“اعتبروني نكسة وخلوني أكمل”، كأيّ طاغية متسلط يستمر جنرال إسرائيل السفيه عبد الفتاح السيسي في تصريحاته المُضحكة المُبكية، وكما وصف نفسه خلال الندوة التثقيفية الـ31 للقوات المسلحة بأنه “نكسة”، زعم النكسجي الجديد أن أي تدخل مباشر من عصابة الانقلاب ضد حكومة الوفاق الشرعية في ليبيا باتت تتوفر له الشرعية الدولية، سواء في إطار ميثاق الأمم المتحدة لجهة حق الدفاع عن النفس، أو بناء على السلطة الشرعية الوحيدة المنتخبة من الشعب الليبي، مجلس نواب عقيلة!.
السياسة الخارجية الخرقاء للنكسجي الجديد، وريث النكسجي القديم عبد الناصر، في أكثر من ملف لا تحتاج دلائل كثيرة، انبطاحه الكلي لنتنياهو وقبوله بـ”خطة ترامب”، وسوء إدارة ملف منابع النيل و”سد النهضة” الإثيوبي، وتفريطه في الجزر المصرية “تيران وصنافير” للرياض، ودعمه منظومة الجنرالات الجدد في الخرطوم ضد الشعب السوداني، بما يهدد العلاقة الاستراتيجية مستقبلا مع الجار الجنوبي.
لكن ربما الملف الأكثر تعبيرا عن مأزق النكسجي السيسي الإقليمي هو في مستوى حدوده الغربية، بعد اتباعه التعليمات الإماراتية ودعم الخيار العسكري لحفتر دون التفكير كثيرا في خط الرجعة.
استدارة بهلوانية
ارتدادات التوتر الليبي على مصر وتحول ليبيا إلى طرف معاد يمس أركان وضع مصر الإقليمي، ولن تتضرر الإمارات البعيدة آلاف الأميال من انهيار حفتر مثلما ستتضرر منه القاهرة.
والآن على السيسي القيام باستدارة بهلوانية حتى يمكن أن يلاحق الأحداث، لكن الدوران بسرعة يمكن أن يؤدي للدوار وفقدان التوازن، وكشف مواطن الضعف.
ورفضت حكومة الوفاق الليبية “بشدة”، تلويح النكسجي السفيه السيسي بـ”تدخل عسكري مباشر” في ليبيا إذا واصلت قوات الحكومة المذكورة التي تعترف بها الأمم المتحدة التقدم نحو مدينة سرت الاستراتيجية، والتي تسيطر عليها قوات خليفة حفتر.
وقال عضو المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق محمد عماري زايد: “نرفض بشدة ما جاء في كلمة السيسي ونعتبره استمرارا في الحرب على الشعب الليبي والتدخّل في شئونه، وتهديدا خطيرا للأمن القومي الليبي وانتهاكاً صارخا للأعراف والمواثيق الدولية”.
وأضاف زايد “نرفض بشكل قاطع ما تم إعلانه عن عزم مصر إنشاء وتجهيز ميليشيات وعصابات مسلحة لمحاربة الحكومة الشرعية في ليبيا، ونعتبره تهديدا للسلم الأهلي والدولي، وتكرارا لأساليب التمرد الذي تم دحره عسكريا”.
وأكد أن “ليبيا دولة ذات سيادة لها حكومة شرعية هي حكومة الوفاق الوطني، ولن يكون لأي طرف أجنبي سلطة على شعبها ومواردها ومقدراتها ، أو ينال من وحدتها و استقلالها”.
وحرص النكسجي السيسي على أن لا يكون بجانبه فقط “القائد العام” المنهزم، بل جلب أيضا عقيلة صالح، في إشارة إلى أن المستقبل لن يكون حفتريا، وأن صالح والعبيدات الرافضين لتفويض المشير يستحقون تبجيل القاهرة.
ثم قرر إعلان مبادرة سياسية زمن الهزيمة، بما يجعلها إعلانا للهزيمة بدون أن يكون لها أثر فعلي، حيث لن ترضى قوات حكومة الوفاق بكسر لحظة انتصارها بوقف إطلاق النار، ولن ترضى القوى الإقليمية الداعمة لها، وعلى رأسها تركيا، بالاستجابة إليها ما دامت في حالة صعود، ولن يرضى الروس بها لأنهم يعتقدون أنهم يمسكون بالمبادرة وليس القاهرة، على أساس وزنهم العسكري الميداني بفاغنر وطائرات الميغ والسوخوي في الجفرة.
