ولا خارجها، ولا موائد الرحمن ولا اعتكاف ولا صلاة العيد ولا أي أنشطة رمضانية طالما استمر فيروس كورونا.

وزعم جمعة، فى تصريحات صحفية، أن ما اتخذه من قرارات تتعلق بشأن تعليق الجمع والجماعات وصلاة التراويح بنيناه علميًّا على رأي أهل العلم والاختصاص من الجهات الطبية، وعلى رأسها وزارة صحة الانقلاب، ومنظمة الصحة العالمية، اللتين أكدتا خطورة التجمعات في نقل العدوى بفيروس كورونا المستجد، وفقهيا على ما علّمنا ديننا الحنيف أن حياة الساجد قبل عمارة المساجد، وأن الحفاظ على النفس من كل ما يعرضها للهلاك من المقاصد الضرورية الكلية لديننا الحنيف، بحسب تعبيره.

ويحاول جمعة شرعنة منع صلاة التراويح، ويشير إلى أن الإمام مسلم أفرد في صحيحه في كتاب المساجد بابًا لاستحباب صلاة النافلة في البيت، تحت عنوان: “باب استحباب النافلة في بيته وجوازها في المسجد”.

وتبريرا للمنع يقول وزير أوقاف العسكر: “هنا عليك أن تتأمل في فقه العنوان الذي أضفى صفة الاستحباب على صلاة النافلة في البيت وصفة الجواز على صلاتها في المسجد، وذلك لقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) في الحديث الذي أخرجه الشيخان: الإمام البخاري والإمام مسلم في صحيحيهما عن سيدنا زيد بن ثابت (رضي الله عنه) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: “فَعَلَيْكُمْ بِالصَّلَاةِ فِي بُيُوتِكُمْ ؛ فَإِنَّ خَيْرَ صَلَاةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلَّا الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ”، والحديث في أعلى درجات الصحة .

كما أخرج الترمذي في سننه عن سيدنا زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ (رضي الله عنه) أيضا، عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَالَ: “أَفْضَلُ صَلَاتِكُمْ فِي بُيُوتِكُمْ إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ”، سنن الترمذي: أَبْوَابُ الصَّلَاةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) بَابٌ: مَا جَاءَ فِي فَضْلِ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ فِي الْبَيْتِ وذكر أهل العلم أن لصلاة النافلة في البيوت فوائد، منها: حصول البركة بالصلاة فيها، وشهود الملائكة لها، ونفرة الشيطان منها.

وبخصوص صلاة قيام رمضان (التراويح)، قال إن الإمام البخاري أخرج في صحيحه عن سيدنا زَيْدِ بْنِ ثَابِت (رضي الله عنه) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) اتَّخَذَ حُجْرَةً، قَالَ: حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ: مِنْ حَصِيرٍ فِي رَمَضَانَ فَصَلَّى فِيهَا لَيَالِيَ، فَصَلَّى بِصَلَاتِهِ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَلَمَّا عَلِمَ بِهِمْ جَعَلَ يَقْعُدُ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ : ” قَدْ عَرَفْتُ الَّذِي رَأَيْتُ مِنْ صَنِيعِكُمْ، فَصَلُّوا أَيُّهَا النَّاسُ فِي بُيُوتِكُمْ ؛ فَإِنَّ أَفْضَلَ الصَّلَاةِ صَلَاةُ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ”.

تهديدات وقحة

وأضاف أنه “إذا كان الرأي على جواز صلاة التراويح في البيت وصلاتها في المسجد، مع ترجيح لهذا أو ذاك، فإن ذلك كله مرتبط بالأحوال العادية الطبيعية، لكن الأمر مختلف في أوقات النوازل والجوائح التي يتقدم فيها الحفاظ على النفس على ما سواه، وإذا كان رأي أهل العلم قد أجمع على تعليق الجمع والجماعات في المساجد حفاظًا على النفس البشرية، من باب أن الساجد قبل المساجد، وأن الحفاظ على حياة الساجد من الهلاك أولى من عمارة المساجد، فإن تعليق صلاة التراويح في المساجد أولى، وإذا كان أهل العلم والاختصاص قد أكدوا أن إقامة الجمع والجماعات بالمخالفة لقرارات جهات الاختصاص إثم ومعصية، فإن جمع الناس للتراويح في المساجد أو الساحات أو البدرومات أو أسطح المنازل بالمخالفة لتوجيهات جهات الاختصاص، بما قد يسهم في نقل العدوى بفيروس كورونا ويعرض حياتهم للخطر هو من باب أولى إثم ومعصية، بحسب مزاعم جمعة.

