بعد الشبان المسلمين.. التوحيد والنور يدخل مفرمة التغريب.. لماذا يحارب السيسي الهوية الإسلامية؟

- ‎فيتقارير

فوجئ المصريون بانتشار صور لأحد فروع سلسلة محلات الملابس الشهير "التوحيد والنور"، توضح تغيير اسم إحدى فروع سلسلة المحلات، إلى "T&N"، ما أثار جدلًا كبيرًا حول فكرة تغيير الاسم الذي وضعه مؤسس المحلات الشيخ "سيد السوركي" المحسوب على السلفيين، ومقصده تعظيم "توحيد الله" وأنه هو النور الهادي إلى الصراط المستقيم.

ومنذ أن استيلاء السفاح عبد الفتاح السيسي على السلطة بعد انقلابه على الرئيس المنتخب الشهيد محمد مرسي، يسعى هو وعصابته العسكرية لطمس الهوية الإسلامية للشعب المصري، وبدأ الأمر مبكرا بإغلاق عدد من القنوات الإسلامية، واعتقال العديد من علماء الدين والدعاء والشيوخ، ومن وقتها وحتى الآن تغلق وتهاجم المساجد ويهاجم الإسلام وتلصق تهم الإرهاب بالمسلمين.

عداوة للإسلام
مراقبون أكدوا لـ"الحرية والعدالة" أن رفع مسمى "التوحيد والنور" والذي ترسخ في اذهان المصريين يأتي في سياق محاربة كل مسمى يشير إلى الاسلام ولو على سبيل الدعاية، وهو ما حدث لشعار الهيئة العربية للتصنيع والتي انتتزع منها الآية الكريمة "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة"، وحدث بعدها لجمعية "الشبان المسلمين" وما يتبعها من مراكز رياضية، والتي تم شطب كلمة "المسلمين" من شعارها.

وبات معلومًا أن مهمة السفاح عبد الفتاح السيسي في مصر محو الهوية الاسلامية والمجتمعية للشعب المصري، من خلال محاربة الإسلام وتشكيك الناس في عقائدها، وإبعادهم عن تقديس مساجدها وشعائرها الدينية، تمهيدًا لنشر العلمانيه كما فعل كمال أتاتورك في تركيا، والبدايه قالها السيسي في أول خطاب "اللي ميرضيش ربنا هندعمه ونقف معاه".

وكان "مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي" أصدر دراسة في 28 يناير 2019م، أعدها الباحثان عوفر فنتور وأساف شيلوح، بعنوان "هوية مصر في عهد السيسي: السمات المميزة للإنسان المصري الجديد"، يشيدان فيه بهذه الخطوات غير المسبوقة؛ حيث تناولت الدراسة مظاهر ومآلات الحملة الواسعة التي يشنها نظام السيسي من أجل إعادة صياغة الهوية الوطنية لمصر؛ من خلال السعي أولا لتقليص مركّبها الإسلامي والعربي، وثانيا احتواء سماتها الثورية، وثالثا العمل على بناء جيل مصري جديد يكون أكثر استعدادًا للاصطفاف حول الأجندة التي يفرضها النظام.

ويعزو مراقبون حرب السفاح السيسي على المساجد بالخوف من الهوية الإسلامية والعمل بالتدريج على تكريس نسخة من العلمانية المتطرفة في مصر؛ يدلل على ذلك أن السيسي في أول حوار صحفي له مع الواشنطن بوست، بعد مرور شهر واحد على انقلابه العسكري، أكد للصحفية (ليلي ويموث) أنه ما قدم إلى الحكم إلا لإجهاض المشروع الإسلامي الذي أراده الرئيس "محمد مرسي"، حيث قال نصا: "لو كان الانقلاب عليه لفشله، كنا صبرنا عليه لانتهاء مدته، ولكنه أراد إحياء المشروع الإسلامي والخلافة".
وبعد عام كامل من هذا الحوار، وفي لقاء له مع فضائية "العربية" ذات التوجه العلماني قال نصا: "لن يكون في مصر قيادات دينية ولن أسمح بذلك، فأنا المسئول عن الأخلاق والقيم والمبادئ"، ثم أكمل قائلا: "والدين أيضا"، وهنا قاطعته المذيعة متسائلة: "والدين أيضا؟!"، فأكد السيسي فكرته: "وعن الدين أيضا".

لكن السيسي عاد في 2017 م أكثر صراحة ووضوحا في تعامله مع الإسلام، حين صرح لشبكة "فوكس نيوز" الأمريكية (المعروفة بتوجهاتها المتطرفة) بأنه لا مكان للدين في الحياة السياسية بعهده. فالسيسي لا يؤمن بالعلمانية المحايدة التي تقف موقفا وسطا من جميع الأديان؛ بل يرى في الأديان تابعا للسلطة توظفه لخدمة أهدافها كفيما تشاء.

