72 مليون مصرى تحت خط الفقر.. حقائق تعصف بأرقام الانقلاب حول النمو الوهمي

- ‎فيتقارير
رغم تزايد أعداد الفقراء ومن يعيشون تحت خط الفقر فى مصر إلى أكثر من 60 % من إجمالى السكان وفق بيانات البنك الدولى، وتسببت جائحة فيروس كورونا المستجد في سقوط نحو 12 مليونا آخرين في براثن الفقر؛ ليصل إجمالى من يعيشون تحت هذا الخط إلى أكثر من 72 مليون مصري. لكن مصطفى مدبولي، رئيس وزراء الانقلاب، خرج على المصريين ليزعم أن المجهود الذي بذلته دولة العسكر في تقديم الدعم أدى إلى تراجع معدلات الفقر، مدعيا أنه لولا هذه الجهود لزادت نسبة الفقر بنحو 10 نقاط وفق تعبيره!
كما زعم رئيس وزراء الانقلاب فى تصريحات صحفية، أن الزيادة السكانية هي التحدي الأكبر لعشر سنوات مقبلة على الأقل من أجل خفض معدلات الفقر بشكل أكبر في الفترة المقبلة. زاعما أن الدعم المباشر الذى قدمته دولة العسكر وفر على الأسر الإنفاق بشكل كبير على الصحة والسلع الغذائية وغيرها من القطاعات. على حد تعبيره.
يشار إلى أن معدلات الفقر في مصر ارتفعت بشكل غير مسبوق خلال السنوات الأخيرة، رغم ما تروجه حكومة الانقلاب من تحسن أرقام النمو، ووسط ذلك تبرز مخاوف من ثورة الفقراء أو انفجار شعبى يأكل الأخضر واليابس.
أرقام مفبركة
من جانبها زعمت الدكتورة هبة الليثي، مستشارة الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أن ثلث المصريين فقط فقراء لا يستطيعون توفير احتياجاتهم الأساسية كالطعام والشراب والأدوية، مدعية أنه وفق بيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، ارتفع معدل الفقر إلى 32.5%، وهي النسبة الأعلى منذ عام 2000م. وقالت هبة الليثي فى تصريحات صحفية، إن الفقراء يتركزون في محافظات الصعيد؛ حيث يشكلون 40% من إجمالي الفقراء، مضيفة أن معدلات الفقر ارتفعت في الحضر بشكل أكبر بنسبة 11.6% وفي الريف 4.7%، في حين انخفض معدل الفقر في ريف الصعيد إلى 52% في عام 2017 مقابل 56.7% عام 2015م! وهي تصريحات تناقض الواقع وتزعم أن نسبة الفقر تراجعت بعد التعويم الذي تسبب في ارتفاع جنوني في أسعار جميع السلع والخدمات؛ وهو ما يكشف أن هذه الأرقام "مفبركة" لتجميل صورة ما يسمى ببرنامج الإصلاح الاقتصادي الذي يتبناه نظام الطاغية عبدالفتاح السيسي.
ولفتت إلى أن أسيوط هي أكبر محافظة بها فقراء بنسبة 66%، مشيرة إلى أن 236 قرية من محافظة سوهاج تدخل ضمن أفقر ألف قرية في مصر، أي أن 87% من قرى المحافظة تدخل تحت خط الفقر. وكشفت هبة الليثي أن هناك أسبابا عدة لارتفاع معدلات الفقر، منها انعدام الشفافية والمساءلة والتفاوت الكبير في مستويات المعيشة بين المناطق المختلفة، وتراجع الاستهلاك الحقيقي، وانخفاض الإنفاق العام على التعليم والصحة، وارتفاع تكلفة المعيشة، مع عدم القدرة على خلق فرص عمل، فضلا عن انخفاض المساعدات النقدية. واعترفت بأن الفترة بين عامي 2015 و2018 شهدت زيادة كبيرة في ارتفاع أسعار السلع والخدمات بسبب تحرير سعر صرف العملة في حين ظلت الدخول ثابتة ولا تتناسب مع الأسعار. وأكدت أن ارتفاع معدلات النمو شرط ضروري لخفض الفقر لكنه ليس كافيا، لافتة إلى أهمية عدم تحقيق التنمية على حساب استنزاف الموارد وانتهاك حقوق الأجيال القادمة.
