أحدثهم “العريان”.. القتل البطيء يواصل حصد أرواح المعتقلين

- ‎فيتقارير

تتصاعد جرائم القتل خارج إطار القانون عبر الإهمال الطبي المتعمد بمنع العلاج والدواء، وعدم توافر أدنى معايير سلامة وصحة الإنسان داخل السجون ومقار الاحتجاز غير الآدمية، التي كان آخر ضحاياه اليوم الخميس استشهاد الدكتور عصام العريان البرلمانى السابق  ونائب رئيس حزب الحرية والعدالة القابع فى سجون الانقلاب العسكري منذ الانقلاب على إرادة الشعب المصرى.

ونقلت مصادر أن استشهاد العريان القيادى بجماعة الإخوان المسلمين جاء نتيجة أزمة قلبية داخل سجن العقرب سىء الذكر، الذى يمثل مقبرة للقتل البطيء لمناهضي الانقلاب العسكري ومعتقلي الرأي فيما يعرف باستراتيجية" القتل الأبيض"؛ حيث منع العلاج والدواء عن أصحاب الأمراض حتى الموت.  ومنذ اعتقال العريان صباح يوم الأربعاء الموافق 30 أكتوبر 2013 من القاهرة وهو يتعرض لسلسلة من الانتهاكات والجرائم التى لا تسقط بالتقادم داخل محبسه بسجن العقرب حيث تمنع عنه أدنى مقومات الحياة الأساسية.

ومنذ نحو عام قالت زوجته فى مداخله هاتفية على قناة مكملين الفضائية إنه ممنوع من الزيارة منذ نحو 3 سنوات، وإن تواصلهم معه كان فقط خلال ظهوره فى جلسات المحاكمات الهزلية من خلف الزجاج عبر الإشارات، وإنه وجميع إخوانه من المعتقلين في معية الله، وإنهم بخير طالما كانوا فى طاعة وثابتين على الحق.

وفى وقت سابق بعث الدكتور عصام العريان برساله تكشف طرفا من الانتهاكات التى يتعرض لها المعتقلون داخل سجون العقرب بينهم الدكتور محمد البلتاجى بعدما أصيب بجلطة داخل السجن حيث رفضت إدارة السجن صرف قرص دواء واحد له أو علاجه رغم ظهور مرضية خطيرة من فقد القدرة على النطق في نوبات متكررة، وثقل في حركة الساق، وحالة أرق شديدة، وأعراض أخرى  حتى إنهم رفضوا دخول أى شخص لمساعدته حتى نجله أنس ليتواصل معه في حبسه الانفرادي.

وقال: لقد لجأ الانقلاب إلى سياسة القتل الأبيض تجاه الشرفاء المحبوسين في سجون الطاغية، وهو قتل بطيء بإهمال علاج المرضى وعدم عرضهم على الاستشاريين المتخصصين وحرمانهم من أساسيات الحياة وأبسط حقوقهم، والتعرض للشمس أو الحركة خارج الزنازين الانفرادية الضيقة، أو الطعام المتنوع الكافي ولو على نفقتهم، ومنعهم من الزيارات لـ3 سنوات، والقيود على إدخال الأدوية لهم من خارج السجن إلا بصعوبة، وتكون النتيجة المباشرة  تدهور الحالة الصحية التي تؤدي إلى الوفاة للمرضى وكبار السن أو أصحاب الاحتياجات الخاصة.

ليس الأول

وكانت هذه الانتهاكات تسببت فى وقت سابق فى استشهاد العديد من المحتجزين داخل سجن العقرب بينهم 5 من كبار القادة الإسلاميين في المعتقلات بسبب الإهمال الطبي، وهم: د. فريد إسماعيل (النائب السابق) وأ.عصام دربالة (رئيس شورى الجماعة الإسلامية) وأ. نبيل المغربي (أشهر سجين سياسي لمدة ثلاثين عاما) ومرجان سالم (القيادي في جماعة الجهاد)، وجميعهم تم إهمال علاجهم حتى قضوا نحبهم، ود. محمد مدني الذي مات محروما من حقه في العلاج بمعهد الأورام، وحرمانه من لم شمله مع أولاده الثلاثة المحبوسين، وهو ما تقضي به الأعراف الإنسانية واللوائح والمواثيق الدولية، وهو نفس ما يتعرض له الآن الدكتور محمد البلتاجي أستاذ الطب.

