“مودرن دبلوماسي”: السعودية قد تشعل سباق التسلح النووي بالمنطقة

- ‎فيعربي ودولي

نشرت صحيفة "مودرن دبلوماسي" تقريرا سلطت خلاله الضوء على سباق التسلح في الشرق الأوسط بتحريض من الصين، نحو سباق التسلح النووي والقذائف البالستية .

وقال التقرير الذي ترجمته "الحرية والعدالة" إن الكشف في الأسبوع الماضي عن قيام المملكة العربية السعودية، بمساعدة الصين، ببناء منشأة لتخصيب اليورانيوم هو الأحدث في سلسلة من التحركات الصينية التي تعزز سعي المملكة للحصول على التكنولوجيا النووية.

ونفت السعودية بناء منشأة لتخصيب اليورانيوم لكنها أصرت على أن تعدين احتياطياتها من اليورانيوم جزء من إستراتيجيتها للتنويع الاقتصادي. وأعلنت وزارة الطاقة السعودية أنها تتعاون مع الصين في جوانب غير محددة من التنقيب عن اليورانيوم.

ومن المرجح أن تؤدي الحملة النووية السعودية إلى تشديد العزم الإيراني، وتغذية الطموحات التركية، وزيادة المخاوف الإسرائيلية من احتمال تعرض تفوقها العسكري الإقليمي للخطر.

وعلى مدى العام الماضي، انسحبت إيران تدريجياً من الالتزامات التي قطعتها على نفسها كجزء من اتفاق دولي عام 2015 الذي حد من طموحات الجمهورية الإسلامية النووية بعد انسحاب إدارة ترامب من الاتفاق في عام 2018 وإعادة فرض عقوبات اقتصادية قاسية.

وعلى الرغم من النفي، مثل إسرائيل، تخشى المملكة العربية السعودية من أن تعيد الولايات المتحدة التفاوض على الاتفاق بطرق لا تقدم ضمانات من جديد بأن إيران لن تطور أسلحة نووية أو قدرة صاروخية باليستية معززة أو تحد من دعمها للوكلاء المتشددين في لبنان والعراق واليمن.

والخوف هو بغض النظر عما إذا كان دونالد ترامب أو المرشح الديمقراطي المفترض للرئاسة جو بايدن سيفوز في انتخابات نوفمبر في الولايات المتحدة.

وحذر ولي عهد السعودي محمد بن سلمان في عام 2018 من أن "السعودية لا تريد الحصول على أي قنبلة نووية، ولكن دون شك، إذا طورت إيران قنبلة نووية، سنحذو حذوها في أقرب وقت ممكن". وفي مواجهة احتمال حدوث سباق تسلح نووي بين السعودية وإيران، أصر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان العام الماضي على أنه من غير المقبول أن تمنع الدول المسلحة نووياً بلاده من تطوير أسلحة نووية.

ومن المفارقات أن الدعم الصيني لبرنامج نووي سعودي سلمي من شأنه حتماً أن يوفر للمملكة لبنات بناء يمكن أن تسهم في تطوير الأسلحة النووية مما يهدد بدق إسفين بين المملكة العربية السعودية والكيان الصهيوني. وقد أقام البلدان، في غياب العلاقات الدبلوماسية الرسمية، علاقات غير رسمية وثيقة على أساس العداء المشترك بينهما تجاه إيران وجهود المملكة للاستفادة في واشنطن وأماكن أخرى من النظر إلى التعامل مع الكيان الصهيوني وكذلك الجماعات اليهودية.

وقال سيغورد نيوباور مؤلف كتاب نشر للتو حول العلاقات الصهيونية الخليجية "بالنسبة لإسرائيل، فان القدرة العسكرية النووية السعودية هي خط احمر ستكون مستعدة لتطبيقه".

يخدم تركيز المملكة العربية السعودية على الطاقة النووية أهدافاً مختلفة: تنويع اقتصادها، والحد من اعتمادها على الوقود الأحفوري، والتصدي للقدرة النووية الإيرانية المستقبلية المحتملة، وتعزيز الجهود الرامية إلى ضمان ظهور المملكة العربية السعودية بدلاً من إيران كقوة مهيمنة طويلة الأمد في الشرق الأوسط.

وكان التعاون في مجال الطاقة النووية واحداً من 14 اتفاقية بقيمة 65 مليار دولار تم توقيعها خلال زيارة العاهل السعودي الملك سلمان إلى الصين عام 2017. وشملت الصفقات المتعلقة بالمجال النووي دراسة جدوى لبناء محطات الطاقة النووية المبردة بالغاز في المملكة العربية السعودية ،بالإضافة إلى التعاون في مجال الملكية الفكرية وتطوير سلسلة توريد صناعية محلية لمعالجة الغازات الغازية التي سيتم بناؤها في المملكة.

