السيسي سعيد بمؤشرات مزيفة عن تحسن الاقتصاد.. فماذا عن الشعب المسحوق؟

- ‎فيتقارير

يئن الشعب المصري من الفقر والجوع، لكن حكومة الطاغية عبدالفتاح السيسي، رئيس الانقلاب العسكري، تتباهى بمؤشرات تحسن الاقتصاد؛ الأمر الذي يفتح أبواب التساؤل حول مدى مصداقية هذه الأرقام؛ وكيف تتراجع معدلات الفقر في مصر في ظل تفشي جائحة كورونا بينما تزداد معدلات الفقر في كل دول العالم وعلى رأسها الاقتصادات القوية؟
حكومة السيسي تلح عبر استخدام ترسانة من الأكاذيب والأرقام المزيفة من أجل إقناع الشعب أن ما يسمى ببرنامج الإصلاح الاقتصادى قد نجح نجاحا باهرا؛ لكن الشعب ــ كل الشعب باستثناء القلة المنتفعة ــ لا يكترث لما تدعيه حكومة الانقلاب؛ فهو أول من يعلم أنهم كاذبون، فمستوى معيشته تراجع، ومعدلات فقره ارتفعت، ومرتبه لا يكفي إلا نصف الشهر ويقضي النصف الثاني بالاقتراض والمساعدات.
ويعزو الخبير الاقتصادي مصطفى عبدالسلام، في مقاله "المؤسسات سعيدة، فهل المصري سعيد؟" والمنشور بصحيفة "العربي الجديد" السبت 26 ديسمبر 2020م، تماسك الاقتصاد المصري خلال جائحة كورونا إلى سببين: الأول هو من الاقتراض الخارجي الذي توسعت فيه الحكومة بدرجة ملحوظة عقب انتشار كورونا، وما عكسه الوباء من ارتدادات خطرة على احتياطي النقد الأجنبي وميزان المدفوعات وقطاعات مُدرّة للنقد الأجنبي. فقد استدانت الحكومة نحو 17 مليار دولار خلال أشهر قليلة.
أما العامل الثاني فهو أن التحسن جاء على حساب جيب المواطن "المخروم" أصلا، واستمرار الحكومة في تطبيق برنامج تقشفي حاد مع عودة الاقتراض من صندوق النقد، وما تبعها من فرض مزيد من الضرائب والرسوم وتقليص الدعم والإعانات، وزيادة تكاليف النقل العام والمرافق والخدمات ومنها الكهرباء والمياه، وبالتالي كان لتماسك المؤشرات فاتورة اجتماعية ضخمة أسفرت عن وقوع ثلث المصريين تحت خط الفقر، وزيادة معدل البطالة إلى نحو 10%، وزيادة معدلات الفقر المدقع. وينتهى إلى القول «ببساطة، نعم تماسكت الأرقام لكن على حساب المواطن الذي يواجه أعباء معيشية شديدة القسوة، ويشاهد يومياً هدر المال العام بحجة المشروعات الضخمة».
تزييف الأرقام
أما الخبير الاقتصادي الدكتور أحمد ذكر الله، في مقاله "تزييف الأرقام الاقتصادية"، فيتهم حكومة الانقلاب بتزييف الأرقام والمؤشرات بما يتناسب مع توجهات النظام. ويحكي عن ذلك قصة مؤلمة؛ قائلا: «حكي لي استاذي أثناء دراستي في مرحلة البكالوريوس- في تسعينيات القرن الماضي- والذي كان يعمل خبيرا في الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أن تكرار غيابه عن المحاضرات كانت لضغط ظروف العمل الطارئة، فسألته: لماذا هذا الضغط ومن المفترض أن معظم المؤشرات الاقتصادية تسير في معدلاتها المعتادة ولم تظهر طفرات إيجابا أو سلبا يمكن أن تغير من الأرقام؟ فكانت إجابته الصادمة أن الأمم المتحدة قررت تغيير شروط المنح المقدمة للدول الفقيرة؛ فاضطرت الإدارة المصرية في عهد مبارك إلى تعديل أرقام المؤشرات الاقتصادية الكلية لتجعل مصر من مستحقي هذه المنح!».
ويعلق على ذلك بأن هذا كان أول عهده بتزييف الأرقام الاقتصادية في مصر، مؤكدا أنه توسع في البحث الاقتصادي ومراجعه حتى اكتشف التضارب الهائل والكبير في الأرقام بين الجهات الرسمية المصرية، مما جعل أرقام البنك الدولي هي الرقم المحايد الذي يلجأ إليه الباحث الاقتصادي المدقق أثناء عملية البحث والتحليل، حتى إن بعض كبار الكتاب الاقتصاديين كان يضع للمؤشر الاقتصادي الواحد رقمين أحدهما من جهة رسمية مصرية وآخر من البنك الدولي.
ويعزو "ذكرالله" لجوء نظام السيسي إلى تزييف الأرقام لسببين: الأول هو التغطية على فشل البرنامج الذي أفضى فعليا إلى سقوط عشرات الملايين من المصريين تحت خط الفقر، ومع عدم وجود إنجازات حقيقية تسعى النظام عبر أدواته الإعلامية والسياسية إلى صناعة فقاعة وحالة توهم اعتمادا على الأكاذيب والأرقام المزيفة. أما السبب الثاني، فهو مخاطبة المؤسسات الدولية التي أقرضت النظام والتي لا ترى أي مؤشرات حقيقية وجادة على نجاح مثل هذا البرنامج لكنها تأبي الإقرار بالحقيقة أمام الاتهامات التي تلاحقها بتحريض الحكومات على سحق الفقراء.
أكذوبة كبرى
أما الخبير الاقتصادي د.عبدالتواب بركات، فيبدي اندهاشه من أرقام حكومة الانقلاب حول الفقر؛ والزعم بأنه تراجع من 32.5% سنة 2019م، إلى 29.7% في 2020م رغم تفشي جائحة كورونا. ويشير إلى المؤتمر الذي عقده ما يسمى بالجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في 3 ديسمبر 2020م، وتباهي مصطفى مدبولي، رئيس الحكومة بأن حكومته نجحت رغم جائحة كورونا في تخفيض معدلات الفقر هذا العام ولأول مرة منذ سنة 1999، إلى 29.7% في مقابل 32.5% العام الماضي. وانتشلت الحكومة 3 ملايين مواطن من براثن الفقر، ولولا جائحة كورونا لوصلت إلى نسبة منخفصة للغاية في معدلات الفقر، وفق تصريح مدبولي!

