كشفت مصادر قضائية، مؤخرا، عن مطالبة المدعي العام في روما، سلطات الانقلاب العسكري في مصر بالحصول على معلومات عن 3 ضباط مصريين، يشتبه بصلاتهم بمقتل الطالب الإيطالي "جوليو ريجيني" في مصر عام 2016. وقالت المصادر، إن روما أرسلت طلبا قضائيا للنيابة العامة المصرية بهذا الشأن، مشيرة إلى أن الشخصيات المطلوبة كانت تعمل بجهاز الأمن الوطني، خلال فترة دراسة "ريجيني" في القاهرة.
ضباط الأمن الوطني
ويرجح المحققون الإيطاليون، أن يكون الضباط الثلاثة شركاء للرائد بالأمن الوطني "مجدي شريف"، الذي أبلغ عنه ضابط إفريقي سابقا بأنه سمع منه حديثا عفويا أثناء تدريب للضباط الأفارقة في كينيا عام 2017، اعترف فيه بتورطه في قتل "ريجيني".
و"مجدي شريف" أحد الضباط الخمسة الذين وجه الادعاء الإيطالي اتهاما صريحا إليهم في ديسمبر 2018، وأبرزهم اللواء "خالد شلبي" الذي يشغل حالياً منصب مساعد وزير الداخلية لشمال الصعيد، وكان يشغل وقتها منصب مدير المباحث في مديرية أمن الجيزة.
وعود فاشلة
وكانت أسرة ريجيني وجهت رسالة شديدة اللهجة للسيسي في 11 مايو 2019 ، طالبته فيها بتسليم 5 ضباط تتهمهم سلطات التحقيق في روما بالضلوع في واقعة قتل "ريجيني"، واصفة وعوده السابقة بمعاقبة المتورطين بالـ"فاشلة". وفي البيان الذي صدر، الجمعة 10 مايو 2019 ، باللغات الثلاث العربية والإنجليزية والإيطالية، قالا والدا "ريحيني"، "باوال" و"كالوديو" لـ"السيسي": "تحدثت إلينا بصفتك أبا قبل أن تكون رئيسا، ووعدت بإلقاء الضوء والوصول إلى الحقيقة، والعمل مع السلطات الإيطالية على إقامة العدل، ومعاقبة المجرمين الذين قتلوا ريجيني. ولكن مرت ثلاث سنوات، من دون أي تعاون حقيقي من السلطات القانونية المصرية".
مقاطعة الحوار
وأضاف البيان: "وضع مكتب المدعي العام الإيطالي 5 رجال من جھاز الأمن على قائمة الأشخاص قيد التحقيق، إلا أن مكتب النائب العام المصري قاطع الحوار معه… ونعلم اليوم أن جوليو قد اختطف من قبل مسئولي جھاز الأمن الخاص بك، ونعرف ھذا بفضل العمل المتواصل للمحققين والمدعين العامين الإيطاليين ومحامينا".
وتابع: "لقد أخلفت وعدك؛ حيث إن لديك سلطة لا حدود لھا، كما نفھم من وسائل الإعلام، لذلك من الصعب تصديق أن الأشخاص الذين خطفوا وعذبوا وقتلوا ابننا جوليو، ليسوا هم الأشخاص الذين كذبوا وشوهوا صورته… وقاموا بعمليات تضليل ممنھج لا حصر لھا، فضلاً عن قتل خمسة مصريين أبرياء، لإلقاء اللوم عليھم في وفاة ريجيني".
واستطرد: "لم تثبت أنك رجل شريف، وأن هناك 5 مصريين أبرياء قتلوا من دون علمك، وأن كل تلك التصرفات حدثت ضد إرادتك؛ لذا لا يمكننا أن نقبل تعازيكم بعد الآن أو وعودكم الفاشلة… سيدي الجنرال: أنت تعلم جيدا أن قوة الرجل، وحتى قوة الرئيس، لا يمكن أن تستند إلى الخوف، ولكن إلى الاحترام".
مات كالمصريين
وشددت الأسرة من لومها لـ"السيسي"، قائلة: "لا يمكنك أن تطلب الاحترام إذا أخلفت الوعد الذي قدمته لنا نحن الأبوين، وإلى بلد يبكي فقدان أحد أبنائه، وأنت تعرف ذلك جيدا؛ لأنه كان رسولا للسلام… لكنه مات مثلما يموت الكثير من المصريين، رغم أنه تعلم لغتك، ومكث في القاھرة مرات عدة، ولطالما أراد العيش مع المصريين حتى اليوم لسوء الحظ".
وأردف محذرا: "سيدي الرئيس: أنت تقول أنك تتفھم حزننا، ولكن الأسى الذي حطمنا لمدة 39 شھرا لا يمكن تخيله، ويمكنك أن تتخيل عزمنا، وھو نفس العزم الذي نشاركه مع الآلاف من الناس حول العالم… نحن كُثر، صارمون وشديدو البأس، وطالما لم يتم عقاب ھذه الھمجية، أو تقديم جميع المذنبين إلى العدالة الإيطالية، بغض النظر عن أدوارھم أو وظائفھم، فلا يمكن لأحد في العالم البقاء في بلدك أو الشعور بالأمان".
