“جمهورية الضباط” تدرس طرح 5 شركات على طريقة “بص العصفورة “

- ‎فيتقارير

تدرس حكومة الانقلاب في مصر بيع أسهم في ثلاث شركات أخرى مملوكة للجيش في عام 2021، وذلك حسبما أفادت وكالة بلومبرج في تقرير نشرته مؤخرا، وقالت الوكالة إن الخطوة المحتملة تمثل انفتاحا تاريخيا لجزء من الاقتصاد أمام الاستثمار الخاص المطلوب بشدة.
والشركات الثلاثة الجديدة تابعة للقوات المسلحة وعرضها للخصخصة خلال 2021، جزء من توصيات صندوق النقد الدولي لتضاف إلى شركتي الوطنية لتعبئة المياه الطبيعية (صافي) والوطنية للخدمات البترولية، اللتين أعلن الأسبوع الماضي عن طرحهما أمام القطاع الخاص في الربع الأول من العام، بحسب "بلومبرج".
ووقع "الصندوق السيادي" و"جهاز مشروعات الخدمة الوطنية" في فبراير الماضي اتفاقية تهدف إلى الاستعانة بخبرات كوادر الصندوق في تهيئة بعض الأصول التابعة للجهاز لجذب الاستثمارات من القطاع الخاص محليا ودوليا وتوسيع قاعدة ملكيتها، وذلك بعد أن أكد رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي، في أكثر من مناسبة أن هناك نية لطرح شركات القوات المسلحة بالبورصة المصرية.
وعلق المدير التنفيذي للصندوق، أيمن سليمان لـ"بلومبرج" قائلا إن الصندوق يستهدف الاستحواذ على حصة أقلية تتراوح بين 20-30% من الشركتين وعرض الباقي على المستثمرين. وأضاف أن "مؤشرات قليلة للغاية حتى الآن حول حجم الحصص المعروضة والجدول الزمني للطرح، وتلعب المجموعة المالية هيرميس دور المستشار المالي في طرح شركتي صافي والوطنية".
وقال سليمان في تصريح قبل أشهر، إن الصندوق يجري تقييما لـ 10 شركات مملوكة لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية؛ تمهيدا لطرحها على المستثمرين المحليين والأجانب. ولم يفصح سليمان حينها عن هوية الشركات العشرة، ولا يزال مصير بقيتها غير واضح حتى الآن.
ويتوقع صندوق مصر السيادي أيضا استكمال عملية الاستحواذ على حصة تبلغ 76% من بنك الاستثمار العربي بالاشتراك مع المجموعة المالية هيرميس في يناير 2021، حسبما صرح أيمن سليمان لقناة العربية. ويعتزم الصندوق السيادي الاستحواذ على حصة تبلغ 25% في البنك من خلال صندوقه الفرعي للخدمات المالية الذي أسسه حديثا بقيمة 30 مليار جنيه، بينما من المنتظر أن تستحوذ هيرميس على نسبة 51% المتبقية.
تجربة بالغة السواد
واعتبر الكاتب الأردني سمير حجاوي، أن تجربة اقتصاد الجيش بالغة السوء وهو ينصح الأردن وملكها أن "الصناعة الوحيدة التي تهم الجيش، هي صناعة الأسلحة وما يتعلق بها، وما يتعلق بالجند ومسلتزماتهم". وأنه "ليس من شأن الجيش أن يعمل في غير تخصصه، وأن يذهب إلى المقاولات أو المياه أو غيرها من الصناعات المدنية؛ لأن هذا الأمر يضر بالاقتصاد أولا ويضر بالبيئة الاقتصادية ثانيا، ويضر برجال الأعمال ومجال الأعمال كله ثالثا؛ لأن الجيش يتحول إلى منافس كما يحدث في مصر". وقال إن التجربة المصرية فاشلة، وأدت إلى تدهور الاقتصاد المصري كله، وأصبح أكثر من 68% من الاقتصاد المصري بيد الجيش، بما يعني أن الشعب يعمل عند العسكر، وهذا أمر يقود إلى انهيار الدول وتعزيز الفساد. وأشار إلى أنه "يجب أن تكون للجيش مؤسساته الخاصة التي تخدم أفراده فقط ولا يتدخل في منافسة مع التجار ورجال الأعمال.. فتجربة مصر بالغة السواد والأجدى أن نعتبر منها لا أن ننقلها".
حماية المصالح
وفي تصريح له في ديسمبر 2019، قال يزيد صايغ، كبير باحثي كارينجي، إن "العسكر يضعون السياسات الاقتصادية بمصر لحماية مصالحهم". وأضاف أن المؤسسة العسكرية في مصر ستصبح قريبا طرفا في صناعة السياسة الاقتصادية وسياسات ضريبية وجمركية، بهدف حماية مصالحها الخاصة.
وأفاد أن الاقتصاد العسكري المصري الرسمي مر بتحول كبير وجذري من حيث حجمه ونطاق عمله منذ 2013، وهو الذي كان متواضع الحجم الإجمالي لسنوات عديدة، مؤكدا أن القطاع الخاص في مصر كان المسؤول عن الناتج الإجمالي المحلي حتى عام 2013، كما كانت الشركات الخاصة مستحوذة على قطاعات رئيسية منها قطاعات الإنشاءات أو السياحة.
ونفى "صايغ" الاعتقاد السائد بوجود إمبراطورية اقتصادية يملكها الجيش المصري قبل عام 2011 بالتحديد، مبينا أن الاقتصاد المصري شهد نقلة في 2013، عندما أسندت حصة كبيرة تصل إلى حوالي الربع من إجمالي الأشغال العامة والبنية التحتية والإسكان التي كانت تمولها الحكومة المصرية إلى الهيئات العسكرية المتنوعة الخاضعة لوزارة الدفاع أو وزارة الإنتاج الحربي وغيرها.
وعن نماذج الفشل كتب النائب أشرف بدر الدين، ببرلمان الثورة: "الجيش المصري أقام أكبر مصنع أسمنت في العالم؛ فكانت النتيجة زيادة في المعروض من الأسمنت في السوق واندلاع حرب أسعار، وإغلاق 3 شركات فعليا هي الوطنية للأسمنت وأسمنت طره وأسمنت النهضة، ويتوقع المصنعون إغلاق 6 شركات أخرى بحلول العام المقبل".

