انخرطت المنظمات الإسلامية، التي تعنى بقضايا العالم الإسلامي وتتخذ من السعودية مقرا لها، في سياسة المملكة "المثيرة" خلال السنوات الأخيرة، وأصبحت تمثل الواجهة الدينية والمُنَظِّر لسياسة "الانفتاح" التي ينادي بها ولي العهد محمد بن سلمان.
ففي الوقت الذي تدعو فيه شخصيات محسوبة على الحكومة السعودية إلى العيش بسلام مع "إسرائيل" وحكومات ناصبت المسلمين العداء لعقود؛ تتواصل النشاطات والدعوات إلى التطبيع بين دول عربية والاحتلال الإسرائيلي.
اللجنة اليهودية السعودية
آخر الفصول مشاركة الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى في مؤتمر افتراضي للجنة اليهودية الأمريكية، عقد عبر الفيديو بحضور عدد من الشخصيات السياسية من دول العالم.
وأشاد العيسى، في كلمة له في المؤتمر، بجهود اللجنة اليهودية الأمريكية في إعادة بناء العلاقات الإيجابية بين المسلمين واليهود، وشدد على أن التباعد بين أتباع الديانتين سببه الخلط بين السياسة والدين وغياب منطق العدالة الشاملة، وفق قوله.
وقال أيضا: إنه منذ تولى زمام الأمر في رابطة العالم الإسلامي "جعلتُ من مهام العمل مع إخواننا وأخواتنا أتباع الديانة اليهودية إعادة نسيج علاقاتنا مع بعضنا البعض".
وخلت مداخلة الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي من أي إشارة للقضية الفلسطينية، وخلال المؤتمر، دعت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى دعم أمن إسرائيل، وقالت إن السلام الدائم لا يمكن أن يتحقق في الشرق الأوسط إلا عبر التفاوض بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي في إطار حل الدولتين.
ومن جانبه قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو: إن بلاده ستدعم دوما حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وكانت اللجنة اليهودية الأمريكية قالت إن "المنتدى العالمي الأول للدعوة اليهودية" (AJC 2020) -الذي عقد افتراضيا- سيضم العديد من قادة العالم في نقاشات تتمحور حول أهم القضايا التي تواجه الشعب اليهودي".
وعلى موقعها الإلكتروني، قالت اللجنة اليهودية الأميركية إنها تعمل على "تعزيز رفاهية الشعب اليهودي وإسرائيل، وتعزيز حقوق الإنسان والقيم الديمقراطية في جميع أنحاء العالم".
ويوم الثلاثاء، تم تكريم العيسى- الذي شغل سابقا منصب وزير العدل في السعودية- من قبل حركة مكافحة اللاسامية واتحاد السفارديم الأمريكي، بجائزة هي الأولى التي تخصص للقادة المسلمين المشاركين في مكافحة معاداة السامية.
وكانت زيارة غير مسبوقة إلى معسكر الإبادة النازي السابق "أوشفيتز بيركينو" في بولندا، قام بها وفد يضم عددا من مشايخ مسلمين، يترأسه وزير العدل السعودي السابق والأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الجديد محمد بن عبد الكريم العيسى.
وأشادت وزارة خارجية الاحتلال الصهيوني بمشاركة مشايخ دين مسلمين والوفد السعودي في إحياء ذكرى المحرقة في أوشفيتز، ووصفت المشاركة بـ"المهمة" و"التاريخية".
يسلّم ملافظك يا شيخ..!
واحتفت إسرائيل بتصريحات أمين عام رابطة العالم الإسلامي، محمد العيسى، بشأن “معاداة السامية”، على مدار اليومين الماضيين، إذ نشرت وزارة خارجيتها عدة تغريدات على حسابها الرسمي في “تويتر”، حول مناداة المسئول السعودي بإعادة بناء جسور الحوار وأواصر الشراكة بين اليهود والعرب.
وغردت صفحة إسرائيل بالعربية التابعة لوزارة الخارجية، “كلنا مسئول بينما عاش اليهود والعرب جنبا إلى جنب على مدى قرون، من المحزن أننا ابتعدنا في العقود الأخيرة عن بعضنا البعض، نحن ملزمون حاليا بإعادة بناء جسور الحوار وأواصر الشراكة بين مجتمعاتنا، تصريح للشيخ د. محمد آل عيسى رئيس رابطة العالم الإسلامي".
وشارك الناطق باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي أفيخاي أدرعي مقطعا لتصريحات العيسى، قائلا: “استمعوا إلى الشيخ محمد العيسى في كلمته في منتدى الحركة العالمية لمحاربة معاداة السامية”، معلقا “الله يسلّم ملافظك يا شيخ".
ومؤخرا، أعلنت منظمة معنية بمكافحة معاداة السامية أنها كرمت العيسى لإسهامه في مكافحة معاداة السامية، وذلك خلال حفل افتراضي عبر دائرة تلفزيونية.
وفي دورتها الأولى المخصصة للقادة والمؤثرين المسلمين المشاركين في مكافحة معاداة السامية، منحت حركة مكافحة معاداة السامية واتحاد السفارديم الأمريكي العيسى الجائزة الاستثنائية، ونفت الرابطة عبر تويتر مشاركتها أو أي من هيئاتها أو علمائها في مؤتمر للحوار مع مسؤولين إسرائيليين.
وأزاح الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الستار عن فصل جديد من العلاقات الخفية التي تسير في الظلام بين المملكة العربية السعودية و"إسرائيل"، ليكشف عن تفاصيل مرحلة جديدة وغير مسبوقة، تجاوزت حدود الدبلوماسية السياسية، ووصلت لحد العلاقات "المتينة والمساعدات".
ولأول مرة يعترف الرئيس ترامب بوجود علاقات متينة بين السعودية و"إسرائيل"، وليس هذا فحسب؛ بل فجَّر مفاجأة مدوية حين صرح بشكل رسمي، بأن "السعودية ساعدتنا كثيرًا على الصعيد الإسرائيلي"، دون أن يُدلي بمزيدٍ من التفاصيل.
وبحسب موقع "كان" العبري، الذي أورد الخبر قال ترامب، تعليقا على مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي: "إن السعودية حليف عظيم بالنسبة للولايات المتحدة وأحد أكبر المستثمرين، وربما الأكبر، وساعدتنا كثيراً في دعم إسرائيل".
وعاد ترامب ليصرح للصحفيين، في نفس السياق بالقول: إنه "لولا السعودية لكانت إسرائيل في ورطة كبيرة"، هذه التصريحات كشفت فعليا تعاظم كرة العلاقات المتدحرجة بين "إسرائيل" والمملكة في عهد ولي العهد محمد بن سلمان، لكنها أثارت معها الكثير من ردود الفعل الفلسطينية الغاضبة، خاصة أن الفلسطينيين ينظرون إلى بن سلمان باعتباره عراب "صفقة القرن" الأمريكية، ودائما ما توجَّه إليه أصابع الاتهام بلعب "دور مشبوه لتصفية القضية الفلسطينية".