بشكل رسمي أعلنت حكومة الوفاق الليبية- والتي حققت انتصارات أخيرة على مليشيات خليفة حفتر وداعميه في القاهرة وأبو ظبي- عن رفض تصريحات أدلى بها السفيه عبد الفتاح السيسي واعتبرتها تدخلا سافرًا و”إعلان حرب”.
وأصدرت الحكومة الشرعية، المعترف بها من الأمم المتحدة وتتلقى دعما تركيا في هذا السياق، بيانا قالت فيه “ندعو للحل السياسي منذ سنوات دون جدوى، وعندما انهزم مشروع الاستبداد بدأت دول تتحدث عن الحوار وتهدد علنا بالتدخل العسكري”.
وشددت الحكومة التي يرأسها فايز السراج، على أنه “مهما كان الخلاف لن نسمح بالتطاول على شعبنا واستخدام لغة التهديد والوعيد”.
وأضافت “الخطوط الحمراء في ليبيا تحددها دماء الشهداء وليست التصريحات النارية”، متوعدة بأنه إذا ما تم الاعتداء على ليبيا “سنواجه بقوة أي تهديد لبلادنا وعلى الدول التي تهددنا الالتفات إلى مشاكلها الأمنية الداخلية”.
وفي تلميح لمبادرة السفيه السيسي، التي سبق وطرحها خلال شهر يونيو الجاري، قال البيان “نرحب بدور أي وسيط محايد عبر مسارات الأمم المتحدة وليس من خلال مبادرات أحادية منحازة”.
البيان جاء بعدما استقبل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، أمس السبت، رئيس المجلس الرئاسي لحكومة “الوفاق”، الليبية فايز السراج، وأقيمت مراسم رئاسية للسراج في مطار الجزائر الدولي ولدى وصوله إلى مقر الرئاسة، مرفوقا بكل من وزير الخارجية محمد الطاهر سيالة، ووزير الداخلية فتحي باشاغا، وآمر المنطقة العسكرية الغربية اللواء أسامة جويلي، وسفير ليبيا لدى الاتحاد الأوروبي حافظ قدور، وهو اللقاء الذي جاء متزامنا مع تصريحات السيسي الأخيرة وظهر فيها تبون رافضا لها باستقباله الشرعيين في ليبيا.
تحذيرات سابقة
ويعتبر البيان الأخير من الحكومة ردا رسميا صريحا بعد بيانات أخرى عن فعاليات تنتمي للشرعية في ليبيا، وقال الناطق باسم قوات حماية سرت الجفرة التبعة لعملية بركان الغضب التي أطلقتها الحكومة في أبريل 2019 بالتزامن مع عدوان حفتر على العاصمة طرابلس: “ليبيا بأسرها خط أحمر على السيسي وليس سرت فقط”، مضيفا “تهديدات السيسي لا تمثل لنا شيء وسنحرر الحقول النفطية وكامل الأراضي الليبية”.
وقال أمس السبت رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبي، خالد المشري: “إن تصريحات السيسي غير مقبولة ومساس بالسيادة وتدخل سافر في شئون البلاد”.
فيما قال محمد العماري، عضو بالرئاسي الليبي ردًا على السيسي: “لا خطوط حمراء داخل أراضينا وحدودنا، ولنا كامل الحق في بسط سيادة الدولة عليها”.
ميوعة واستغراب
واستمرارا لمواقفها المائعة والمصلحية، قالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية مورغان أورتاغوس، تعليقا على خطاب السيسي: إنه يؤكد أهمية أن تعمل ليبيا وجيرانها والجهات الفاعلة الخارجية معا لتعزيز وقف إطلاق النار. وأضافت في تصريحات لقناة “العربية”، أن ذلك لتجنب التصعيد إلى صراع أكبر.
وادعت الخارجية الأميركية دعمها “للجهود المصرية للعودة إلى المفاوضات السياسية التي تقودها الأمم المتحدة وتشمل مجموعة أكبر من الأصوات الليبية”.
وزعمت المتحدثة أن الولايات المتحدة تدعم رغبة الليبيين في وضع حد للتدخل العسكري الأجنبي والامتثال لحظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة والالتزامات الأخرى التي تم التعهد بها خلال مؤتمر برلين في يناير الماضي.