وفى تهديد بأسلوب وقح شدد وزير أوقاف العسكر على:

١ – أن المسموح به في المساجد خلال الشهر الكريم شهر رمضان المبارك في ظل الظروف الراهنة هو رفع أذان النوازل دون سواه، وذلك في المساجد دون الزوايا والمصليات، حيث يستمر غلق الزوايا غلقًا تامًا، مع تأكيد أوقاف العسكر ضرورة الالتزام برفع أذان النوازل بجميع المساجد دون تقصير في ذلك.

٢ – إنهاء الخدمة عقوبة من يخرج على تعليمات أوقاف العسكر أو يحرض على الخروج عليها، وفِي حالة مخالفات تعليمات تعليق الجمع والجماعات بالمساجد في التراويح أو غيرها ستكون العقوبة إنهاء خدمة جميع العاملين بالمسجد، إمامًا وعمالا، وكل من قصر في عمله بما أسهم في وقوع المخالفة بلا أي تردد أو توان وبكل حسم .

وزعم جمعة أنه لا مكان في وزارة أوقاف العسكر لأي شخص يحمل فكرًا متطرفًا أو عقلًا متحجرًا، يقصد أى شخص أقام صلاة الجمع والجماعة أو التراويح .

رأي الأزهر

مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية لم يتأخر في الإدلاء بدلوه مجاملة للعسكر، وأصدر بيانا يحذر فيه من صلاة التراويح فى المساجد، وقال المركز: إن كان قد حالَ وباءُ كورونا بين المسلمين ومساجدهم في رمضان هذا العام، وحَرَمَهم صلاةَ المكتوبة جماعةً فيها والتّراويح، والاعتكافَ، وقراءة القرآن، والدُّعاء؛ فإنَّ بُيوت المُسلمين لهم محاريب ومساجد عامرة بالطَّاعات والقُربَات من صلاةٍ وصيامٍ وقيامٍ وذكرٍ ودُعاءٍ .

وأضاف: لن يَحُولَ وباءُ كُورونا دُونَ رفع هذه الأعمال الصَّالحة إلىٰ الله سُبحانه أو تنزُّل رحماته؛ بل إنَّ اللَّه سُبحانَه يُحبُّ من عِباده المُخلِصين المُحسنين الذين لا تزيدهم الشِّدة إلَّا قُربًا منه، وتوكُّلًا عليه، ويقينًا به، ويستحيي سُبحانه أنْ يردَّ حاجةَ عبدٍ رفع إليه يديه وسأله وهو الجواد الكريم.

وتابع: أخي المُسلم اعلم يقينًا أنَّ طاعَاتك وعِبادَاتك الرَّمضَانيَّة في بُيُوتِ اللَّه سُبحانه لمْ تنقطع بغلقِ المَسَاجِد وتَعليقِ جَماعَاتها؛ بل لَك أجرُهَا كَامِلًا وسيِّدُنا رسُولُ الله ﷺ هو الذي يُبشِّرك بقولِه: «إذَا مَرِضَ العَبْدُ، أوْ سَافَرَ، كُتِبَ له مِثْلُ ما كانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا”.

ونصح كل مسلم بأن يصَلِّ الصَّلوات الخَمْس المَكتُوبةَ في أوقَاتها، ويؤُمَّ فيها أهل بيتِه كي يَنالُوا ثوابَ صلاةِ الجَمَاعة واجْمَعْ أَهلَ بيتك علىٰ صَلاةِ التَّرَاوِيح جَمَاعةً في البيت موضحا ان صلاةُ التَّراويح سُنَّةُ سيِّدنا رسول الله ﷺ، التي حرص الصَّحابة رضوان الله عليهم والأمة- من بعده- علىٰ إقامتها والاجتماع لها؛ لِمَا علموا مِن ثَوَابِها وفَضلِها؛ فقد قال ﷺ: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ”.

وأشار المركز إلى أنه لا يُشتَرط المَسجد لإقامتها، مطالبا بعدم مخالفة إرشَادَاتِ الوقَاية مِن فيرُوس كُورونا؛ زاعما أنَّ احترامَ قرَارِ غلقِ المَساجِد وتعليقِ جماعَاتها وقت الوباء دينٌ يُثاب المرءُ عليه؛ كما أنَّ إعمارَها في الظُّروف الطَّبيعيَّة دينٌ يُثاب المرءُ عليه.