واستدرك: "لديك فرصة لإظھار أمام العالم أنك رجل ذو شرف: أحضر الأشخاص الخمسة قيد التحقيق أمام القضاء الإيطالي، دع المدعين العامين لدينا يستجوبونھم… وأظھر للعالم الذي يراقبك أنه ليس لديك ما تخفيه، لديك صلاحية وفرصة لتحقيق العدالة، ولكن إھدارھما لن يغتفر". على الرغم من الضغوط المتواصلة على مصر إلا أن السيسي يتشبث بالرفض مخافة أن يصل الأمر إلى رقبة نجله محمود ضابط المخابرات الذي اشرف على العملية.
ووفق مصادر مطلعة، حصل مكتب المدعي الإيطالي على "معلومات موثقة ومسجلة تؤكد تورط ضابط مصري كبير في قتل ريجيني، أو على الأقل معرفته بجميع تفاصيل الحادث".
تجاهل الحقيقة
وأوضحت المصادر أن المعلومات التي توصل إليها الادعاء العام في روما عبارة عن حديث أدلى به الضابط المصري الكبير إلى ضابط أجنبي، زار مصر أخيرا، عن ظروف مقتل "ريجيني"، فقال له في جلسة، كان يعتقد أنها ودية، أن ضباط الشرطة الذين قتلوا "ريجيني" لم يكونوا يقصدون ذلك، لكنهم كانوا يتصورون أنهم يرهبونه للكف عن أنشطة اعتقدوا أنها "تجسسية" لصالح الاستخبارات البريطانية تحديدا.
ودفعت هذه المعلومات رئيس الوزراء الإيطالي "جوزيبي كونتي" لمطالبة "السيسي" بالوفاء بتعهداته بعدم التستر على قتلة "ريجيني"، مهما كانت رتبهم ووظائفهم في وزارة الداخلية.
الثمن من أموال المصريين
علاقات متوترة
وكانت العلاقات بين القاهرة وروما، توترت بشكل حاد، عقب مقتل "ريجيني" (26 عاما)، والعثور على جثته بمصر، في فبراير 2016، وعليها آثار تعذيب. ولمحاولة إسكات إيطاليا قدم السيسي مزيد من الرشى المالية والصفقات المهدرة لأموال مصر لشراء الصمت الايطالي، ففي فبراير 2019 اشترت مصر، أسلحة وذخائر ونظما معلوماتية وأمنية من إيطاليا بمبلغ تعدى 69 مليون يورو، خلال العام 2018 فقط، بحسب وثيقة صادرة عن وزارة الخارجية الإيطالية.
صفقات أسلحة
وكشفت الوثيقة أن "مصر دفعت لإيطاليا 69.1 مليون يورو وهو رقم يفوق بكثير سعر مشترياتها من الأسلحة والذخيرة في جميع الأعوام من 2013 إلى 2017".
وأشار الموقع إلى أنه في عام 2013 استوردت مصر أسلحة من إيطاليا بمبلغ 17.2 مليون يورو، وفي عام 2014 استوردت بمبلغ 31.8 ملايين يورو، وفي عام 2015 بلغ ثمن الواردات 37.6 ملايين يورو، ثم انخفضت الواردات بشكل ملحوظ عام 2016 ليبلغ سعرها 7.1 مليون يورو، وفي 2017 ازدادت بصورة طفيفة إلى 7.4 ملايين يورو، قبل أن تصل لمستوى قياسي في عام 2018 بمبلغ 69.1 مليون يورو.
وأوضحت الوثيقة أنه "عام 2018 احتلت مصر المركز العاشر في قائمة الدول المستوردة للسلاح الإيطالي بصفة عامة، والأولى في قارّة إفريقيا.
أما أبرز البضائع العسكرية المستوردة، فكانت المسدسات والبنادق الصغيرة لتسليح الجيش، والقنابل، وقطع غيار بعض الأسلحة أمريكية الصنع، المنتجة حصراً في إيطاليا، وأنظمة توجيه وقيادة وسيطرة ميدانية.
وشملت البضائع أيضا، أجهزة إلكترونية ورادارية مختلفة للاستخدام العسكري، وأنظمة معلوماتية ذكية تم توريدها إلى هيئات مختلفة بالجيش والشرطة. بجانب زيادة صفقات تسليحية وتجارية بين البلدين، بتمويل خليجي.
محاولة التكتيم
وفي يناير 2018، اتهمت صحيفة "نوتيزي جيوبوليتيك" الإيطالية، حكومة بلادهم، بالاتفاق مع نظام الانقلاب، على إغلاق قضية "ريجيني"، مقابل الحفاظ على التنسيق التجاري بين البلدين، وتعاون ثنائي في الأزمة الليبية.
وفي يونيو من نفس العام، اعتبر وزير الداخلية الإيطالى الجديد "ماتيو سالفيني" أن علاقة إيطاليا بمصر أكثر أهمية من قضية مقتل "ريحيني".
وكانت العلاقات بين البلدين قد وصلت إلى أدنى مستوياتها على خلفية تلك القضية، وبلغت حد سحب السفير الإيطالي من القاهرة للتشاور وسط اتهامات للسلطات الأمنية بتعذيب الباحث الشاب حتى الموت وإلقاء جثته لاحقا على الطريق. وفي السياق ذاته قدم السيسي حقول الغاز والبترول لشركة إيني الايطالية التي باتت اكبر مستثمر بمصر من أجل إسكات ايطاليا وهو ما لن يحدث حتى كشف الحقيقة والتيل تبعد عن نجل السيسي القاتل…فيما سيتكبد الشعب المصري خسارة مقدراته المالية والاقتصادية.