ثلاثة سيناريوهات.. دلالات طرح الجيش لشركاته في البورصة

- ‎فيتقارير

كشفت مصادر بالبورصة المصرية،عن طرح سلطة الانقلاب العسكرى شركتين من شركات الجيش في البورصة، ليحدث الأمر ضجة ومزيجا من الأحاديث حول أسباب الطرح، وهل له علاقة بقرض مالى جديد من النقد الدولى، أم محاولة لإنقاذ خسائر كورونا، أم شراكة وهيمنة جديدة لاقتصاد العسكر فى السوق المصرى، أم دعم مالى للصندوق السيادى؟
وقبل سنة، دعا عبد الفتاح السيسي، رئيس الانقلاب العسكري، خلال افتتاحه أحد المشروعات، إلى طرح الشركات المملوكة للقوات المسلحة المصرية في البورصة حتى يمكن للمواطنين شراء أسهم بها. وقال السيسي أنذاك إن الطروحات التي تجهزها الدولة لطرحها في البورصة لابد أن تكون هناك فرصة منها لشركات القوات المسلحة.
ويبدو أن تصريحات المنقلب التمهيدية كانت تهدف إلى نفي مزاحمة الجيش للشركات الخاصة وممارسة نفوذ غير متناسب على الاقتصاد. وكان السيسي قد صرح العام الماضي أن اقتصاد القوات المسلحة لا يتجاوز 2% أو 3% من الناتج المحلي لمصر البالغ 4.3 تريليون جنيه، وذلك ردا على تقارير تؤكد أن اقتصاد القوات المسلحة يقدر بنحو 50% من حجم الاقتصاد، وفقا لموقع "الأهرام أونلاين".
وقام الجيش خلال السنوات الأخيرة بتوسيع أنشطته الاقتصادية والتي تتضمن حاليا توفير السلع الغذائية وتنفيذ مشروعات في قطاع التشييد والبناء، ما أثار التكهنات حول حجم الاقتصاد الذي يخضع لسيطرته. وكانت وكالة "رويترز" قد نشرت تقريرا خاصا العام الماضي حول اقتصاد الجيش، ومنذ ذلك الحين يدعو صندوق النقد الدولي إلى ضرورة تقليص دور الدولة في الاقتصاد. وقتها أثارت هذه الخطوة حالة من القلق لدى لدى قطاعات مالية واسعة، بينما بررها البعض أنها نوع من التفاؤل في أسواق المال المصرية والقطاع الاقتصادي، وإن كان هناك قلق حول اتمامها واستيفاء المعايير المطلوبة لطرح هذه الشركات في البورصة والتي قد تستغرق وقتا طويلا.
ترويج لـ"السيادي"
وفي تحد واضح للانتقادات الموجهة إلى المشروعات التي تنفذها المؤسسة العسكرية، أكد السيسي أن الدولة ستواصل العمل في المشروعات التي تهدف إلى تعزيز النمو الاقتصادي. وتابع: "هنشتغل.. وهنفتتح كل مشاريعنا على طول .. طيب واللي هيزعل!.. يتفلق". وأضاف الجنرال الانقلابي في نبرة استعلاء أن الصندوق السيادي سيكون حجمه ضخم جدا، وليس من فراغ، وإنما من قدرات حقيقية لإمكانيات الدولة وأصولها، وقد يصل الرقم إلى تريليونات.
وكان مصطفى مدبولي رئيس حكومة الانقلاب، قد أشار إلى أن الحكومة تستهدف إبرام شراكات مع صناديق ثروة سيادية أخرى في المستقبل القريب، وأنها تعمل على خلق آليات جديدة لتحفيز مشاركة القطاع الخاص في التنمية، وستعمل على إقامة شراكات جديدة مع القطاع الخاص المحلي والأجنبي، والتعاون كذلك مع مختلف الصناديق السيادية الدولية وصناديق الاستثمار المباشر، وفق بيان لمجلس الوزراء.
وبحسب تصريحات مسئولين حكوميين فإن حكومة الانقلاب سوف تجتمع الأسبوع الجاري لبحث ضم أصول جديدة إلى الصندوق السيادي وزيادة رأسماله بناء على توجيهات من السيسي، وفقا لجريدة المال. ومن المقرر أيضا ضم أصول بقيمة 50 مليار جنيه للصندوق السيادي، من بينها أرض المعارض وأرض السرايا بالإسكندرية وأرض مملوكة لمكتبة الإسكندرية في 6 أكتوبر والقرية الكونية. وأشارت وزيرة التخطيط إلى أنه من المخطط الانتهاء من استراتيجية عمل الصندوق وهيكله التنظيمي خلال شهرين.
"أبوظبي" تدخل على الخط
فى سياق متصل، نقلت وكالة "بلومبرج" عن مصادر أن شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) من بين مقدمي عروض شراء أكبر حصة في واحدة من أولى الشركات المصرية التي يملكها الجيش ويطرحها على المستثمرين. وقالت المصادر إنه بموجب العرض، ستشارك "أدنوك" صندوق مصر السيادي، مما يمنح الطرفين الملكية الكاملة لشركة الوطنية للبترول، وهي شركة توزيع وقود تابعة للجيش المصري. كما أعربت شركة طاقة عربية، وهي شركة مصرية خاصة، عن اهتمامها بالحصة الأكبر والشراكة مع الصندوق، وفقا لما ذكرته مصادر طلبت عدم الكشف عن هويتها.
وتقول بلومبرج إن الرغبة في شراء الوطنية قد تكون نقطة انطلاق لاهتمام القطاع الخاص بجزء من اقتصاد الجيش الذي قال السيسي إنه يمكن أن يكون أكثر انفتاحا على الجمهور. وتمتلك الوطنية أكثر من 200 محطة وقود، وهي واحدة من شركتين يسيطر عليهما الجيش، أعلنتهما مصر هذا الشهر للبيع عنهما. وتخطط مصر لعرض حصص تصل إلى 100٪ لنحو 10 شركات يمتلكها جهاز مشروعات الخدمة الوطنية، التابع لوزارة الدفاع.

