أين ذهبت مليار و٦٠٠ مليون جنيه من المعونة العسكرية الأمريكية لمصر؟

- ‎فيأخبار

"استخدمت لحماية طائرة السيسي من هجوم صاروخي..". هكذا ببساطة يبدد العسكر أموال المعونة الأمريكية التي تحني رقاب المصريين، وعلى نهج الإمارات والسعوديه تكون جيش مواز أكثر كفاءة وتدريبا ومعدات لحماية السفاح عبد الفتاح السيسي من أي محاوله انقلاب، منهم من هو ملثم لا يُعرف هويه أعضائه إن كانوا مصريين أو مرتزقه، وبات معلوما الآن لماذا تحول جيش ٧٣ الي جيش بزنس وتحول جنود الشاذلي إلى بائعي خضار.
عاد هاشتاج "ارحل يا سيسي" ليتصدر مجددا على وسائل التواصل الاجتماعي، مع اقتراب ذكرى ثورة 25 يناير، وتصدرت هاشتاجات(#ارحل)، (#ارحل_يا سيسي) و(#الثورة_قادمة) من جديد في مصر، وعبر خلالها المغردون عن رفضهم لاستمرار عصابة السفاح عبد الفتاح السيسي، في حكم مصر في ظل ترد عام طال كافة القطاعات في البلاد منذ الانقلاب على حكم الرئيس الشهيد محمد مرسي في يونيو 2013.

أين المعونة؟ 
ويحمل عام 2021 عقبات كثيرة للعسكر، أهمها ما كان كتبه الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن أنه "لا مزيد من الشيكات على بياض لديكتاتور ترامب المفضل"، في إشارة للوصف الذي أطلقه الرئيس الجمهوري على السفاح السيسي خلال مشاركتهما في اجتماع قمة السبع الكبار التي استضافتها فرنسا في سبتمبر الماضي.
والمعونة الأمريكية لمصر مبلغ ثابت سنويا تتلقاه القاهرة منذ توقيع اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية في عام 1978، وتحصل مصر بموجبها على مبلغ 2.1 مليار دولار، منها 815 مليون دولار معونة اقتصادية، و1.3 مليار دولار معونة عسكرية.
لكن القيمة السياسية للمعونة أكبر بكثير من قيمتها المالية، فهي من ناحية تعبر عن اعتراف واشنطن بشرعية النظام المصري وبمساعدتها له وبدعمها لسياساته، ومن ناحية أخرى تحافظ ضمنيا على العلاقات العسكرية القائمة بين البلدين.
وكانت مقترحات بعض نواب الحزبين الديمقراطي والجمهوري بين العامين 2013 و2014 لإعادة صياغة المساعدات والعلاقات بمصر بعد انقلاب 3 يوليو، أحد أسباب اندفاع السفاح السيسي لتنويع مصادر استيراد الأسلحة، وإن حافظ أيضا على ضرورة إخطار واشنطن بصفقاته والحفاظ على التنسيق الأمني والاستخباري معها.
ففي يونيو 2014 قدم مجلس الشيوخ الأمريكي مقترحا لخفض المعونة العسكرية الأمريكية لمصر من 1.3 مليار دولار سنويا إلى مليار دولار فقط، وكذلك خفض المعونة الاقتصادية من 250 مليون دولار إلى 150 مليون دولار، حيث تمّ تعليق جزء من المعونة العسكرية بعد الانقلاب لأسباب تعود إلى حقوق الإنسان.
واليوم، وبعد سبع سنوات، يقترب أشخاص من أنصار تلك الخطوة التي منعها ترامب، أكثر من أي وقت مضى من البيت الأبيض؛ فبايدن الذي عُرف بندرة تعليقاته على الشؤون الداخلية للدول العربية والشرق أوسطية بصفة عامة، ومصر بصفة خاصة، يبدو محاطا بشخصيات لها تحفظات عديدة على القاهرة، ليس فقط على سياسات عصابة الانقلاب، وخصوصا على صعيد الحقوق والحريات، بل تمتد إلى ما يمس مصالح القاهرة نفسها، أي أن فشل النظام في التعامل مع تلك الأخطار، وفي تحسين صورته نتيجة أدائه الماضي من سيئ إلى أسوأ، قد تكون له آثار بالغة الخطر على مصالح المواطنين.