روشتة علاج
فى المقابل، حذر الدكتور أحمد ذكر الله، أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، من أن أرقام الفقراء والمهمشين تمثل خطورة كبيرة على المجتمع المصري، وأخلاقياته وتماسكه. وقال ذكر الله في تصريحات صحفية، إن خط الفقر تقدير للدلالة على الدخل الذي يكفي الإنسان للحصول على مقدار من السعرات الحرارية، يحافظ على كفاءة أجهزة جسمه وأعضائه الحيوية. مشيرا إلى أنه على هذا الأساس، هناك 60 مليون مصري -طبقا لتقدير البنك الدولي- ليس لديهم من الدخل ما يكفي للحصول على غذاء يحفظ أجسامهم بكفاءة وحيوية؛ وهم عرضة لأمراض نقص الغذاء، وعلى رأسها مرض التقزم الناتج عن سوء التغذية.
وأوضح أن معالجة مشكلة الفقر، تتطلب أن تتحول مصر لدولة إنتاجية تصديرية حتى تستطيع المنافسة في الأسواق الدولية، مشددا على ضرورة أن تعمل حكومة الانقلاب على إعادة تشغيل المصانع المتعثرة، والتوقف عن إهدار أموال الدولة فيما يسمى المشروعات القومية غير ذات الجدوى الاقتصادية. وأشار ذكرالله إلى ضرورة زيادة البرامج الاجتماعية التي تعالج الآثار السلبية لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المزعوم لدعم الفقراء ومساندة محدودي الدخل.
قنابل موقوتة
وقالت الدكتورة عالية المهدي، العميدة السابقة لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن دولة العسكر تواجه مشكلة اقتصادية تتمثل في عجز الموازنة العامة، وعجز ميزان المدفوعات، وتراجع سعر صرف العملة، مشيرة إلى أن تلك المشكلة دفعت حكومة الانقلاب لاتخاذ حزمة إجراءات أدت إلى ارتفاع الأسعار، منها تحرير سعر الصرف وسعر الفائدة ورفع الدعم على الوقود والكهرباء. وأكدت د.المهدي فى تصريحات صحفية، أن إجراءات الانقلاب كان مفترضا أن تعمل على خفض التضخم، لكن ما حدث هو قفز التضخم إلى معدلات مرتفعة، مبدية استغرابها من الأرقام المعلنة عن انخفاض نسب البطالة، في الوقت الذي تنكمش فيه قوة العمل ولا ترتفع فيه أعداد المشتغلين.
وأشارت إلى أن دولة العسكر تزعم أنها تعمل على خفض نسب الفقر من خلال التوسع في الإسكان الاجتماعي، وترشيد البطاقات التموينية، ودعم الأسر الفقيرة، لكن هذه البرامج تستهدف 2 مليون أسرة من نحو 30 مليون أسرة فقيرة. وحذرت المهدي من ارتفاع نسب الفقر في المحافظات الحضارية مثل القاهرة والوجه البحري، موضحة أن الغضب يرتفع في مثل هذه المناطق؛ ومن ثم تقوم فيها الثورات؛ لأنها أكثر تعليما، واصفة إياها بالقنابل الموقوتة.
واقترحت خطة اقتصادية لمواجهة ارتفاع الفقر، ومنها تشجيع الاستثمار، وأن تكون هناك سياسات لتنفيذ مشروعات في القطاعات التعليمية والزراعية والصناعية، والاهتمام بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة وتطوير التعليم، بحيث يكون مجانيا بشكل كامل، ووضع منظومة للتأمين الصحي، موضحة أن التعليم والصحة يستنزفان من ميزانية الأسرة الكثير.
جاء ذلك خلال جولة وزير الانقلاب بمحافظة الدقهلية للاطلاع على تجربة الرى بالتنقيط لأحد الفلاحين، وتناسى الوزير شكاوى الفلاحين من نقص المياه وغلاء أسعار الوقود والأسمدة والتقاوي مقابل رخص أسعار المحاصيل وقت حصادها بسبب سياسات السيسي بفتح الاستيراد من الخارج، دون مراعاة للفلاحين والمزارعين.
تلك التصريحات وغيرها تنم عن فاشية النظام الذي يريد من الشعب أن يعيش في أوهام بعيدا عن الواقع وأن يصدق أكاذيب الآلة الحكومية والإعلامية للنظام بعيدا عن معاناته وأوجاعه التي باتت تحاصره كل يوم بالغلاء الفاحش والإتاوات الباهظة، وسط ترهيب الشعب بعصا الأمن الغليظة.