ليس لليونان ثقل سياسي أو اقتصادي إقليميا أو دوليا، إلا أنه ومن أجل المكايدة السياسية مع نظام تركي سيرحل عاجلا أم آجلا لا بأس بتوقيع اتفاق ترسيم بحري معها والتنازل عن المزيد من ثروات المصريين.
ويأتي الإعلان المفاجئ عن توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين عصابة الانقلاب بمصر واليونان، ليضيف مزيدًا من التوتر على منطقة شرق البحر المتوسط، ويثير تساؤلات حول مدى تحقيق الاتفاق للمصالح الوطنية المصرية بعيدًا عن الخلافات الأيديولوجية والسياسية بين أنقرة والقاهرة.
مثيرة للقلق
ومع أن تفاصيل الاتفاق لم تخرج للعلن بعد، إلا أن الظروف المحيطة بالاتفاق مثيرة للقلق بالنسبة للمصريين، خاصةً أن المحرك الأساسي للسياسة الخارجية للعسكر بات واضحًا أنه العداء لأنقرة، وهو ما ظهر لإعطاء أولوية للتدخل التركي في ليبيا، مقابل إعطاء مرونة منقطعة النظير للتهديد الحيوي في ملف النيل.
ومن المعروف أنه بصرف النظر عن الخلافات بين تركيا وعصابة الانقلاب بمصر، التي هي أيديولوجية وطارئة بالأساس، فإن المصالح المصرية والتركية متقاربة إلى حد كبير، في حين أن مصالح اليونان وقبرص والكيان الصهيوني تتعارض مع المصالح المصرية الجغرافية والطاقوية.
وسبق أن قال نائب الرئيس التركي، ياسين أقطاي، إن "تركيا ومصر لهما مصالح مشتركة في مياه البحر المتوسط الدولية"، مضيفًا: "لذلك، الأفضلُ أن نغضَّ الطرف عن الخلافات بيننا في هذا الموضوع، فنحن عندما نختلف في قضية ليس من الحكمة أن نكون أعداء في كل القضايا، فعلى سبيل المثال نحن نتفق مع روسيا في أمور ونختلف في مواضيع أخرى".
وبين تطبيل الكتائب الإلكترونية وانتقاد المغردين، جاء تفاعل مواقع التواصل الاجتماعي مع توقيع مصر واليونان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية في منطقة شرق البحر المتوسط؛ الكتائب اعتبرته نصرًا للسفيه السيسي واستهدافًا لـأطماع تركيا".
في حين رآه المغردون استغلالًا لانشغال المنطقة بالانفجار الذي ضرب العاصمة اللبنانية بيروت وتنازلا جديدًا من السفيه السيسي عن مواقع تحوي ثروات ضخمة من الغاز لمجرد مماحكات ونكاية سياسية.
وغرد حساب "مصري حر": "السيسي يبيع مياه مصر الإقليمية في البحر المتوسط إلى اليونان وإسرائيل حتى يغيظ تركيا… عمرك شاهدت هذا الغباء".
وانتقد توفيق التميمي: "فشلت حكومة #السيسي في حمل #إثيوبيا على اتفاق يحمي الحقوق المائية لمصر، فذهبت لتوقع على اتفاقية ضرار لترسيم الحدود البحرية مع #اليونان نكاية بالشقيقة #تركيا، وبعد أن تقاسمت اليونان و#قبرص_اليونانية والكيان الصهيوني حقوق استغلال الغاز بدون #مصر".
ورأى رضا أحمد: "بعنا الأرض والمية والكرامة والنهاردة السيسي بيتنازل عن 40 ألف كلم مربع في البحر المتوسط في اتفاق يوقعه مع اليونان.. ولسة فيه ناس بيدافعوا عن الخائن #مصر_الحرامية".
على الطاولة
ومع خريطة المنطقة شرح أبو عبد الله: "المنطقة المظللة من حق مصر طبقا للترسيم التركي… أما ما تريده اليونان والسيسي التفريط في هذه المساحة لليونان… كما فرط السيسي في حقل KG45 المصري (المكتشف في 2002) بعد أن تنازلت مصر عنه حسب اتفاقية الترسيم المصرية القبرصية (2003)، فاستولت إسرائيل عليه (2010) وسمته لفياثان".
من جهتها، اعتبرت وزارة الخارجية التركية أنه لا قيمة لاتفاقية ترسيم الحدود البحرية المبرمة اليوم بين مصر واليونان، وقالت إن أنقرة تعتبر هذه الاتفاقية "كأنها لم تكن لأنه لا حدود بحرية بين اليونان ومصر وستتصرف تركيا وفق هذا المفهوم في الميدان وعلى الطاولة".
وأوضح البيان أن هذه الاتفاقية تتسبب في خسارة مصر مساحة 11500 كيلومتر مربع من أراضيها، مثلما خسرت مساحة أخرى عندما أبرمت اتفاقية مع جنوب قبرص عام 2003، "وبذلك تقود هذه الاتفاقية الى محاولة اغتصاب حقوق ليبيا أيضا".
وأكد البيان أن "تركيا لن تسمح بأي نشاطات في المنطقة المذكورة ولا يشك أحد في أن تركيا ستواصل وبحزم الدفاع عن حقوقها وحقوق القبارصة الأتراك المشروعة ومصالحهما في شرق المتوسط".
وأشار البيان إلى أن المنطقة المزعومة تقع ضمن الجرف القاري التركي الذي تم إبلاغ الأمم المتحدة بها من قبل أنقرة.
من جانبه، قال الخبير في القانون الدولي والعلاقات الدولية، الدكتور السيد أبو الخير، إنه "في مسلسل تنازل الانقلاب عن ثروات مصر القومية وُقعت الاتفاقية، وطبقا للقانون الدولي للبحار (اتفاقية جامايكا لعام 1982م) فهي باطلة".
وأوضح أبو الخير أن "قانون البحار حدد طريقة قياس المناطق البحرية للدول بقواعد عامة لا يجوز مخالفتها، واتفاقيات الحدود، سواء البرية أو البحرية، يجب أن تكون بين كافة الدول المجاورة طبقا للقانون الدولي الجديد للبحار".
وأكد الخبير المصري أن "اتفاقية مصر واليونان لم تسجل بالأمم المتحدة التي لن تقبل تسجيلها، وبالتالي لن تعترف بها"، موضحا أنه "ومن حق تركيا الاعتراض على ترسيم الحدود البحرية؛ لأنها دولة ملاصقة وجارة يجب أخذ حقوقها بالاعتبار".
وتابع: "لذلك تجد أن الاتفاقية السابقة التي وقعت من قبل مع قبرص والاحتلال في فلسطين لم تسجل بالمنظمة الدولية؛ لمخالفتها اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982م، أما الاتفاق التركي الليبي لترسيم الحدود البحرية فتم تسجيله بالأمم المتحدة".
وأضاف: "لذلك، فاتفاقية مصر واليونان باطلة، ولا يعتد بها لسببين، الأول: مخالفتها الصريحة لقانون البحار الجديد، وثانيا: لأن من وقعها مغتصب سلطة، وكافة أعمال مغتصب السلطة منعدمة"، وفق قوله.
وجزم أبو الخير بأن "الاتفاق يضر بتركيا، ويزيد علاقتها مع مصر اضطرابا"، معتقدا أن "ذلك مقصود نكاية في نجاح تركيا بليبيا وفشل مصر الذريع فيها".