المنقلب سبق وأن اعتبر أن تدخل الجيش بشركاته في القطاع المدني "ضرورة لسد حاجات استراتيجية أو لتخفيض الأسعار"، وكرر دعوته للقطاع الخاص للمشاركة في هذه الشركات (التي تتبع القوات المسلحة) وغيرها. الأمر الذى دفع الخبير الاقتصادي مصباح قطب، للحديث عن الأمر بالقول: "إن مصر تحتاج الكثير؛ لذا فإن إنجاز الطرح قد يأتي في صالح الاقتصاد والبورصة"، موضحا أن القطاع العام كله لو دخل البورصة "فلن يكون كافيا للبلاد في السنوات العشرة المقبلة".
وحول القلق حول إتمام الخطوة بالفعل، أوضح مصباح أن الحكومة المصرية "سبق وأعلنت أنها ستطرح نسبا من 24 شركة مملوكة للقطاع العام في البورصة، بقصد تنشيط الاستثمار بشكل عام، لكنها لم تفعل بعد مرور أربع سنوات وأكثر، واكتفت بطرح أربعة في المائة من الشركة الشرقية للدخان".
غموض وسرية تامة
وتشهد الشركات التابعة للجيش غموضا ولا تخضع لمعايير الشفافية والحوكمة، وهي محددات أساسية للإدراج في البورصة، وأن طرح ولو نسب صغيرة من هذه الشركات يعني مزيدا من الشفافية في الإفصاح عن موقف هذه الشركات. ويزداد الغموض فى كون أن تلك "أى شركات الجيش" بأنواعها وما تملكه من أصول أو ما تحققه من أرباح ومن أين يأتي التمويل أو أين تذهب الأرباح، قضايا تحتاج إلي شفافية للحد من هذا الجدل "الذي سيظل دائرا"، وهو ما قد تحققة بشكل ما الطروحات المنتظره في البورصة.
رضوخ للنقد الدولى
وبحسب خبراء اقتصاديون كذلك، فإن طرح الجيش لشركاته قد يكون طعماً جديداً لنيل قرض نقد جديد ،بعد قرضين متتالين. وسبق وأن نصح صندوق النقد الدولي من قبل بإفساح المجال للقطاع الخاص في مصر، وقال في أحد تقاريره، إنه يأمل بتعجيل إطلاق إمكانات الاقتصاد، ما يجعل القطاع الخاص قاطرة للنمو. وأشار الصندوق في تقرير صادر على موقعه حول اكتمال برنامج الإصلاح الاقتصادي في مصر، إلى أن "مصر تحتاج إلى 700 ألف وظيفة سنويا علي الأقل لاستيعاب العدد المتزايد من السكان، ولن يأتي ذلك إلا من خلال القطاع الخاص".
تبريرات واهية
بينما برر محمد رضا محلل مالي الأمر بعدة فوائد: وبحسب مزاعمه أنها بمثابة تجديد لثقة الدولة في البورصة المصرية، وعلى دورها الرئيسى بأنها السوق التمويلي الأهم لدعم الاقتصاد المصري. وتسهم في توفير قاعدة تمويلية حقيقية للشركات المملوكة للدولة سواء التابعة للحكومة أو للقوات المسلحة المصرية تقوم على مبدأ المشاركة الاستثمارية. إضافة إلى السماح للقطاع الخاص المحلي والأجنبى فى تمويل التوسعات وعمليات إعادة الهيكلة للقطاع العام وفقاً لمبدأ الاستثمار وليس الاستدانة. وإتاحة المشاركة المجتمعية الواسعة من أفراد الشعب المصري فى الاستثمار في شركات دولته والمشاركة في القرار الاستثمارى، مما يتيح للدولة المصرية آفاق تمويلية مستقبلية بناء على ثقة الشعب في مؤسساته بمشاركة المواطنين فى تمويل مشروعاته القومية والوطنية من خلال البورصة المصرية. وأن انضمام شركات تابعة للقوات المسلحة المصرية لبرنامج الطروحات الحكومية فى البورصة، رسالة وتجديد التزام الدولة بتنفيذ برنامج الطروحات الحكومية والذى شهد العديد من التأجيلات وتأخر الحكومة فى اتخاذ إجراءات تنفيذية حقيقية لتنفيذه، مما سيعيد اهتمام الاستثمار المحلى والأجنبى بالمشاركة بهذا البرنامج ويخلق نجاحا لتحقيق أهدافه الرئيسية.