“ميدل إيست آي”: السيسي يجرد الأزهر من سلطاته

- ‎فيتقارير

نشرت صحيفة "ميدل إيست آي" تقريرا حول الهجمة التي يتعرض لها الأزهر الشريف من قبل نظام الانقلاب العسكري بدعوى عدم وجود إصلاحات.

وقالت الصحيفة في التقرير الذي ترجمته الحرية والعدالة إن برلمان السيسي يستعد للموافقة على مشروع قانون جديد يجرد الأزهر، أعلى مقعد للتعليم في العالم الإسلامي السني منذ قرون، من السيطرة على دار الإفتاء، التي تعتبر حتى الآن أهم سلطة دينية في مصر.

ووافق برلمان الانقلاب على مشروع القانون من حيث المبدأ في 19 يوليو وأحاله إلى مجلس الدولة، وهو هيئة قضائية تتحقق من قانونية مشاريع القوانين قبل أن يوافق عليها البرلمان نهائياً، ومن المتوقع أن تكون الموافقة النهائية إجراء شكليا.

زقالت الصحيفة إن القانون يضع مشروع القانون دار الإفتاء، التي تنظم حياة مسلمي مصر ومقالاتهم في شؤونهم اليومية، تحت سيطرة الحكومة المصرية، فهي تمنح دار الإفتاء سلطة على ميزانيتها الخاصة وتعاملاتها المالية وتعفيها من الضرائب. والأهم من ذلك أن مشروع القانون يمنح عبد الفتاح السيسي الحق في تعيين المفتي، للمرة الأولى.

ووفقاً لمشروع القانون الجديد، على السيسي اختيار مرشح واحد من بين ثلاثة يرشحهم مجلس كبار العلماء، وهو جهاز صنع القرار في الأزهر.

وكان المجلس، الذي يعين أيضاً الإمام الأكبر للأزهر، مسؤولاً عن تعيين المفتين لعقود عديدة في الماضي. وبمجرد اختيار المفتي لهذا المنصب، سيتمتع – في ضوء مشروع القانون الجديد – بالوضع المالي لوزراء الحكومة.

ويقول الذين يقترحون مشروع القانون إنه يهدف إلى منح المزيد من الاستقلالية لدار الإفتاء. وقال عمرو حمروش، عضو لجنة الشؤون الدينية في البرلمان، في تصريح لـ"ميدل إيست آي" إن "هذا سيجعل دار الإفتاء أكثر قدرة على القيام بعملها".

انتهاك صارخ

بصرف النظر عن النظر في الشؤون الحياتية اليومية للمسلمين، تنظم دار الإفتاء التعاملات المالية للناس العاديين، وتجيب على الاستفسارات التي ترسلها إليها مؤسسات الدولة والمحاكم، ولها رأي في أحكام الإعدام الصادرة عن هذه المحاكم.

وقال محمد الدويني, عضو هيئة كبار العلماء, لـ "MEE" إن "مشروع القانون هو انتهاك صارخ للحكم الذاتي للأزهر الشريف", مضيفا أن "دار الإفتاء يجب أن تكون جزءاً من الأزهر، وليس مؤسسة موازية أو منافسة".

وبعد تجريد الأزهر من حقه في الإشراف على عمل دار الإفتاء، لن يُترك له أي شيء تقريباً، ولم يعد يشرف على أي من مساجد البلاد البالغ عددها 102,000 مسجد، وهي مهمة تقوم بها الآن وزارة الأوقاف، ويشرف الأزهر فقط على مدارسه وجامعاته، وبمجرد تمرير مشروع القانون، فإن سيطرته على صنع القرار الديني سوف تنتهي، ربما إلى الأبد.

ومشروع القانون الجديد ليس أول محاولة من السلطة التشريعية لتقليص سلطات الأزهر، وهو وكالة تسيطر على حياة المسلمين منذ تأسيسها في عام 1970. ففي إبريل 2018، قدمت مجموعة من أعضاء البرلمان مشروع قانون لخفض سلطة إمامها الأكبر.

وسعى مشروع القانون إلى تحديد مدة خدمة الإمام الأكبر، الذي يخدم مدى الحياة، بثماني سنوات. كما أرادت أن تجعل العضوية في أعلى الهيئات في الأزهر، وهي المجلس الأعلى، ومجلس كبار العلماء، وأكاديمية البحوث الإسلامية، مفتوحة للمتخصصين من خارج المؤسسة.

وهناك جوانب أخرى كانت ستمنع الأزهر من السيطرة على الكليات التي تدرس العلوم غير الدينية داخل جامعاته، والإشراف على هذه الكليات المفوضة إلى المجلس الأعلى للجامعات الذي يشرف على الجامعات العلمانية في البلاد.

