“مجزرة صلاح الدين”.. ما أشبه إجرام السيسي في سيناء بما يجري في سوريا والعراق!

- ‎فيتقارير

"عشان منبقاش زي سوريا والعيراء"، تلك هى المقولة التي تغنى بها انقلاب الثلاثين من يونيو عام 2013 في مصر، والتي حاول من خلالها الزعم بأنه جاء بالرصاص ليحمي المصريين من إرهاب لا يعلمونه بل هو وحده الذي يعلمه، فيما أثبتت الأيام العجاف التي مرت على المصريين أن مصيرهم بات لا يختلف عما يجري من مجازر وكوارث في سوريا والعراق.

احتلت أمريكا العراق بمساعدة بريطانية فى ٢٠٠٣ لإسقاط صدام حسين، وبحجة نشر الديمقراطية، فكانت النتيجة بعد ١٦ سنة هى تسليم العراق تقريبا لإيران، وبروز القوى والأحزاب والعقليات الطائفية، وتشجيع المنظمات الإرهابية، واحتلت مصر في انقلابيين متتاليين أولهما عام 1954 حينما انقلب جمال عبد الناصر على الرئيس محمد نجيب، والثاني حينما انقلب السفاح عبد الفتاح السيسي على الرئيس الشهيد محمد مرسي.

استعباد العرب
وعثرت شرطة محافظة صلاح الدين على 8 جثث لعراقيين اختطفوا مع 4 آخرين ظهر أمس السبت، فيما لا يزال مصير الأربعة مجهولًا، وقال قائد شرطة محافظة صلاح الدين، إن "شرطة الطوارئ عثرت على 8 جثث لمواطنين من أهالي ناحية الفرحاتية التابعة لقضاء بلد جنوب تكريت من أصل 12 مدنيًا تم اختطافهم من قبل قوة مسلحة مجهولة الهوية، فيما لا يعرف حتى هذه اللحظة مصير الأربعة الآخرين".
وأعلنت محافظة صلاح الدين العراقية الحداد، اعتبارا من اليوم الأحد، على خلفية إعدام شبان رميا بالرصاص في منطقة الفرحانية في قضاء بلد، يأتي ذلك فيما ندد نواب محافظة صلاح الدين وحكومتها المحلية بالمجزرة المروعة.

النائب في البرلمان العراقي مثنى السامرائي منح الحكومة في بغداد مهلة 72 ساعة لكشف نتائج التحقيق في مجزرة الفرحاتية في محافظة صلاح الدين، وهدد بطلب حماية دولية في حال عجز الحكومة عن تقديم الجناة. كما قال إن المواطن الأعزل في صلاح الدين يفتقد للأمن ولا يلقى حمايةً من الأجهزة الأمنية التي هي نفسها تعاني من تدخل بعض الجماعات المسلحة في عملها وخططها، وهو ما يربك الأوضاع الأمنية في المحافظة.

من جانبه غرد النائب رعد الدهلكي على تويتر قائلًا إن "جريمة بلد في محافظة صلاح الدين ليست الأولى ولن تكون الأخيرة التي تنفذها الميليشيات الطائفية المنفلتة، وعلى الكاظمي إنهاء هذا الاستهتار، بحال أراد استمرار العملية السياسية في شكلها المعترف به دوليًا. إخراج الجهات المسلحة من محافظاتنا وإلا خياراتنا الدستورية ملاذنا".
كما كتب النائب فلاح الزيدان على تويتر: "لن نصبح مشروع قتل دائم من قبل الميليشيات الطائفية، ولن نقبل بذلك، وسندافع عن أنفسنا ما لم يتخذ القائد العام للقوات المسلحة إجراء حازمًا وفوريًا بإخراج هذه الميليشيات من محافظاتنا، وسنتخذ كل المسارات الدستورية الضامنة لحقوقنا. جريمة بلد لن تمر مرور الكرام ولن نساوم على دماء أهلنا".

في وقت سابق من السبت، اتهم "المركز العراقي لتوثيق جرائم الحرب"، مقاتلي فصيل "عصائب أهل الحق". أحد فصائل الحشد الشعبي، بقتل 12 مدنيًا في قضاء بلد بمحافظة صلاح الدين، وتعد "عصائب أهل الحق" من أبرز الفصائل الشيعية العراقية المسلحة المقربة من إيران، بزعامة قيس الخزعلي.

يقول الكاتب والمحلل السياسي محمد هنيد: "صنع الاستعمار البريطاني في العراق منذ ثلاثة قرون نزعة شيعية لتدمير الإسلام من الداخل نسجا على البروتستانتية والكاثوليكية، ولما فشلت المحاولة تحالفت مع المشروع الصفوي الفارسي في إيران لتدمير حواضر المسلمين عبر زرع السرطان الشيعي المعدَّل صفويا مجزرة صلاح الدين".

مجازر سيناء
ولا يختلف ما تقوم به ميلشيات عصائب الحق الشيعية بالعراق عما يقوم به السفاح السيسي في ربوع مصر كاملة، وخصوصا في سيناء، إذ يشن العسكر من قبل إعلان ما تسمى بـ"صفقة القرن" حملة دموية لطرد أهالي سيناء، وأعلن الجيش أن 15 من أفراده سقطوا بين قتيل وجريح في عمليات نفذها بشبه جزيرة سيناء الآونة الأخيرة، وأن 126 من المدنيين والذين وصفهم وصفهم بالمتشددين قتلوا، في وقت تتهم منظمات حقوقية السفاح السيسي بتنفيذ عمليات إعدام خارج نطاق القضاء.