وقال النكسجي السيسي، أثناء تفقده وحدات الجيش المصري في المنطقة العسكرية الغربية في كلمة بثها التلفزيون المصري “إننا نقف اليوم أمام مرحلة فارقة”، مضيفا “تتأسس على حدودنا تهديدات مباشرة تتطلب منا التكاتف والتعاون ليس فيما بيننا إنما مع أشقائنا من الشعب الليبي والدول الصديقة لحماية والدفاع عن بلدينا ومقدرات شعوبنا من العدوان، الذي تشنه الميليشيات المسلحة الإرهابية والمرتزقة بدعم كامل من قوى خارجية”.
وأضاف “أي تدخل مباشر من الدولة المصرية باتت تتوفر له الشرعية الدولية سواء في إطار ميثاق الأمم المتحدة لجهة حق الدفاع عن النفس أو بناء على السلطة الشرعية الوحيدة المنتخبة من الشعب الليبي، مجلس النواب”.
تحفيل على النكسجي
وحفلت وسائل التواصل الاجتماعي بتعليقات المصريين على تصريحات السيسي، وكتبت أميرة: “دخول ليبيا غطاء وطني وبه يصبح سيادته معذور، إثيوبيا إيه دلوقتي، نحن نحمي حدودنا ونؤمن عمقنا الاستراتيجي، وحين تنتهي الحرب يكون السد قد امتلأ وبالتالي يكون هدمه كارثة على الكل لا يصح ارتكابها. ربما تلك هي خطة سيادته التي يريد كعميل تنفيذها للنهاية غير أنه لم يضع في الحسبان بأس الله”.
وتساءل علي كمال: ”هانواجه الفيروس؟ ولا هانحارب الإرهاب في سيناء؟ ولا هانرد على إثيوبيا في موضوع السد اللي already اتبنى؟ وبقينا في مشكلة كبيرة جدا؟ ولا هاتحارب وتساعد الشبيحة في ليبيا؟ مصر السيسي”.
كما استنكر الجيش الليبي تصريحات النكسجي السيسي، وعدها “إعلانا واضحا للحرب وتدخلا سافرا” في شئون ليبيا، وقال العميد عبد الهادي دراه، الناطق باسم “غرفة عمليات سرت الجفرة” التابعة للجيش الليبي، إن “تصريحات السيسي بأن سرت والجفرة خط أحمر حسب وصفه هو تدخل سافر في شؤون بلادنا، ونعتبره إعلانا واضحا للحرب على ليبيا”.
وأضاف “قواتنا البطلة عازمة على تكملة المشوار وتحرير كامل المنطقة من مليشيات الكرامة الإرهابية مليشيا الجنرال الانقلابي خليفة حفتر ومرتزقتهم وداعميهم”.
كذلك استنكر رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبي خالد المشري، موقف النكسجي السيسي، قائلا “ما جاء في تصريحات السيسي غير مقبول، ومساس بالسيادة وتدخل سافر في شئون ليبيا”، وفق قناة “ليبيا الأحرار” الخاصة”.
واعتبرت أنقرة أن أي وقف لإطلاق النار في ليبيا مرتبط بانسحاب قوات خليفة حفتر من سرت، التي تسعى قوات حكومة الوفاق إلى السيطرة عليها.
ونددت الحكومة الليبية، أكثر من مرة، بالدعم العسكري الذي تقدمه كل من مصر والإمارات وفرنسا وروسيا لعدوان حفتر على العاصمة طرابلس، الذي بدأ في 4 أبريل 2019.
ومع تراجع قوات حفتر وخسارتها كامل الحدود الإدارية لطرابلس وأغلب المدن والمناطق في المنطقة الغربية أمام الجيش الليبي، طرحت مصر مؤخرا، ما يسمى “إعلان القاهرة لحل الأزمة الليبية”، غير أنه قوبل برفض قاطع من الحكومة الليبية ودول أخرى.
ومؤخرا، حقق الجيش الليبي انتصارات أبرزها تحرير كامل الحدود الإدارية لطرابلس، ومدينة ترهونة، وكامل مدن الساحل الغربي، وقاعدة الوطية الجوية، وبلدات بالجبل الغربي.