التجديد

ويقول مؤيدو مشروع القانون هذا إن الأزهر بحاجة ماسة إلى إصلاحات. وقال محمد أبو حامد، عضو لجنة التضامن الاجتماعي في برلمان الدم والنائب الذي اقترح ذلك، لـ"ميدل إيست آي"، "هذا [مشروع القانون السابق] من شأنه أن يجعله أكثر قدرة على القيام بواجباته، وخاصة الإصلاح المطلوب للفكر الديني".

ومع ذلك، أجبرت الضغوط التي مارسها الأزهر المشرع على التخلي عن مشروع قانون أبو حامد.

تحت النار

وتأتي هذه السلسلة من مشاريع القوانين في وقت يتعرض فيه الأزهر لانتقادات. ويتهمها منتقدو هذه المؤسسة الدينية التي كانت ذات قوة في وقت من الأوقات بالفشل في قيادة الإصلاحات الدينية التي تشتد الحاجة إليها، في حين تواجه مصر والمنطقة موجة عالية من التطرف. وقال جابر عصفور، وزير الثقافة المصري السابق والمنتقد الصريح للأزهر، لـ "MEE" "لقد فشل قادة الأزهر في بدء الإصلاحات المطلوبة". وأضاف عصفور أن "الأزهر في حاجة ماسة إلى ثورة ضد المناهج الخاصة به والأفكار".

وعلى غرار أي مكان آخر في المنطقة، تعرضت مصر لهجمات إرهابية في السنوات الأخيرة، لاسيما في شبه جزيرة سيناء، حيث أدى تمرد مرتبط بتنظيم الدولة الإسلامية إلى تعثر الجيش المصري. الحكومة المصرية، التي جاءت إلى السلطة في انقلاب عسكري عام 2013، جعلت من الأمن وهزيمة التطرف أحد تعهداتها السياسية المحددة. وقد دعا السيسي بقوة إلى الإصلاح الديني كوسيلة لمواجهة التطرف، وقد طلب السيسي من قيادة الأزهر قيادة الإصلاح أكثر من مرة.

ويقول الأزهر إنه بدأ إصلاح مناهجه وأدخل تغييرات على نصوصه، ومع ذلك، يبدو أن هذه الإصلاحات لا ترقى إلى مستوى توقعات السيسي. حتى الآن، درء الأزهر عن تدخل الحكومة وخاطر بغضب السيسي في عام 2017 برفضه اقتراحه بإصلاح لوائح الزواج والطلاق. ومع ذلك، يبدو أن الضغط والرفض لم ينجحا هذه المرة.

انتهاك للدستور

وقد وصف الأزهر مشروع القانون الأخير بأنه انتهاك للدستور المصري ومحاولة لتجريده من سلطته. وفي رسالة بعث بها إلى رئيس برلمان الدم في 17 يوليو ، قال الأزهر إن الدستور يجعله النقطة المرجعية الرئيسية في الشؤون الدينية، مضيفاً أنه يشرف على دار الإفتاء منذ 700 عام. وأشار الأزهر إلى أن تعيين المفتي كان دائماً من مهام هيئة كبار العلماء. ومثّل الدويني الأزهر في المناقشات حول مشروع القانون داخل لجنة الشؤون الدينية قبل إقراره في 19 يوليو. وقال لأعضاء اللجنة إن دار الإفتاء لم تعمل أبداً في الانفصال عن الأزهر في الماضي، مضيفا أن مشروع القانون لن يحقق الإصلاح الديني المطلوب.

نقطة خلاف أخرى بالنسبة للدويني هي مشروع القانون الذي يأخذ بعض المسؤوليات فعلياً من الأزهر ويسلمها إلى دار الإفتاء بدلاً من ذلك. وقال إن من حق الأزهر بموجب الدستور إصدار المراسيم الدينية والرد على استفسارات مختلف أجهزة الدولة وتنظيم التعاملات المالية وإجراء البحوث في القضايا الدينية. ومع ذلك، قال دوويني إن مشروع القانون الجديد ينتهك الدستور من خلال عدم السماح للأزهر بالإشراف على جميع الهيئات الإسلامية في البلاد.

وليس من الواضح كيف، أو ما إذا كان بإمكان الأزهر تصعيد معارضته، مع اقتراب الموافقة النهائية في الأيام أو الأسابيع المقبلة. ويقول مسؤولوه إن هناك القليل الذي يمكنهم القيام به لمنع البرلمان من التلويح من خلال التشريع وإجماع قرون من الزمن. "سننتظر رأي مجلس الدولة في مشروع القانون، وسنقرر ما يمكننا القيام به بعد ذلك."

رابط التقرير:

https://www.middleeasteye.net/news/egypt-azhar-stripped-power-parliament-reforms