قال الدكتور محمد الصغير مستشار وزير الأوقاف في حكومة الدكتور هشام قنديل، أن أصول الوقف في مصر لها أهمية اقتصادية كبيرة، مضيفا أن أحد المحسنين المصريين يدعى مصطفى عبدالمنان أوقف ما يعادل 10% من الرقعة الزراعية لمصر بين محافظات كفر الشيخ ودمياط والمنصورة بامتداد المحافظات الثلاث.
وأضاف الصغير خلال مداخلة هاتفية لبرنامج "وسط البلد" على قناة "وطن"، أنه قلما تجد عمدة بلد في قرية من ريف مصر إلا وله وقف يسمى وقف "المضيفة"، وغالبا يكون مع وقف المضيفة وقف المسجد ووقف المدرسة.
وأوضح الصغير أن أعجب ما في الأمر أن الأزهر الشريف له أوقاف في أفريقيا واليونان عبارة عن قصور وفيلات ومقاطعات زراعية وقلما تخلو قارة من قارات العالم من أوقاف للأزهر الشريف حتى في السعودية كانت هناك التكية المصرية والتي تنازلت عنها وزارة الأوقاف للسعودية.
وأشار الصغير إلى أن الاستيلاء على أموال الوقف أمنية للعسكر منذ قديم الأزل وكان أول قرار للرئيس الراحل جمال عبدالناصر عقب الانقلاب الثاني على الرئيس محمد نجيب تأميم الوقف وإلغاء المحاكم الشرعية والتنازل عن السودان.
ولفت إلى أن الاستيلاء على أموال الوقف مخطط عسكري يتم تنفيذ مرحلة منه كل فترة، فعبد الناصر أمم الوقف واستولى عليه وبات يتحكم فيه من خلال الوزارة وأصبح الأزهر يئن ويتسول الفتات من ميزانية الدولة، والآن يقوم السيسي بنهب وسلب أموال الوقف لصالح صندوق تحيا مصر بالمخالفة للشرعية.
ونوه بأن مختار جمعة مخبر الأوقاف يدفع ثمن بقاؤه على رأس الوزارة منذ الانقلاب العسكري حتى الآن من أموال الوقف، مضيفا أن مختار جمعة عرف جيدا من أين تأكل الكتف وهذا يفسر سر تبرعه بين الحين والآخر بأموال الأوقاف لصالح صندوق تحيا مصر.
وحول الرأي الشرعي أوضح الصغير أن كل إنسان له علاقة بالشرع والدين يعرف أن النص الشرعي يقول إن "شرط الواقف كنص الشارع" في الاحترام والقدسية ووجوب التنفيذ، بمعنى أنه لا يجوز استغلال أموال الوقف في عير الباب الذي أوقفه صاحبه له.
وأشار الصغير إلى أن أي حجة وقف في وزارة الأوقاف مذكور فها الوقف وجهة الصرف، وأصبحت الوزارة الآن ناظرا للوقف، مضيفا أن هناك أوقاف لرعاية القطط الضالة في الشوارع، مضيفا أن السيسي يبحث عن أي مصدر لتوفير أموال لسداد القروض وفوائدها وقد وجد في الأوقاف لقمة سائغة له.
وقال إن دستور الثورة كانت فيه هيئة كبار العلماء هيئة حاكمة ومرجعية شرعية لا يتخذ أي قرار فيما يخص الدين أو يتعلق بالشريعة إلا بالرجوع إلى هيئة كبار العلماء والآن ألغي هذا حتى قانون الوقف الذي أعاده الدستور في 2012، ألغاه السيسي عصابته .
وأضاف أن الأزهر أعلن عن رأيه في ما أصدرته هيئة كبار العلماء لكن المؤسسة العسكرية ومختار جمعة يصرون على تنفيذ مخططهم بالاستيلاء على أموال الوقف.
وكانت لجنة الشئون الدينية في برلمان الانقلاب وافقت، الأحد، بصفة نهائية على مشروع قانون إعادة تنظيم هيئة الأوقاف المصرية المقدم من الحكومة، تمثل تقنينًا لإجراءات بيع أصول الأوقاف الإسلامية، وهو ما يخالف أحكام الشريعة الإسلامية التي قررت تحريم التصرف في أموال الوقف إلا وفقا لشروط الواقف بناء على قاعدة “شرط الواقف كنص الشارع”، وهي القاعدة الأساسية التي تقوم عليها أحكام الوقف في الإسلام.
هذه الموافقة تأتي تحت ذريعة تشجيع نظام الوقف، وضمان استقلاله، وإدارته على نحو يعظم الاستفادة منه، وذلك استجابة لتوجيهات رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي في شأن حصر أصول وأموال الوقف.
ويسمح مشروع القانون لهيئة الأوقاف نيابة عن الوزارة بإدارة واستثمار أموال الوقف على أسس اقتصادية، وحصر وتقييم هذه الأموال لاتخاذ الإجراءات الكفيلة بالمحافظة على حقوق الهيئة في مواجهة المستأجرين، أو المستبدلين، أو واضعى اليد، فضلاً عن تحديد المشروع للحالات التي يجوز فيها الاستبدال والبيع لهذه الأوقاف، وتوجيه حصيلتها لصالح الدولة.
كما وافقت اللجنة على المادة الثانية من مشروع القانون، وتنص على أنّ “للهيئة أن تتعاقد وتجرى جميع التصرفات والأعمال، التي من شأنها تحقيق الغرض الذي أنشئت من أجله في مجال إدارة واستثمار أموال الأوقاف”.
وفي نوفمبر 2018، كشف رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية، سيد محروس، عن أن إجمالي أملاك الهيئة يصل إلى تريليون و37 مليارا و370 مليونا و78 ألف جنيه، وفقا للحصر الذي أجرته الهيئة مؤخرا لأملاكها للمرة الأولى منذ إنشائها.
وأوضح أن مساحة الأطيان الزراعية للهيئة تبلغ 390 ألف فدان، بقيمة تقديرية 759 مليارا و181 مليون جنيه، ومساحة الأملاك (مبان وعقارات) تبلغ 7 ملايين و391 مترا مسطحا، بقيمة تقديرية 136 مليارا و824 مليونا و95 ألف جنيه.
وكانت هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف قد أصدرت، في 18 مارس 2018، بيانا ترفض فيه اقتراحا تشريعيا مماثلا لمشروع القانون الذي تم تمريره، يسمح باستغلال الدولة أموال الوقف، مؤكدة أنه “لا يجوز شرعا تغيير شرط الواقف، فشرط الواقف كنص الشارع، وعلى ذلك اتفقت كلمة الفقهاء قديما وحديثا، ومن ثم لا يجوز بأي ذريعة مخالفة شرط الواقف، أو التصرف في الوقف على غير ما شرطه”.