ضد العنصرية والطغيان.. هل تنتقل عدوى التظاهر من أمريكا إلى مصر؟

- ‎فيتقارير

لم تندلع المظاهرات في الولايات المتحدة الأمريكية مؤخرا من أجل جورج فلويد، الذي قُتل على يد الشرطة الأمريكية في 25 من مايو الماضي، لكن مقتله بهذه الطريقة الوحشية مثّل الشرارة التي أشعلت نيران الاحتجاج والثورة على العنصرية الأمريكية البغيضة؛ تماما كما حدث في الربيع العربي، فلم يكن مقتل البوعزيزي وخالد سعيد سوى شرارة أُطلقت للثورة في كل من تونس ومصر سنة 2011م.

واليوم يقف طغاة العرب مرعوبين من هول المظاهرات الأمريكية خوفا من انتقال عدواها إلى الشعوب العربية من جديد، خصوصا وأن أسباب الثورة تضاعفت وحجم الظلم والطغيان في مصر بات أكثر إفسادا وإجراما بمئات الأضعاف عما كان عليه الوضع في أواخر عهد المستبد حسني مبارك، وكل يوم بات يحمل مئات المظالم التي يمكن أن تكون بداية الشرارة لموجة ثورية جديدة تطيح بالظلم والطغيان.

العنصرية طريق الهلاك

وترى صحيفة الجارديان البريطانية، في افتتاحيته اليوم الأحد، أن أفضل السبل لمواجهة العنصرية الأمريكية هو التعلم من تجربة داعية الحقوق المدنية الراحل مارتن لوثر كينغ. وتحذر من أنه “بدون تحقيق العدالة والتقدم للأمريكيين الأفارقة، ستعاني البلاد من موجات غضب متجددة مرارًا وتكرارًا”.

واعتبرت الصحيفة البريطانية غض الطرف عن العنصرية في أمريكا “طريق الهلاك”، مشيرة إلى أن مارتن لوثر كينغ قتل في أبريل عام 1968 قبل أن يلقي خطبة الأحد في إبراشية في أتلانتا بعنوان: “لماذا قد تذهب أمريكا إلى الجحيم”. وخلال الأسابيع القليلة التالية، وجدت الولايات المتحدة نفسها على طريق الهلاك.

وبمقتل كينغ شهدت البلاد أكبر موجة من الاضطرابات الاجتماعية منذ الحرب الأهلية رافقتها أعمال شغب في 130 مدينة، وفي نوفمبر من ذلك العام، فاز ريتشارد نيكسون بانتخابات الرئاسة، واعدا باستعادة القانون والنظام من خلال تأجيج التعصب غير المعلن مروجا لفكرة أن عنف الشارع فعل الكثير مما يصعب علاجه، مهددا بالصرامة الأمنية لوأد الاحتجاجات.

وبحسب الجارديان، فإن “الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب يمضى على ذات الخطى مع الاحتجاجات في أنحاء البلاد على وحشية الشرطة تجاه الأمريكيين الأفارقة في أعقاب وفاة جورج فلويد”.

ووفقا للجادريان، فإن التاريخ لا يعيد نفسه، وترى أن هناك دلائل على أن الأمريكيين تغيروا للأفضل؛ لأن الاحتجاجات الحالية تتمتع بدعم واسع من المجتمع، في الوقت الذي تتراجع فيه شعبية ترامب لأدنى مستوياتها، وأن أغلبية الأمريكيين يرفضون بشدة تعامل ترامب معها.

وتنتهي إلى أن الجمهوريين سيطروا على السياسة الأمريكية منذ 1968، واكتسبوا قاعدة سياسية من خلال مغازلة البيض باستخدام سلاح العنصرية للبقاء في السلطة، وكرسوا نفوذهم من أجل توجيه السياسات نحو إثراء الأغنياء على حساب العمال.

وفي 2020 تحول الجمهوريون إلى حزب الظلم الأبيض الذي يغذي العنصرية بغباء واسع من ترامب. وتعيد إلى الأذهان مقولة مارتن لوثر كينج بأن “الشغب هو لغة غير مسموعي الصوت” وأن إدانة العنصرية ضد الأمريكيين السود يجب أن تكون بذات القدر من إدانة أعمال الشغب.

انعدام العدالة الاجتماعية بمصر

إذا كان السود في أمريكا يعانون من التهميش لكنهم يتمتعون بحرية يحلم بها مئات الملايين من شعوب العرب؛ فعلى الأقل هم قادرون على تغيير رؤسائهم عبر انتخابات ديمقراطية ويمكنهم الاحتجاج بحرية على أي سياسات لا تعجبهم، بينما هذه الأساسيات تحرم منها شعوب العرب كرها وإجبارا، ومن رفع صوته فالقتل أو السجن مثواه.

وجاءت جائحة كورونا لتفضي إلى مزيد من انكشاف النظم العربية التي تمارس أبشع صور الظلم والطغيان بحق شعوبها، وبحسب صحيفة «زودويتشه» الألمانية، فإِنَّ وباء كورونا يُبرِز ظاهرة التفرقة الاجتماعية (التي تمثل عنصرية بنكهة عربية  ومصرية)، ويسلط الضوء على عدم المساواة في التعامل بين شرائح المجتمع المصري.

وتدلل الصحيفة الألمانية على ذلك، بأن الأغنياء والمشاهير في مصر يتمتعون برعاية صحية وطبية فائقة، في الوقت الذي يعاني فيه ملايين الفقراء والمهمشون ولا يجدون أدنى صورة من صور الرعاية.

وتضرب على ذلك مثلا بما جرى مع الممثلة رجاء الجداوي “81 سنة”، التي أصيبت بفيروس كورونا، وتم نقلها إلى مستشفى في الإسماعيلية، قد رفضت إدارتها من قبل استقبال مرضى كورونا بحجة اكتظاظ غرف العناية المركزة. وأضافت قائلة: “حتى يومنا هذا، ما زال يدور النقاش في مصر حول مستوى العدالة الاجتماعية.”

وتنتقد الصحيفة الألمانية التوظيف السياسي للدراما في رمضان الماضي، ووصفتها بالدعاية السياسية لنظام السيسي. وبحسب التقرير فإن تصوير المسلسلات التلفزيونية استمر حتى اللحظات الأخيرة من شهر رمضان، وتم اعتبار هذه الأعمال الفنية بمثابة مهمة وطنية. وتساءلت الصحيفة: هل الممثلون المشهورون يتلقون علاجًا أفضل من الأطباء والممرضات الذين تم تجاهلهم رغم أنهم يضحوا بحياتهم في ظل وباء كورونا؟.

وأردف التقرير قائلا: “يدافع الممثلون عن المعاملة التفضيلية لزميلتهم المريضة بكورونا، رجاء الجداوي، بقولهم إنها قد أجبرت على المشاركة في مسلسل تلفزيوني بشهر رمضان في ظروف خطيرة”. 

ورأت الصحيفة الألمانية أَنَّ عرض عدد كبير من المسلسلات التلفزيونية في رمضان يعد ظاهرة غريبة، أجبرت جميع المشاركين على مواصلة العمل الفني حتى نهاية الشهر الكريم، مضيفا أن مشاركة الممثلين في مسلسلات رمضان لم تكن مهمة وطنية، بل كانت للدعاية السياسية.