بعيدًا عن دور العسكر منذ الخمسينيات في تجريف الحياة السياسية والمدنية والاقتصادية في مصر والمحاولات الحثيثة لعسكرة الحياة المدنية، إلا أن جنرال إسرائيل السفيه عبد الفتاح السيسي فاق كل من سبقه من العسكريين في ذلك، وكان منذ اللحظة الأولى لظهوره في ثورة الخامس والعشرين من يناير، محاولًا إثناء الثوار عن الاستمرار في ثورتهم، وتدبير موقعة الجمل، والسعي بكل الوسائل من خلال منصبه على رأس المخابرات العسكرية، لإيقاف مدّ الثورة المصرية وتحقيق أهدافها.
لم يعد بإمكان أحد الدفاع عن سياسات السفيه السيسي لأنها فشلت في كل المجالات، بدءا من مشروعاته العملاقة التي تتكلف المليارات ويتم معظمها بدون دراسة جدوى، وحتى مشكلة سد النهضة التي أساء السفيه السيسي إدارتها، بالإضافة إلى أنه باع جزيرتي تيران وصنافير المصريتين للسعودية.
فاسدون وفاشل
لقد انفضّ مؤيدو السفيه السيسي عنه ما عدا مجموعة محدودة من المصريين يؤيدون السيسي، ليس لأنه رئيس ناجح ولكن لأنه قادر في رأيهم على منع التغيير، إنهم خائفون من التغيير إما لأنهم فاسدون سيؤدي التغيير إلى محاكمتهم، أو لأنهم أغنياء يعيشون حياة مرفهة ويدركون أن التغيير لن يكون في صالحهم.
أضف إلى ذلك قطاعا من الأقباط المتأثرين من دعم البابا تواضروس للسفيه السيسي، هؤلاء يؤيدونه خوفا من حكم الإسلاميين الذي يعتبرونه البديل الوحيد المحتوم لحكم السفيه السيسي.
أكبر خسارة لحقت بالسفيه السيسي هي انصراف “المواطن المستقر” عن تأييده، ذلك المواطن الذى يفضل الاستقرار على الحرية، والذي لا يهتم في الدنيا إلا بأكل العيش والعيال.
هذا المواطن المستقر أصبح معارضا للسفيه السيسي، ليس دفاعا عن الديمقراطية وإنما اعتراضا على الفقر الذي أوقعه السفيه السيسي فيه بسياساته الظالمة الفاشلة.
وأثناء التحقيق مع أحد المعتقلين قال لوكيل النيابة: “يا سعادة البك أنا رجل كبير في السن لا أفهم في السياسة. اشتركت في المظاهرة لأن مرتبي 2000 جنيه وعندي أربعة عيال في المدارس. أنا أسأل سيادتك كيف أعيش أنا وعيالي بألفين جنيه في الشهر؟”.
كراتين المساعدات
هذا السؤال هو الأساس في أزمة السفيه السيسي مع الشعب، ولسوف تأتي الإجابة حتما قريبا، أقرب مما يظن كثيرون، وتصدّر هاشتاج “#الثورة_قادمة” قائمة الأكثر تداولا على موقع “تويتر” في مصر، وحذّر المشاركون فيه السفيه السيسي، متداولين تهديدا سابقا له من الثورة “لو اتحركتم هتهدوا البلد”، كما حمّلوه مسئولية مسلسل الدماء في شبه جزيرة سيناء، وآخرها التي سالت في مدينة بئر العبد، وحالة الفقر التي زادت مع أزمة فيروس كورونا وحظر التجول، والبسطاء الذين أصبحوا يعيشون على كراتين المساعدات.
وكتب كريم أبو ياسين: “لحد امتى الكماين تتضرب ومتعرفش تحميها.. إن شاء الله سيأتي يوم تترد فيه المظالم. #الثوره_قادمة”.
ووافقه جعفر: “تفريط في الأرض.. تيران وصنافير شاهدة على الخيانة والعار.. تفريط في الغاز.. ودفع تعويض لإسرائيل 500 مليون دولار.. جريمة لن تسقط بالتقادم.. تفريط في مياه نهر النيل بفشل وتقاعس سيكون نهاية حكم عصابة عسكر.. تحكم بالتفريط والخيانات #مليونية_ضد_التطبيع #الثورة_قادمة”.
وتساءل صاحب حساب “مواطن مصري”: “سؤال السيسي عنده ثلاثة أولاد في الجيش والقادة العسكريين الكبار أكيد لهم ولاد في الجيش مسمعناش عن شهيد ابن لواء ولا أبوه كان ضابط كبير ولا مسئول مهم.. اشمعنا دول مش بيروحوا سيناء وبيستشهدو هناك.. ولا هما الغلابة ولاد الغلابة دول هما اللي يستشهدو وأهاليهم اللي يتحصروا. #الثورة_قادمة”.