وكان الاتفاق واحدا من عدد من التفاهمات المتعلقة بالمجال النووي التي أبرمت مع الصين، بما في ذلك مذكرة تفاهم تتعلق باليورانيوم مع الشركة النووية الوطنية الصينية، واتفاق مع مجموعة الهندسة النووية الصينية، واتفاق عام 2012 للتعاون في مجال الاستخدامات السلمية للطاقة النووية. ووقعت السعودية اتفاقات مماثلة مع فرنسا والولايات المتحدة وباكستان وروسيا وكوريا الجنوبية والأرجنتين.

ومن أجل تحقيق هدفها قبل انتشار الجائحة المتمثل في بناء 16 مفاعلا نوويا بحلول عام 2030 بتكلفة قدرها 100 مليار دولار، أنشأت المملكة العربية السعودية مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة المكرسة للبحث في التكنولوجيا النووية وتطبيقها.

وقد غذى الرغبة السعودية في النوايا السعودية في الأشهر الـ 18 الماضية تردد السعودية في الموافقة على الضمانات الأمريكية التي يُنظر إليها على أنها المعيار الذهبي للصناعة النووية الذي يتطلب منها من بين أمور أخرى التوقيع على البروتوكول الإضافي لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية. ولم تستبعد السعودية توقيع البروتوكول.

وزاد من حدة عدم الارتياح وجود أدلة على أن المملكة كانت تبني موقعا لإنتاج الصواريخ الباليستية في منطقة صحراوية نائية. وتشير صور الأقمار الصناعية إلى أن المرفق يشبه موقعا مماثلا للطاقة النووية في باكستان. لطالما كان التعاون السعودي مع باكستان مصدر تكهنات حول طموح المملكة والآثار المترتبة على مشاركتها في البرنامج النووي الباكستاني.

وقال الميجور جنرال الباكستانى المتقاعد فيروز حسن خان ، صاحب تاريخ شبه رسمى للبرنامج النووى الباكستانى، فى مقابلة إنه ليس لديه شك فى اهتمام المملكة. وقال "إن السعودية قدمت دعما ماليا سخيا لباكستان مكن من مواصلة البرنامج النووى، وخاصة عندما كانت البلاد تخضع لعقوبات"، مشيرا إلى العقوبات الأمريكية التى فرضت فى عام 1998 بسبب تطوير باكستان لقدراتها على الأسلحة النووية.

وقد اقترح معهد العلوم والأمن الدولي ومقره واشنطن في تقرير نُشر قبل ثلاث سنوات أن "باكستان قد تساعد [المملكة العربية السعودية] في… طرق مهمة، مثل توريد المعدات الحساسة والمواد والدراية المستخدمة في التخصيب أو إعادة المعالجة.

وحذر التقرير، في إشارة إلى الاتفاق النووي الإيراني، من أنه "ليس هناك ما يدعو إلى الشك في أن المملكة العربية السعودية ستسعى بنشاط أكبر للحصول على قدرات في مجال الأسلحة النووية، مدفوعة بمخاوفها . . . إذا فشلت الصفقة". وبدلاً من الشروع في برنامج سري، توقع التقرير أن تركز المملكة العربية السعودية في البداية على بناء بنيتها التحتية النووية المدنية فضلاً عن وجود هندسة نووية قوية وقوة عاملة علمية. وهذا من شأنه أن يسمح للمملكة بالسيطرة على جميع جوانب دورة الوقود النووي في مرحلة ما في المستقبل. وقد وسعت المملكة العربية السعودية في السنوات الأخيرة بشكل كبير برامج الدراسات العليا في مراكز البحوث النووية الخمسة.

وقد أصر المسئولون السعوديون مراراً وتكراراً على أن المملكة تطور قدرات نووية للأغراض السلمية مثل الأدوية وتوليد الكهرباء وتحلية مياه البحر. وقال المعهد "إن الوضع الحالى يشير إلى أن السعودية لديها الآن مثبطات كبيرة لمتابعة الأسلحة النووية على المدى القصير ودافعا كبيرا لمتابعتها على المدى الطويل".

ويشير تحليل التقرير إلى أن الصين، من خلال عدم فرض قيود على تعاملاتها النووية على غرار تلك التي تحتفظ بها الولايات المتحدة، قد تساهم في دوامة هبوطية إقليمية من شأنها أن تضر بالمصالح الصينية على المدى الطويل.

رابط التقرير:

https://moderndiplomacy.eu/2020/08/23/playing-with-fire-china-fuels-middle-east-arms-race/