يسلخ مصر
ويرى نشطاء وسياسيون أن السفاح السيسي جاء ليسلخ مصر من عقيدتها وهويتها الإسلامية، وكانت بدايته مع إلغاء مادة التربية الإسلامية من المناهج الدراسية، تقول الناشطة نوران محمود: "الهدف الأساسى لوجود السيسي هو طمس الهويه وتغيير العقيدة والحرب على الإسلام وضياع مقدرات الدولة وإفقار الشعب وذله والقضاء عليه، وكلامى موجه للمعيز اللى بيفهم بيريح".

يقول الدكتور محمد الصغير مستشار وزارة الأوقاف السابق: "لم أندهش من أن الزند تطاول على النبي ﷺ ﻷن السيسي يحارب الإسلام وﻻ أراه انقلب من أجل سياسة أو رياسة وإنما انقلب على الهوية والثوابت الدينية".

ويقول الناشط محمود عويضة: "في مصر احنا بنواجه صراع شديد مع الصهاينة وكل من أراد هدم الإسلام متنكرين في صورة عسكر مصر وقائدهم السيسي الطاغية بجانب صراع شديد مع قطاع عريض من الشعب تم فصله تمامًا عن الهوية الإسلامية انها معركة وعي وصمود".

ويقول الإعلامي أحمد منصور المذيع في قناة الجزيرة: "التخاريف السياسية والأكاذيب اليومية التى تطلقها أبواق السيسى الإعلامية عمل عادى لزمرة المنتفعين وسدنة الأنظمة الاستبدادية، أما أن يتم النيل من العقيدة والتطاول على الدين كل يوم ممن يضعهم السيسى على رأس الأوقاف والشئون الإسلامية فهذا يعنى أن هناك مخططا منظما لهدم ثوابت الإسلام فى مصر".

ولعل هذا يفسر سياساته خلال السنوات الماضية فهو دائم الاتهام للإسلام بالتسبب في العنف والتطرف والإرهاب والعمل على تركيع رموزه ومؤسساته الدينية في الوقت الذي يبدي فيه توددا ملحوظا للكنيسة ورموزها ويعمل باستمرار على استرضائها، ويكون أكثر خنوعا وتوددا لكل ما هو يهودي، وهو ما يبدو بوضوح شديد خلال لقاءاته التي جمعته بوفود يهودية خلال السنوات الماضية.

يرى السفاح السيسي صراحة أن الإسلام دين الإرهاب، ويقول "أنا مسلم ولكن الإسلام هو دين الإرهاب والتطرف ويجب مواجهته"، وفي العديد من الخطابات الأخرى كان في كل مرة يؤكد أن الإسلام هو من جلب التطرف وأن الإرهابيون جميعهم مسلمون!
وفي كلمة له بمناسبة المولد النبوي الشريف يقول: إنه "ليس معقولا أن يكون الفكر الذي نقدسه على مئات السنين يدفع الأمة بكاملها للقلق والخطر والقتل والتدمير في الدنيا كلها..لا يمكن أن يَقتل 1.6 مليار مسلم الدنيا كلَّها التي يعيش فيها سبعة مليارات حتى يتمكنوا هم من العيش".

واستنكر مراقبون تصريحات السفاح السيسي عن الإسلام، وطالبوه بمراجعة عقيدته وبيان ملته بصراحة للناس، ورأوا أن صدور تلك التصريحات من من رئيس دولة مسلمة -حتى ولو جاء بانقلاب- بمثابة كارثة كبرى، لا سيما وأنه اعتبر أن المسلمين مصدر الشرور والقلاقل في العالم، كما طالبت علماء الأزهر ببيان موقفهم منها.
ورأوا أنه من غير المقبول أن يَتهم السفاح السيسي المسلمين في أرجاء المعمورة بالإرهاب "فهذا كلام لا يقول به إلا جاهل بالمسلمين ودينهم وتاريخهم وحضارتهم التي وسعت البشرية جميعا حين حكمت".

كما استطاع السفاح السيسي تجنيد مشيخة الأزهر ووزارة الأوقاف ودار الإفتاء إلى تبني ما سمتها "دعوة السيسي لتجديد الخطاب الديني"، إذ أكدت هذه المؤسسات أن الخطاب الديني تكتنفه معضلات كبرى هي الجمود والانفلات والتسيب، ومحاولة السطو على الثوابت والخوف من التجديد أو التردد فيه.
وانتقد وزير الأوقاف في حكومة الانقلاب مختار جمعة من يعتبر دعوة التجديد كفرًا أو ارتدادًا أو مروقًا من الدين، أو أن مجرد التفكير في التجديد خروج على الثوابت وهدم لها، وزعم "جمعة" أن الإنسان لا يخرج من الإسلام إلا إذا جحد ما أدخله فيه وهو النطق بالشهادتين.