عرقلت خيانة الطاغية عبدالفتاح السيسي، زعيم الانقلاب العسكري الدموي، لبرلين بوضعه جاسوسا داخل مكتب المستشارة الالمانية إنجيلا ميركل، وجرائمه وجرائم ابنه محمود بتعذيب الباحث الايطالي جوليو ريجيني، زيارته إلى كل من ألمانيا وإيطاليا كواحدتين من أكبر العواصم الأوروبية التي لطالما دعمته وأغدق هو عليها من جيب المصريين صفقات سلاح آخرها صفقة مقدرة بنحو 11 مليار يورو؛ حاول بها شراء صمت إيطاليا على مقتل مواطنهم تحت التعذيب.
فجولة السيسي الجديدة إلى أوروبا ستشمل بلجيكا وفرنسا، وقبل نحو أسبوعين زار السيسي اليونان وهو ما أثار علامات استفهام عن تأثير الملفين "الجاسوس" و"ريجيني" في جولات السيسي.
نائب المانيا
وقبل أسبوعين، أعلن النائب العام الألماني أنه وجه اتهامات بالتجسس ضد مواطن مصري ألماني كان يعمل في المكتب الصحفي للحكومة وجمع معلومات لمخابرات السيسي. وقال النائب العام الألماني، إن الرجل الذي يُعرف باسم "أمين ك" فقط بموجب قوانين الخصوصية الألمانية، كان يعمل في المكتب الصحفي منذ عام 1999، وتم التعاقد معه من قبل سفارة الانقلاب في برلين في عام 2010 "على أبعد تقدير".
وذكر بيان صادر عن النائب العام "الإثنين" أن الرجل تلقى تعليمات بمساعدة جهاز المخابرات العامة في مصر بشأن تقييم كيفية تصوير نظام الانقلاب في وسائل الإعلام الألمانية. وقال الادعاء في بيان: "لقد استخدم هذا المنصب من يوليو 2010 على الأقل لدعم موظفي جهاز المخابرات العامة المصري في الحصول على المعلومات". وبدأ التحقيق منذ يوليو الماضي عندما كشف تقرير حكومي أن الشرطة الألمانية نفذت "إجراءات تنفيذية" ضد مصري في ديسمبر الماضي بعد أن تبين أنه "عمل لسنوات في جهاز استخبارات مصري".
وولد "أمين ك" في مصر، وهو متهم باستخدام مهاراته اللغوية والموارد المتاحة له في المركز الإعلامي لمسح وتجميع التقارير عن وسائل الإعلام الألمانية، وخاصة حول السياسة الداخلية والخارجية. وشارك الجاسوس في محاولة فاشلة في نهاية المطاف لتجنيد مصدر لنظام المعلومات الجغرافية في 2014 و2015 من خلال تزويد موظفي الخدمة السرية بالاتصال. وتلقى "أمين" معاملة تفضيلية من سلطات الانقلاب له ولأسرته، بما في ذلك المساعدة في معاش والدته، كما تمت دعوته إلى حفلات الاستقبال الرسمية، مثل وداع سفير الانقلاب آنذاك لدى ألمانيا في عام 2019م.
إيطاليا ترفض
وفي محاولة لتشويه الموقف الايطالي الذي طالب بمحاكمة 5 ضباط على أثر اتهامهم بقتل الباحث الايطالي جوليو ريجيني، أعلن نائب عام الانقلاب أنه تمت حفظ قضية ريجيني بعد أن تستروا على قتلته وقتلوا عوضا عنهم 5 مصريين دون جريرة واتهموهم ظلما بقتله.
البيان ــ بحسب مراقبين ــ كشف عن أزمة كبيرة بين إيطاليا ونظام السيسي ستتفاعل خلال المحاكمة الغيابية المرتقبة لقتلة ريجيني. وقالت منظمات حقوقية، إن بيان نيابة السيسي تهدف إلى طمس الحقائق الظاهرة، وتعزيز فرص إفلات الجناة من العقاب، مؤكدة أن بيان النيابة يأتي ضمن السياق العام الذي يتبناه النظام المصري في كل ما يتعلق بالقضايا المتعلقة بانتهاكاته الجسيمة لحقوق الإنسان.
أما الصحف الإيطالية فأوضحت أن التحقيقات الأخيرة باختفاء ومقتل الطالب الإيطالي ريجيني كشفت عن علم الحكومة المصرية وتورطها بالعملية، إضافة إلى أن وزير الداخلية آنذاك مجدي عبد الغفار كذب عندما نفى علمه بما حدث. وقال عضو لجنة التحقيق البرلمانية الايطالية، إن "القتل لم يكن عملاً فردياً" في إشارة إلى دور "الحكومة" التي تتبع السيسي.
النيابة العامة في روما باتت الآن جزءا من الملف الذي حاول السيسي قصره بضغوط دولية على العلاقة بينه وبين رئيس الحكومة الايطالية جوزيبي بونتو. ودخول النيابة في إيطاليا يعني ــ بحسب مراقبين ـ أنها قررت فضحه رغم صفقات المليارات التي منحها لهم.