وقالت القيادة العامة للجيش في بيان "نتيجة للأعمال القتالية الباسلة لقواتنا المسلحة بمناطق العمليات نال شرف الشهادة والإصابة أربعة ضباط وثلاثة ضباط صف وثمانية جنود أثناء الاشتباك وتطهير البؤر الإرهابية". كما جاء في البيان أنه تم "تنفيذ عدد 22 مداهمة وعدد 16 عملية نوعية أسفرت عن مقتل 126 فردا تكفيريا". وينشر الجيش تطورات عملياته في سيناء كل بضعة أشهر دون إعلان إطار زمني محدد لها.

وجاء البيان الأخير بعد ثلاثة أيام من إعلان الجيش سقوط عشرة من أفراده بين قتيل وجريح في هجوم بالقرب من مدينة بئر العبد شمال سيناء، وكان تنظيم داعش المدعوم مخابراتيًا من السفاح السيسي ومن محمد دحلان الذراع الصهيونية في سيناء قد أعلن مسؤوليته عن الهجوم.

وتتهم منظمات معنية بحقوق الإنسان السفاح السيسي بتنفيذ عمليات إعدام خارج نطاق القضاء، وعمليات إخلاء قسري وعقاب جماعي في إطار الحملة، وينفي الجيش هذه الاتهامات ويزعم قادته إنهم يأخذون بعين الاعتبار أرواح المدنيين خلال عملياتهم الإجرامية.

وفي فبراير 2018 أطلق السفاح السيسي قبضة الجيش والشرطة، في حملة شيطانية واسعة لمواجهة ضد "مجموعات غامضة مسلحة" مدعومة من المخابرات الحربية المصرية ومن محمد دحلان الذراع الصهيونية في سيناء.
وخلال الفترة بين يوليو 2013 ويوليو 2018، وثقت المنظمة العربية لحقوق الإنسان مقتل 4010 مدنيين بسيناء، منهم 3709 قال عنهم الجيش إنهم قُتلوا نتيجة مواجهات أمنية، والبقية قتلوا بصورة عشوائية، ودون فتح تحقيق في أي واقعة.

حروب التهجير
وقبل نحو عام، قالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن قوات الجيش والشرطة شمال سيناء ترتكب انتهاكات خطيرة وعلى نطاق واسع بحق المدنيين في إطار الحرب ضد داعش، كما اتهمت "مسلحين" بارتكاب "جرائم مروعة".
وقالت المنظمة الحقوقية إن بعض تلك الانتهاكات التي وثقتها في تحقيق أجرته على مدى عامين بعنوان "إذا كنت خائفا على حياتك اترك سيناء" ترقى إلى جريمة حرب.

واتهم تقرير ووتش ميلشيات السفاح السيسي بالقيام باعتقالات تعسفية شملت أحداثا صغار السن والوقوف وراء حالات اختفاء وارتكاب تعذيب وقتل خارج نطاق القضاء، فضلا عن العقاب الجماعي وعمليات الإخلاء القسري وهجمات جوية وبرية ضد المدنيين.

وفي إبريل 2019 أظهر تحليل أجرته وكالة رويترز لبيانات الداخلية المصرية على مواقع التواصل أو نشرتها وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية -الفترة من أول يوليو 2015 حتى نهاية 2018- أنه لم يبق على قيد الحياة سوى ستة فقط من المشتبه بهم من بين 471 رجلا في 108 وقائع، أي أن نسبة القتلى فيها بلغت 98.7%.
وأضاف تقرير رويترز أن التشابه كان مذهلا بين بيانات الداخلية، وكل مرة كانت الوزارة تقول إن قواتها اقتربت من مخبأ الإرهابيين أو المجرمين أو داهمته "باتخاذ كل الإجراءات القانونية اللازمة" وكانت البيانات تقول إن الإرهابيين أو المجرمين يفتحون النار ثم ترد عليهم ميلشيات السفاح السيسي!

صفقة صهيونية
ويلف صمت مطبق محافظة شمال سيناء، وتغيب أحداثها الملتهبة عن تصدر عناوين النشرات الإخبارية، رغم ما يعصف بها من جرائم طالت مدنيين عزلا، تحت ذريعة "مكافحة الإرهاب"، كان منها سقوط نحو 15 بين قتيل وجريح، في قصف لطائرات حربية مصرية جنوب الشيخ زويد.

وقال ناشطون إن من بين القتلى ثمانية أشخاص من عائلة واحدة، بينهم أربع سيدات، إثر القصف الذي استهدف سيارة تقلُّهم بعد الانتهاء من جمع محصول الزيتون.
بدورهم صبَّ عدد كبير من المصريين جامّ غضبهم على السفاح السيسي، محمِّلين اياه والجيش المسؤولية الكاملة عن الحادث، وحقق هاشتاج بعنوان "#السيسي_يقتل_أهالي_سيناء" صدارة الهاشتاجات في البلاد، محققًا التريند في نسبة التغريدات.

ووسط حالة من التجاهل والنسيان المتعمد من قبل سلطات الانقلاب وأجهزتها الإعلامية لما يجري هناك بحق المدنيين، يواصل الجيش المصري عملية طويلة، وغير محددة بزمن، حولت المحافظة إلى منطقة أشباح، يطبق عليها حصار عسكري مشدد منذ انطلاقها في 9 فبراير 2018.

ولم تفلح العملية العسكرية حتى الآن في تحقيق الأهداف المعلنة، والمتمثلة في القضاء على تنظيم داعش المخابراتي، الأمر الذي حول مدن وقرى شمال سيناء إلى ثكنات عسكرية منعزلة عن بعضها، يصعب التحرك بينها، وتعاني شحا في المستلزمات الأسياسية، لا سيما الوقود.