دراسة: الروس يتحينون لتدخل يدعم حفتر ويستعرضون فرصهم مع “الوفاق”

- ‎فيعربي ودولي

“كمن بات يلعب على جميع الأطراف، هدفه الوحيد تحقيق المكاسب المادية التي تطغى على الأيديولوجية أحيانًا”.. هكذا يبدو الموقف الروسي المتغير في ليبيا، والذي رأته دراسة لموقع وصفحة “الشارع السياسي Political Street” على “فيسبوك”، قد طرأ عليه تغيير تكتيكي، متوقعة أن يكون إعادة انتشار القوات الروسية من طائرات ومرتزقة، عبر سحبهم من مناطق القتال في الغرب إلى الشرق والجنوب الشرقي، يشير إلى تراجعها عن دعم حفتر لمواصلة القتال على طرابلس.

ورأت أن الروس بالمقابل يهدفون من خلف عملية إعادة انتشار قواتها إلى الحفاظ على وضع حفتر في الشرق والجنوب الشرقي، بما في ذلك المثلث النفطي.

وأشارت إلى أن ثمة من يدفع في طرابلس إلى التقدم شرقًا لإيقاع هزيمة نهائية بحفتر، بعد بسط السيطرة الكاملة على الغرب الليبي، على أن يكون المثلث النفطي الهدف التالي مباشرة.

ولكنها حذرت من أنه “في حال حاولت قوات الوفاق التقدم نحو الشرق والجنوب الشرقي، فمن المحتمل أن تقوم القوة الجوية الروسية بصدها، بل وربما تقوم بقصف مكثف لمواقع الوفاق في طرابلس وما حولها”.

هل تغير؟

وقالت الدراسة التي جاءت بعنوان “هل تغير الموقف الروسي تجاه أطراف الصراع الليبي؟”، إن مؤشرات تغير الموقف الروسي لصالح حكومة الوفاق، أبرزها: تزايد اللقاءات الرسمية والدبلوماسية بين الروس وممثلي حكومة الوفاق، والتي كان آخرها وصول نائب رئيس حكومة “الوفاق” الليبية أحمد معيتيق، في 3 يونيو الحالي، إلى موسكو؛ من أجل إجراء محادثات رسمية مع الحكومة الروسية بشأن الأوضاع في ليبيا، ورافق معتيق إلى روسيا وزير الخارجية محمد سيالة.

وقالت، إن “الزيارة قد جاءت بالتزامن مع إعلان حكومة الوفاق رسميًّا انطلاق عملية تحرير مطار طرابلس من مليشيا اللواء المتقاعد خليفة حفتر، وبالتزامن أيضًا مع بدء الجيش الليبي الهجوم على قوات حفتر لاستعادة مدينة ترهونة”. ورجحت إمكانية حصول “الوفاق” على ضوء أخضر روسي للقيام بتلك الخطوة.

وأضافت أن انسحاب المرتزقة الروس من عناصر شركة فاجنر، وثيقة الصلة بالكرملين، من خطوط المواجهة العسكرية جنوبي طرابلس خلال الأسبوع الأخير من مايو، يعد مؤشرا ثانيًا.

ورجحت أن يكون انسحاب نحو 1500 مرتزق روسي عبر ترهونة إلى مطار بني وليد، ومن ثم إلى مكان غير معروف؛ قدي يكون “طبرق” أو قاعدة الجفرة.

دوافع التغير

وساقت الدراسة 6 أسباب محتملة وراء الموقف الروسي المتغير، أولها رفض روسي لانقلاب حفتر على شرعية برلمان طبرق، و”اتفاق الصخيرات” المدعوم دوليًّا، وهو ما يعني انقلابا ضد حلفائه في الشرق، والاعتراف الدولي لعقيلة صالح كرئيس لمجلس النواب في الشرق، وأشار صالح، في 29 أبريل الماضي، إلى أن روسيا شجعت قراره بالسعي إلى التفاوض مع طرابلس والخروج بمبادرته السياسية.