بالمقابل اعتبر ياسين أقطاي، مستشار الرئيس التركي الطيب أردوغان، أن تصريحات السيسي مثيرة للدهشة والتعجب.
وكتب أقطاي، في سلسلة تغريدات على “تويتر”: “لماذا يهددون باستخدام القوة كل يوم وليلة؟ هل نسي هؤلاء أنهم ساعدوا وأيدوا حفتر الجنرال المنقلب في ليبيا على مدار أكثر من 5 أعوام والنتيجة يعرفها العالم؟”.
وأضاف أن المثير للدهشة والعجب أن بعضهم لا يزال يبحث عن ذريعة لغزو ليبيا، والسؤال هو: هل إذا تم غزوها ستحل مشاكلك الداخلية والخارجية؟ أم ستزيد الأوضاع سوءًا؟.
وتابع: “على من يهدد ليلا نهارا بغزو ليبيا أن يعلم أن هناك حكومة معترفا بها عربيا ودوليا، أعلنت مرارا رفضها التدخل العسكري المصري ورحبت بالتعاون السياسي مع القاهرة.. فلماذا يبحث الجنرالات عن الحرب لا السلم؟ مجرد سؤال”.
طاعة الشيطان
وهدد المنقلب عبد الفتاح السيسي بشن حرب عسكرية ليس ضد سد النهضة بل في ليبيا؛ طلبها منه ممولوه بالرز الخليجي اتضحت من خلال تصريحات مباشرة وغير مباشرة من سدنة معبد محمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي، حيث لوَّح السيسي بقرب التدخل العسكري المصري المباشر في ليبيا، قائلا إن “أي تدخل مصري مباشر في ليبيا باتت تتوفر له الشرعية الدولية، سواء في إطار ميثاق الأمم المتحدة بحق الدفاع عن النفس، أو بناء على السلطة الشرعية الوحيدة المنتخبة من الشعب الليبي متمثلا في مجلس النواب”.
وجاء تصريح السيسي وهو فتح قاعدة عسكرية بحرية عسكرية جديدة بالبحر المتوسط بمدينة مرسى مطروح في أقصى الحدود الغربية مع ليبيا.
وتمت مراسم افتتاح القاعدة الجديدة بحضور وزير دفاعه محمد زكي، ورئيس أركانه العامة محمد فريد حجازي، وقادة الأفرع الرئيسية للقوات المسلحة.
وقال معلقون ومنهم سالم بحيري: إن “الملعب الليبي مزدحم باللاعبين.. أمريكان وروس وأتراك وإيطاليين وفرنسيين ومصريين”، معتبرا أنهم “مرابون عرب وسماسرة من إسرائيل، ومرتزقة من دول الجوار، ومحترفون أجانب، الجميع حول المائدة”، وعلق قائلا: “الكبار سيأكلون حتى التخمة والصغار سيغسلون الصحون”.
أما الصحفي محمود أبو الوفا فقال: “إذا كانت الحكاية لها علاقة بسيرت والجفرة (الخط الأحمر) فلماذا لم يصرح صبى ابن زياد بتلك التصريحات عندما كانتا (سيرت والجفرة) تحت سيطرة حكومة الوفاق (الشرعية) حتى يناير الماضى فقط؟!.. يومها لم نسمع عن خطوط حمراء أو صفراء!!.. صدقونى القصة كلها تشتيت انتباه الشعب عن قضيتنا الحقيقية.. #سد_النهضة.”.
ليسوا سواء
المؤرخ محمد إلهامي علق على منشورات استدعاء الحرب على ليبيا قائلا: “رأيت أكثر من منشور، بعضها لشخصيات كبيرة السن والقدر، خلاصتها: أنا مع جيش بلدي إذا قرر الحرب في ليبيا”، وعلق قائلا: “تلك هي والله الجاهلية التي حاربها الإسلام، أن تنصر الباطل الظالم طالما كان من قومك، فأما الإسلام فنصرة الظالم هي ردعه عن الظلم، فإن عجزتَ فلا تعينه ولا تدعمه، بل ويكون هوى نفسك أن يُهزَم، فالمسلم يرجو نصر الأولى بالحق ولو كان من غير قومه! على الظالم المبطل ولو كان من قومه”.