بقيود وعقوبات جديدة.. السيسي يواصل الحرب على الصحافة والصحفيين 

- ‎فيتقارير

يواصل نظام الانقلاب العسكري بقيادة عبدالفتاح السيسي حربه ضد الصحفيين والعاملين في مجال الإعلام لمنعهم من توعية الرأي العام ونقل الحقائق التي يعمل السيسي على الحيلولة دون انكشافها حتى لا يفتضح فساده وجرائمه التي يتركبها ضد المصريين منذ انقلابه على أول رئيس مدنى منتخب في 3 يوليو 2013.
القوانين والقرارات التي تصدر عن حكومة الانقلاب جعلت من مهنة الصحافة جريمة يحاكم عليها في ظل الانتهاكات التي لا تتوقف لحقوق الإنسان وحرية التعبير عن الرأي.  
كان مجلس وزارء الانقلاب وافق خلال اجتماعه، الأربعاء الماضي، على إضافة مادة جديدة إلى قانون العقوبات، تنص على الحبس والغرامة في حال تصوير أو تسجيل أو بث أو نشر وقائع الجلسات أثناء الدعاوى الجنائية بدون تصريح من رئيسها، وذلك بزعم حماية المتهمين من التصوير إعلاميا لحين صدور حكم بات في القضايا التي يحاكمون فيها.
وتنص التعديلات على أن “يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه، ولا تزيد على مائتي ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من صور أو سجل أو بث أو نشر أو عرض، كلمات أو صورا لوقائع جلسة مُخصصة لنظر دعوى جنائية أثناء انعقادها بأي وسيلة كانت؛ بدون تصريح من رئيسها.
واشترطت التعديلات الجديدة الحصول على موافقة النيابة العامة، والمتهم، والمدعي بالحق المدني، او ممثلي أي منهما، ويحكم بمصادرة الأجهزة أو غيرها مما يكون قد استخدم في الجريمة، او ما نتج عنها، أو محوه، أو إعدامه بحسب الأحوال”.
وزعم مجلس وزراء الانقلاب أن الهدف من ذلك، منع تصوير المتهمين إعلاميا لحين صدور حكم بات فى القضايا التى يحاكمون بها حماية لهم؛ لأن الأصل فى الإنسان البراءة، وادعى أن هذا الأصل يتمتع به كل متهم حتى يصدر ضده حكم بات على نحو يجعل له الحق فى ألا تلتقط له صورة في وضع يجعله محل ازدراء الآخرين أو شكوكهم، متجاهلا ما يحدث مع المعتقلين السياسيين الذين تلفق لهم الاتهامات وتلتقط لهم الصور وتسجل لهم فيديوهات بمعرفة داخلية الانقلاب ومليشيات أمن السيسي. التعديلات الجديدة أثارت استياء الصحفيين، معتبرين أنها تمثل حصارا وقيودا على المهنة، وتخالف النصوص الدستورية، مطالبين بالتراجع عنها . 

سجون العسكر

من جانبها قالت مؤسسة “سكاي لاين” الدولية إن هذا التوجه يتعارض مع مواد الدستور المصري الذي يجيز حرية العمل الصحفي من دون قيود إلا فيما يتعلق بالأماكن والمنشآت التي تحتاج إلى تصريح خاص، محذرة من أنه لا يمكن القبول أبدا بأن تؤدي الصورة الصحفية بصاحبها إلى الحبس لمدة عام أو الغرامة المالية.
واضافت المؤسسة –ومقرها ستوكهولم- في بيان لها أن نحو 29 صحفيا يقبعون في سجون العسكر؛ بينما يرتفع العدد لما يقرب من 80 صحفيا وإعلاميا في تقديرات حقوقية تحصي جميع العاملين في مجال الصحافة والإعلام من النقابيين وغير النقابيين. ودعت إلى ضغط دولي على سلطات العسكر من أجل وقف ممارسات قمع الحريات العامة والتضييق على حرية الرأي والتعبير، وضرورة إلزام السيسي باحترام مواثيق حقوق الإنسان الدولية التي تحظر تقييد الحريات العامة وحرية العمل الإعلامي.