قوت الشعب
ولفت نشطاء إلى تزايد الضغوط التي يمارسها السفاح السيسي على الشعب، وفرضه المزيد من الضرائب والإتاوات تحت صياغات قانونية يشكلها كما يشاء، كي يمتص كل قوت الشعب، دون النظر إلى مقدرته على ذلك أم لا، مع استمراره في استنزاف ثروات البلاد، والتفريط بها، وبيعها للآخرين.
وألقت أزمة كورونا بظلالها على الهاشتاج، حيث نشر النشطاء عددا من الصور والمقاطع لعدم كفاية المستشفيات لاستقبال المرضى، قائلين إن "السيسي طوال فترة حكمه لم يبنِ أي مستشفى أو يطور من وضع المستشفيات والمنظومة الصحية الحالية، وأن أزمة كورونا كشفت حجم الانهيار الذي تعانيه البنية التحتية في مصر".
وما عاد سرا أن فراعنة العصر يودون عودة الزمن إلى شاشات معمر القذافي وحافظ الأسد ومذياع أحمد سعيد، وترسيخ "صحافة" قاهرة ما بعد انقلاب 2013، وعليه ليس غريبا جزم أحدهم أن إعلام المستبدين "أكثر حرية وديمقراطية من الأمريكي" على الرغم من أن سجونهم تختنق بمئات الصحفيين وأصحاب الرأي.
في حواره الأخير مع "لوفيجارو"، استحضر السفاح السيسي "مخاطر" الإنترنت والشبكات الاجتماعية، مختزلا نوستالجيا الاستبداد لعصر التجهيل، وزمن بث الرعب بشعار "للحيطان آذان وللشوارع ألسنة"، لم يتردد السفاح السيسي في التحريض على عرب القارة، معتبرا نفسه جنديا مُخْلصا لمحاربة "الإيديولوجية المميتة التي لا تعرف حدودا"، وحديثه كان عن جماعة "الإخوان المسلمين".

ليس السفاح السيسي وحده من يستجدي الغرب حماية لإقطاعية فساده، غير أنه أكثر من مزجها باستعلائية على المصريين، فتارة ذهب نحو اعتبار عدد السكان المشكلة الرئيسية، بينما ليس بعيدا عنه، ثمة أمم تعتبر المواطن رأسمال التقدم والتطور، وفي أخريات انحدار إلى مستوى "وزن المواطن" وتوبيخ الشعب "المدني"، واتهامه بالانصياع لـ"أهل الشر"، والمشاركة في "حروب الجيل الرابع… والعاشر"، كما في بروباجندا استلاب العقول لصناعة فرعون.
في باريس اختزل السفاح السيسي مشكلة المستبدين مع الوعي العربي، فالخروج عن الجهل والأمية يعدّه المستبدون أهم الكوارث على ديمومة ديكتاتورية الفساد، ونهب الثروات بتقاسمها مع جيران الشمال، وهؤلاء الجيران الذين يرعون القهر بصفقات فاسدة ودهس للمبادئ، يتساءلون ببلاهة "لمَ يتجه جيراننا في الضفة الجنوبية للمتوسط نحو التطرف والهجرة واللجوء شمالا؟".
باختصار، الرعاية الأوروبية تفوح رائحتها في بازار انتهاك العقل، وتجزيء المبادئ، فتصبح مسطرة "الوطنية والوعي" محددة من أنظمة هي بنفسها وكيلة للغرب، وتحمّل المواطنين مسؤولية فقرهم وتخلّف دولهم!