وفي مقاله "الفقر ينخفض في مصر ويزيد في أمريكا"! يشبه بركات أرقام حكومة الانقلاب بالخبر المكذوب الذي يضرب به المثل في صحافة الإثارة (رجل يعض كلبا) متسائلا: «كيف يتراجع الفقر في مصر في ظل تفشي جائحة كورونا بينما تؤكد شبكة "بلومبرج" ارتفاع معدلات الفقر في الولايات المتحدة الأمريكية؟ مشيرا إلى أن الشبكة الأمريكية تؤكد ارتفاع معدلات الفقر في أمريكا من 9.4% إلى 11.4% بسبب تفشي جائحة كورونا وتؤكد سقوط نحو 7 ملايين أمريكي في براثن الفقر رغم أن الكونجرس خصص مئات المليارات لدعم الفقراء والعاطلين ويصرف نحو 400 دولار أسبوعا لكل فقير. وينتهى إلى أن إحصائيات الجهاز تثير الجدل والنقد منذ انقلاب يوليو 2013 خاصة إحصاءات التضخم في أسعار السلع ونسب الفقر. وبعد تعويم الجنيه طعنت مصداقية الجهاز؛ حيث أعلن عن ارتفاع معدل التضخم إلى 32.5% فقط رغم إنخفاض قيمة الجنيه إلى النصف، واتهم خبير الاقتصاد ستيف هانك، وهو أستاذ ومدير مشروع العملات بمعهد كاتو الأمريكي، الأجهزة الرسمية المصرية بالكذب بشأن معدلات التضخم في مصر وقدرها بنسبة 146.6%.