وبتاريخ 30يوليو الماضى وثقت عدد من المنظمات الحقوقية وفاة المعتقل الدكتور سعيد أبوزيد، 58 عاما، أستاذ الطب البيطري بجامعة قناة السويس، ومسئول لجنة التنمية البشرية بالمكتب الإداري لإخوان الإسماعيلية، والمعتقل بمنطقة سجون وادي النطرون.

وقال النشطاء إن أبو زيد توفي داخل معهد الكبد بشبين الكوم بعد تدهور حالته الصحية داخل السجن بسبب الإهمال الطبي المتعمد الذى يتعرض له منذ اعتقاله جر 17 نوفمبر 2013 من منزله

والدكتور سعيد محمود مصطفي ابوزيد، من مواليد محافظه الشرقية، وتخرج من كلية الطب البيطري، وترقى في الدرجات العلمية حتى أصبح أستاذا للفسيولوجي بـالكلية في جامعة قناة السويس.

 

طابور الشهداء 

وفى 27 يوليو الماضى أيضا استشهد الدكتور عمر عبد الغني عضو مجلس الشورى العام لجماعة الإخوان المسلمين، داخل محبسه بقسم أول الزقازيق، جراء الإهمال الطبي المعتمد  الذى يتعرض له منذ اعتقاله في يناير 2017 حيث تعرض للتنكيل به داخل سجن العقرب ومنعت إدارة السجن الزيارات عنه منذ اعتقاله، بالإضافة لمنع دخول الأدوية له، رغم تدهور حالته الصحية نتيجة إصابته بالقلب وبعض الأمراض المزمنة والتي تحتاج لرعاية فائقة.

وكان الفقيد قد حُكم له بالبراءة في جميع القضايا التي واجهها إلا أن نظام السيسي لفق له قضية جديدة ليلقى ربه بعد مرور أكثر من ثلاثة أعوام ونصف في سجون الانقلاب.

 

إهمال طبي متعمد

كانت عدة منظمات حقوقية قد وثقت أيضا الجمعة 27 يوليو الماضى  استشهاد المعتقل "فاضل مهدي الشاذلي" نتيجة الإهمال الطبى المتعمد داخل محبسه بسجن مركز شرطة منيا القمح فى الشرقية، وبتاريخ 25 يوليو أيضا تم الإعلان عن استشهد المعتقل "مصطفى عبدالرحمن خليفة الشيخ"، 48 عاماً، محامٍ، بعد إصابته بفيروس كورونا المستجد "كوفيد-19"، داخل مستشفى العزل بشبين الكوم منذ يوم 23 يوليو، ولم يتم إبلاغ أهله بوفاته إلا بعدها بيومين ، عندما حاول شقيقه زيارته فى المستشفى.

ووثّقت عدد من المنظمات الحقوقية الجريمة، وأشارت إلى أن المحامي المتوفى معتقل منذ سبتمبر 2013، ومحكوم عليه بالسجن المؤبد في على ذمة هزلية اقتحام شرطة كرداسة، وكان يقضي حكمه بسجن وادي النطرون 440 قبل عزله إثر إصابته بكورونا.

ومنذ يناير 2020 وحتى الآن وثقت المنظمات الحقوقية استشهاد أكثر من 50 معتقلا في السجون وأقسام الشرطة نتيجة ما يتعرضون له من إهمال طبى متعمد ضمن جرائم النظام التى لا تسقط بالتقادم

ووفقا لمؤسسة "كوميتي فور جستس" ارتفاع أعداد المصابين، والمشتبه في إصابتهم بفيروس كورونا ، من المحتجزين، وأفراد الشرطة والعاملين بمقار الاحتجاز إلى 312 حالة، 212 حالة منهم مشتبه في إصابتها، بينما تأكد إصابة 100 آخرون، وذلك داخل 48 مقرا للاحتجاز، بـ 13 محافظة.

وطالبت "كوميتي فور جستس" وزارة الداخلية بحكومة نظام السيسى المنقلب، بالالتزام بإجراءات الحماية والوقاية في مواجهة انتشار الفيروس، وتنفيذ إجراءات التوعية، وتقديم المعلومات بشأن الإجراءات الوقائية الصحية، والأسلوب الصحي للحياة للمحتجزين، والعاملين بمقار الاحتجاز، كذا طالبت المؤسسة الداخلية بضرورة التحلي بالشجاعة والشفافية في التعامل مع الأزمة، وتمكين المحتجزين من تلقي الرعاية الطبية، والتواصل مع محاميهم وذويهم، وتوفير الحماية، خاصة للسجناء كبار السن، وأصحاب الأمراض المزمنة المعرضين للخطر أكثر من غيرهم.