وقالت الدراسة، إن روسيا قد تستخدم برلمان عقيلة ذريعة وغطاء دوليًا لتدخل عسكري وسياسي، على غرار مقاربة تتبعها أنقرة مع “حكومة الوفاق الوطني” المعترف بها دوليًّا والمتمركزة في طرابلس.

وأشارت الدراسة إلى امكانية أن يكون علاقة حفتر بـ”وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية”، جعلت الروس يدفعون باتجاه “تنسيق عودة الشخصيات الرئيسة في نظام القذافي لينضموا لصفوف “الجيش الوطني الليبي”.

وأضافت ثالثا أن روسيا تتخوف من توجه حكومة الوفاق لملاحقتها دوليًّا؛ نتيجة تقديمها الدعم العسكري لحفتر، خاصة بعد أن أصبحت حكومة الوفاق أكثر جدية في ملاحقة حفتر وداعميه دوليًّا.

وألحقت الدراسة بذلك خشية موسكو من توجه النيابة العامة الليبية لمحاكمة رسمية لـ”إكسيم شوجالي” و”سمير سيفان”، الجاسوسين الروسيين المعتقلين في طرابلس منذ مايو 2019.

وقال موقع “بلومبرج” الأمريكي، إن “حكومة الوفاق ستمضي في خططها لمحاكمة الرجلين رغم الضغوط الروسية”.

الاحتمال الرابع، برأي “الشارع السياسي”، إدراك روسيا أن تأثيرها على حفتر أضعف بكثير من تأثير أبو ظبي، مشيرة إلى أن ذلك ظهر في رفض حفتر التوقيع على هدنة وقف إطلاق النار في موسكو، في يناير الماضي، بإيعاز من الإمارات.

ويعتبر “التنسيق الروسي – التركى” جزءا من الاحتمالات أو الحسابات الروسية، فليبيا- مثل سوريا- هي إحدى محطات التنافس والصراع بين البلدين.

أما سادس الاحتمالات فكان تصاعد الانتقادات الأمريكية للتدخل الروسي في ليبيا، بعدما كشفت “أفريكوم”، في 27 مايو الماضي، عن إخفاء روسيا هوية ما لا يقل عن 14 مقاتلة حربية في قاعدة عسكرية بسوريا، قبل إرسالها إلى ليبيا، وذلك بعد ساعات من نشر بيان مزود بصور للمقاتلات الروسية.

ودعت أمريكا، في 28 مايو، للمساعدة في سحب المرتزقة من ليبيا، وتنفيذ قرارات مجلس الأمن بحظر تصدير السلاح.

وكشفت أمريكا، في 30 مايو، عن أن مالطا ضبطت 1.1 مليار دولار، من الدينار الليبي المزور، طبعته شركة حكومية روسية لصالح حفتر.

وكشفت القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا “أفريكوم”، في 30 مايو، عن إمكانية نشر قواتها في تونس، على خلفية الأنشطة العسكرية الروسية في ليبيا.

ثوابت روسية

وفي تفسيرها لكون التغير تكتيكيًّا وليس استراتيجيًّا، قالت الدراسة إن روسيا لا تقف إطلاقًا في صف فصيل مدعوم من جماعات الإسلام السياسي، وأن هدف روسيا من سحب مرتزقة “فاجنر” سببه التدخل التركي، لإملاء بعض شروطها، كما الحال في سوريا.

وأضافت أن روسيا نشرت بالفعل، بحسب “أفريكوم”، 14 طائرة عسكرية – من طرازي سوخوي 24 وميغ 29- بأماكن تحت سيطرة حفتر، لا سيما قاعدة الجفرة.

وأشارت الدراسة إلى روسيا مستمرة أيضا بتجنيد المرتزقة السوريين للقتال لجانب حفتر، وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن روسيا جندت أكثر من 900 سوري للقتال في ليبيا خلال شهر مايو الماضي فقط.