الأسباب الحقيقية للطرح
وبحسب الباحث في الاقتصاد السياسي والتنمية والعلاقات الدولية، مصطفى يوسف، فإن قرار القوات المسلحة طرح شركتي الوطنية لتعبئة المياه الطبيعية والزيوت، والوطنية للبترول، يرجع إلى حاجة السلطة إلى سيولة بسبب حجم المشروعات الكبيرة التي تستنزف أموال الدولة دون عوائد حقيقية. علاوة على الانصياع إلى توصيات صندوق النقد الدولي، الذي يعد أحد أهم المقرضين لمصر، بطرح شركات عامة مملوكة للقطاع العام، وأخرى مملوكة لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية التابع لوزارة الدفاع..
وتكتنف عملية الطرح العديد من العقبات، إذ إن طرح أي شركة في البورصة يقتضي تحقيق مبدأ من مبادئ المحاسبة يسمى الإفصاح، وموازنة الجيش لا يوجد بها إفصاح، كما أن هناك عقبات أخرى تتعلق بالإدارة وانتخاب مجالس الإدارة وغيرها.
كما يرى الخبير الاقتصادي د. مصطفى شاهين، في تصريحات صحفية، أن الجيش سيستمر في التمسك بحصة حاكمة في أي شركة سيطرحها، لتحصيل وامتصاص مزيد من الأموال من القطاع الخاص، لتشغيل استثماراته الكبيرة، وأيضا لن يطرح الجيش شركات ذات قيمة اقتصادية كبيرة تحتكر صناعات كبيرة، إذ إن مثل تلك الشركات الاحتكارية تحقق له المزيد من المكاسب لا يريد التضخية بها. ومن ثم فإن طرح شركات للجيش بالبورصة يأتي لاسترضاء صندوق النقد الدولي، وامتصاص سيولة من القطاع الخاص والمستثمرين.