قمع المصورين

وانتقدت “شعبة المصورين الصحفيين” و”لجنة الحريات بنقابة الصحفيين” التعديلات الانقلابية الرامية إلى حصار الصحافة وخنق الصحفيين. وأعربت الشعبة، في بيان لها، عن صدمتهما البالغة إزاء تعديل حكومة الانقلاب قانون العقوبات بما يسمح بالحبس والغرامة للصحفيين في حالة تصوير أو إذاعة جلسات المحاكم بدون إذن.
وأكدت أن هذا التعديل غير مفهوم ولا مقبول، ويمثل صدمة في الوسط الصحفي وبين المصورين على وجه الخصوص بما حمله من عقوبة قاسية، فالجميع يعلم أن القانون يجيز التصوير والعمل الصحفي دون قيود إلا فيما يتعلق بالأماكن والمنشآت التي تحتاج إلى تصريح خاص قبل التصوير.
وقال البيان: “لا يمكن القبول أبدا بأن تؤدي الصورة الصحفية بصاحبها إلى الحبس لمدة عام أو الغرامة التي لا تقل عن مائة ألف جنيه.
وتابع: يشكل التعديل حصارا آخر على عمل المصورين الصحفيين، والغريب أن يأتي بعد القيود التي فرضها ما يسمى بـ” تصريح التغطية الصحفية” الذي الذي صعّب من عمل المصورين؛ وجعلهم معرضين للاستهداف والحبس رغم نصوص الدستور التي تضمن حرية التصوير والكتابة.
وطالبت “شعبة المصورين” و”لجنة الحريات” حكومة الانقلاب بالتراجع الفوري عن التعديل الذي يزيد الحصار المفروض على مهنة الصحافة، ويخالف الدستور الذي يضمن حرية العمل الصحفي ويلغي الحبس في قضايا النشر، ويجعل الصحفيين والمصورين معرضون لعقوبات مخيفة وغير منطقية، الأمر الذي سيؤدي إلى تراجع دور الصحافة، والصورة الصحفية تحديدا، في تقديم الحقائق والمعلومات الصحيحة للمواطنين.

حصار جديد

وأكد  عمرو بدر، رئيس لجنة الحريات بنفابة الصحفيين رفضه لهذه “التعديلات الكارثة”، مشيرا إلى أنها تمثل مخالفة دستورية واضحة. 
وقال “بدر” في تصريحات صحفية، إن “تعديلات حكومة الانقلاب على قانون العقوبات بشأن منع تصوير الجلسات بدون إذن مسبق، صادمة وغير مفهومة، وتمثل حصارا جديدا على الصحافة وحريتها، ويضع مزيدا من القيود على العمل الصحفي الذي هو محاصر أصلا منذ عدة سنوات”.
وأضاف: “لا يمكن أبدا في أي سياق تفهّم أن تكون عقوبة نشر صورة صحفية هي الحبس لمدة عام أو الغرامة التي لا تقل عن مائة ألف جنيه.. تعديل قانون العقوبات يمثل مخالفة دستورية صريحة، فقد ألغى الدستور عقوبة الحبس في قضايا النشر باستثناء ثلاث حالات أجاز فيها فرض عقوبة الحبس وجاء ذكرها في الدستور حصرا وهي: التحريض على العنف أو التمييز بين المصريين أو الطعن في الأعراض”.
واستطرد: “هذا يعني أن التعديل فضلا عن كونه يمثل انتهاكا صريحا لحرية العمل الصحفي؛ فهو أيضا يمثل مخالفة دستورية واضحة، مطالبا بالتراجع الفوري عن هذا التعديل الكارثي، والالتزام بنصوص الدستور التي تضمن حرية الصحافة وتلغي الحبس في قضايا النشر”.

معاهدات دولية

وقال محمد سعد عبد الحفيظ، عضو مجلس نقابة الصحفيين، إن هذا المشروع يصطدم بالدستور والمبادئ العامة التي أقرتها نصوص الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي وقعت عليها مصر. لافتا، في تصريحات صحفية، إلى أن الدساتير المتعاقبة والاتفاقات الدولية التي وقعت عليها مصر، تتضمن علانية المحاكمات، وهناك استثناءات تجيز للمحكمة جعل الجلسات سرية مراعاة للنظام العام. 
واستدل على ذلك بنص المادة 71 من الدستور، والتي تنص على أنه “يحظر بأي وجه فرض رقابة على الصحف ووسائل الإعلام المصرية أو مصادرتها أو وقفها أو إغلاقها ويجوز استثناء فرض رقابة محددة عليها في زمن الحرب أو التعبئة العامة. ولا توقع عقوبة سالبة للحرية في الجرائم التي ترتكب بطريق النشر أو العلانية، أما الجرائم المتعلقة بالتحريض على العنف أو بالتمييز بين المواطنين أو بالطعن في أعراض الأفراد فيحدد عقوبتها القانون”.
ونوه إلى أن علانية الجلسات تجعل الرأي العام رقيبا على إجراءات المحاكمات، وتدعم الثقة في القضاء، والاطمئنان إلى عدالته والتطبيق السليم للقانون، مشيرا إلى أن النشر هو إجراء مكمل لمبدأ العلانية، فالأصل أن يتابع الرأي العام ما يجري في الجلسات.