عقد مجلس الأمن الدولي جلسة مباحثات بطلب أمريكي بشأن أزمة سد النهضة، واستبق وزير الري الإثيوبي الجلسة بتأكيد أنه لا يمكن لأية جهة وقف سير عمل السد وأن برنامج تعبئته سيتم حسب الزمن المحدد له.
بدورها انتقدت وزيرة الخارجية الإثيوبية طريقة تناول بعض وسائل الإعلام لنتائج اجتماع هيئة مكتب رئاسة الاتحاد الإفريقي بشأن سد النهضة مشيرة إلى أنها أخرجت عن سياقها الحقيقي .
وأوضح الناطق باسم الخارجية أن تعبئة تشغيل سد النهضة ستتم حسب الجدول الزمني المحدد له مضيفا أن إثيوبيا لن تنتظر أية جهة لتنفيذ ذلك، مشيرة إلى أن موقفها واضح ويحترم القوانين الدولية ودعا مصر إلى العودة إلى حل المشاكل الإفريقية داخل البيت الإفريقي.
في المقابل قال عبدالفتاح السيسي قائد الانقلاب العسكري في كلمة له اليوم إن الأمن القومي مصر يرتبط بمحيطها الإقليمي ولا يقتصر على حدودها السياسية وإنما يمتد إلى كل نقطة يمكن أن تؤثر سلبا على حقوقها التاريخية.
وكان وزير الري المصري محمد عبدالعاطي قد قال إن مصر من أكثر البلاد جفافا في العالم مشيرا إلى أن الموارد في مصر لا تزال تعتمد على نهر النيل بنسبة 97%.
وأضاف عبدالعاطي خلال كلمته على هامش افتتاح عبدالفتاح السيسي لعدد من المشروعات أمس أن مصر هي الدولة الإفريقية الوحيدة التي تعيد استخدام المياه أكثر من مرة.
وقال الدكتور عصام عبدالشافي أستاذ العلوم السياسية، إن توقع ما تسفر عنه مباحثات مجلس الأمن بشأن قضية سد النهضة أمر صعب لكن هناك تسريبات تم الحديث عنها خلال اليومين الماضيين تتحدث عن اتفاق أعضاء مجلس الأمن على إلزام الأطراف الثلاثة بضوابط محددة لعملية التشغيل والتأكيد على عدم الانفراد باتخاذ أي قرار من احد الأطراف .
وتوقع عبدالشافي أن يتجاوز مجلس الأمن اختصاصاته في الفصل السادس من ميثاقه فيما يتعلق بالتوصيات وقد يتخذ قرارا لأن الامر بالفعل يمكن أن يتحول إلى نزاع من شأنه تهديد السلم والأمن الدولي، لكن السؤال الأهم هو كسف سنظر مجلس الامن الى ما يحدث بين الدول الثلاث وكيف سيتم تكييفه من الناحية القانونية؟ وهل ستم تكييفه على أنه نزاع أم موقف أم حالة أم نوع من أنواع العدوان؟
وأضاف عبدالشافي، في حواره مع برنامج "المسائية" على قناة "الجزيرة مباشر"، أن كل مصطلح من هذه المصطلحات عندما تأتي الصياغة الدقيقة للمشروع استنادا إليها ستختلف الإجراءات المختلفة، وإذا تم توصيفه على أنه حال أو موقف سيتم التعامل معها وفق إجراءات التسوية السلمية وستكون التوصيات غير ملزمة استنادا إلى الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة، مضيفا أن هناك توصيات نصت عليها الفقرة الثالثة في المادة 36 وهي على مجلس الأمن أن يقدم توصيات وأن يراعي أن المنازعات القانونية يجب على أطراف النزاع بصفة عامة أن يعرضوها على محكمة العدل الدولية وفقا لأحكام النزاع.
وأوضح عبدالشافي ان الحديث بعدم اختصاص مجلس الامن بنظر القضية بعد دخول الاتحاد الإفريقي على الخط وأنه سيقوم بإعادة القضية إلى الاتحاد الإفريقي غير صحيح، موضحا أن الذي ينظم عمل المنظمات الإقليمية هو الفصل الثامن من ميثاق الأمم المتحدة وتحدديا المواد 53 و54 و55 وهذه المواد تنظم عمل المنظمات الإقليمية وحتى في حالة عرض أزمة من الأزمات على المنظمات الإقليمية لا يلغى دور مجلس الأمن وهذه المنظمات تكون مطالبة بعرض ما انتهت إليه على مجلس الأمن وإخطاره بالنتائج النهائية للنقاشات دون أن يلغى ذلك دور المجلس.
وأشار إلى أن المادة 54 تنص على أنه يجب أن يكون مجلس الأمن على علم تام يما يجري من أعمال لحفظ الأمن والسلم الدولي بمقتضى تنظيمات أو بواسطة وكالات إقليمية أو ما يزمع إجراءه منها وهو ما يؤكد أن عمل المنظمات الإقليمية لا يلغى بأي حال من الأحوال دور مجلس الأمن أو أن مجلس الأمن يمكن أن يحيل إليها مثل هذه النزاعات وخاصة في حالة عدم قبول الأطراف المتنازعة واستنفاذ كل الوسائل المتاحة.
ولفت إلى أنه بغض النظر عن التصريحات التي تطلقا إثيوبيا بين الحين والآخر للاستهلاك المحلي ودغدغة مشاعر المواطنين، لكن إذا استشعر مجلس الأمن أن النزاع بشأن سد النهضة يمكن أن يتحول إلى صراع يهدد السلم والأمن الدولي للعالم بأكمله وليس لحوض النيل أو شرق إفريقيا فقط فقد يوقع عقوبات على إثيوبيا.
وحول تعاطي مجلس الأمن مع هذه الأزمة أوضح عبدالشافي أن هناك 3 مستويات الأول التسوية السلمية والسياسية وهذه تم النص عليها حرفيا في الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة والمسار الثاني التدخل العسكري تحت مظلة الأمم المتحدة وحدده الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة والمسار الثالث هي العقوبات التي نصت عليها المادة 41 من الفصل السابع وهي درجة أقل من الخيار العسكري.
وفيما يتعلق بموقف الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن من القضية قال عبدالشافي إن فرنسا تحتاج إلى مصر بدرجة كبيرة في ملف ليبيا والتسليح حيث وقعت مصر مع فرنسا اتفاقا في 2018 بقيمة 18 مليار دولار لشراء أسلحة وكذلك الحال مع روسيا بزيادة اتفاق الضبعة والمدينة الصناعية الروسية في شرق بورسعيد وأيضا أمريكا هي التي قدمت المشروع لمجلس الأمن، كما أن بريطانيا يربطها علاقات قوية مع مصر، أما الصين فموقفها محكوم بوجود شركتين صينيتين ضمن الشركات العاملة في سد النهضة لكنها في حالة قياس الموازنات لا يمكن أن تضحي بدولة في حجم مصر.