ووجّه صاحب حساب “هزاع” حديثه إلى المطبلين: “على فكرة بقى انت لو مش مستفيد من السيسي وخرابه في مصر مش هتطبل وتعرض له.. ولما تكون من الغلابة ومن عامة الشعب هتحس على دمك وتبطل تطبيل. #الثورة_قادمة”.
تعويق المسار الديمقراطي
وتأتي بذور التفريط بعد ذلك بتقليبه الرأي العام على الرئيس المنتخب الشهيد محمد مرسي، وتعويق مؤسسات الدولة أثناء حُكمه، ولم يكتف بذلك بل أعدّ العُدّة للانقلاب العسكري عليه، مستخدمًا بعض الرموز السياسية والشبابية لزعزعة الاستقرار، وتعويق المسار الديمقراطي.
وبعد أن انقلب على رئيسه، وخان الدستور الذي أقسم عليه، فرط في الوطن وسلب مقدراته، وسلّمها لأعدائه في أكثر من موقف، وقام بتقليص دور مصر داخليًا وخارجيًا.
وبعد أن فرط السفيه السيسي في المياه لصالح إثيوبيا، تصدر هاشتاج #نهر_النيل، قائمة التريندات الأكثر تداولا على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، خلال الساعات القليلة الماضية، للدفاع عن حقوق مصر التاريخية في مياه نهر النيل، بعد فشل الانقلاب العسكرى بقيادة السيسى فى الحفاظ عليه.
وتفاعل الآلاف مع رواد موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” مع الهاشتاج، مؤكدين أن مياه نهر النيل من حق المصريين، وأن خيانة العسكر قد فرطت فى حق مصر الأصيل والأزلي فى المياه التى تروي وتسقي عطش ملايين المصريين.
دعاء غردت: “بالنسبة لنهر النيل من غير أى قلق وشو وعبط.. مرسي حلها في كلمتين ملهمش تالت “دماؤنا البديل”، وده مش عبقرية منه الله يرحمه، ده فرض وواقع يلزم بيه أى شخص يدير البلاد وقوتها المسلحة، وأي استهانة بقصة نقص المياه سيسقط هذا الشخص من التاريخ تسبقه تهمة الخيانة العظمى”.
وقام السفيه السيسي بالتوقيع على وثيقة إعلان سد النهضة في مارس 2015، الذي لم ينص للمرة الأولى على حقوق مصر في مياه نهر النيل، وكان الهدف من وراء هذا التوقيع؛ اكتساب شرعية لوجوده في الاتحاد الإفريقي، على الرغم من أن هذا الاتفاق يهدر حقوق مصر التاريخية في نهر النيل، مما سيؤدي لا محالة إلى دخول مصر في مرحلة الفقر المائي، وتعطيش الشعب المصري، وتبوير ملايين الأفدنة في ربوع مصر.
وفي المقابل قام السفيه السيسي بعمل العديد من السحّارات لتمرير مياه نهر النيل إلى سيناء، ومن ثمّ توصيلها إلى إسرائيل! وكل المساعي التي يقوم بها السفيه السيسي لتدويل المفاوضات، ونقل القضية للأمم المتحدة لن يفيد مصر.
وبدأ السفيه السيسي فترة اغتصابه للسلطة عام 2014، بتوقيع الاتفاقية الإطارية لترسيم الحدود البحرية المصرية مع كل من قبرص واليونان برغم رفض الحكومة المصرية توقيعها منذ 2006، وبدون الأخذ في الاعتبار حقوق القبارصة الأتراك، كما أن تقسيم تلك الحدود ينتقص من المياه الاقتصادية لتركيا لحساب اليونان، الأمر الذي قابلته تركيا بعدم الاعتراف بتلك الاتفاقية التي تمت لأغراض سياسية واضحة.
وأسفر الترسيم عن تنازل عصابة الانقلاب عن مساحة تعادل ضعف مساحة دلتا النيل في مصر، كما صرح الدكتور نايل الشافعي المحاضر في معهد ماساتشوستس للتقنية وأحد المهتمين بقضايا الغاز، حيث أوضح أن حقول ليفياثان الإسرائيلي وإفروديت القبرصي يقعان ضمن المياه الاقتصادية المصرية الخالصة.
وبتوقيع السفيه السيسي على الاتفاق مع قبرص يكون قد اعترف بالتنازل عن حقوق مصر في تلك الثروات، كما أسفر ذلك التنازل عن منح اليونان منطقة اقتصادية خالصة لجزيرة كاستلوريزو المتنازع عليها مع تركيا، فيتحقق بذلك تلامس حدود اليونان مع قبرص، ويؤدي هذا الإجراء لتلاصق الحدود البحرية لكل من إسرائيل وقبرص واليونان، بما يسمح بتمرير أنبوب للغاز الإسرائيلي والقبرصي لأوروبا دون أن تدفع إسرائيل وقبرص أي رسوم لمصر!.