من بين العوامل التي ساعدت في اندلاع ثورة 25 يناير فشل المنظومة الصحية في أواخر عهد مبارك، واليوم يتكرر نفس الإهمال بشكل أوسع في ظل جائة كورونا؛ حيث تعاني المستشفيات انهيارا تاما ونقصا حادا في مستلزمات الرعاية والوقاية.
آخر تلك الأزمات كان النقص الحاد في الأكسجين بالمستشفيات، ما تسبب في وفاة عدد كبير من الحالات بمستشفيات الشرقية والغربية، في ظل إنكار شديد من قبل حكومة الانقلاب العسكري.
الدكتور مصطفى جاويش، المسؤول السابق بوزارة الصحة، أشار إلى أن الدستور المصري منذ صدوره في عهد عبدالناصر مرورا بالسادات ومبارك لم تذكر فيه الصحة كعنصر مستقل؛ بل كان يتم الحديث عن الخدمات الصحية والاجتماعية والخدمات الوقائية من بين مواد الدستور بصورة عامة وغير محددة.
وأضاف جاويش، في مداخلة هاتفية لتليفزيون "وطن"، إنه تم تخصيص مادة كاملة في دستور الثورة في عهد الرئيس الشهيد محمد مرسي وهي المادة 62 عن حق المواطن المصري في رعاية صحية شاملة وفي تأمين صحي تكافلي مجاني وفي الحفاظ على حياته ومقدراته بالمجان على حساب الدولة، كما نصت المادة على توفير الاعتمادات المالية بما يتناسب مع احتياجات الخطة كل سنة، ووعد الرئيس مرسي برفع ميزانية الصحة كل عام بنسبة 1.2% من إجمالي الناتج المحلي حتى يصل في نهاية حكمه بعد 4 سنوات إلى المعدل العالمي.
وأوضح أنه بعد الانقلاب العسكري في 2013 تم وقف العمل بالدستور والقانون وتعديل الدستور لكن تم الإبقاء على مادة الصحة مع تعديل ميزانية الصحة إلى 3% من إجمالي الناتج المحلي وتزيد تدريجيا حتى تصل إلى المستوى العالمي، مضيفا أن العجيب أن موازنة الصحة في عهد الرئيس مرسي كانت 4.2% من إجمالي الناتج المحلي وفي 2014 بعد الانقلاب بدأت تتناقص إلى 2% ثم تناقصت تدريجا حتى تم زيادتها نسبيا في 2016 ثم تراجعت مرة أخرى، وفي موازنة 2021 بلغت 1.2% فقط من إجمالي الناتج المحلي الذي يبلغ 605 تريليون جنيه.
وأشار "جاويش" إلى أن نسبة موازنة الصحة من إجمالي الناتج المحلي عالميا لا تقل عن 9.1%، وبذلك فإن موازنة الصحة في مصر تعادل تسع المعدل العالمي، مضيفا أن المهم في قضية الصحة حجم الإنفاق الحكومي وليس إجمالي الإنفاق، مضيفا أن حكومة الانقلاب ذكرت أن إجمالي الإنفاق على الصحة العام الجاري بلغ 6.2% من إجمالي الإنفاق العام، و70% من هذه النسبة من جيوب المواطنين لأنهم هم من يسددون القروض.
ولفت إلى أن مؤشر الرفاهية العالمي الذي تصدره منظمة الصحة العالمية ذكر في مارس 2019 أن مصر والعراق من بين أسوأ 20 دولة في العالم في مستوى الرعاية الصحية، مضيفا أنه في نهاية 2019 ظهر مؤشر جديد وهو مؤشر إدارة الأزمات الصحية وصدر عن منظمة الصحة العالمية واحتلت مصر المركز التاسع في المنطقة العربية بعد الإمارات وقطر والسعودية والأردن، مؤكدا أن حكومة السيسي استقبلت فيروس كورونا بعدم جاهزية صحية حسب المؤشرات العالمية المعتمدة في هذا الخصوص.
وتابع: "أكثر الدول التي تعاني من فيروس كورونا في العالم بريطانيا وقارب عدد الوفيات 80 ألفا بينهم 35 طبيبا فقط، بنسبة 0.04%، أما في مصر وصلت أعداد وفيات الأطباء إلى 340 حالة بنسبة 4.2% من أعداد الوفيات الإجمالية لفيروس كورونا والتي تبلغ 8 آلاف وفاة، في المقابل أعلن أمين عام نقابة الأطباء أن وفيات الأطباء الحقيقية تبلغ ضعف الرقم المعلن لعدم تسجيل سبب الوفاة في كثير من الحالات بأنها كورونا.
وأردف: "الحديث عن الجوانب الإدارية في النواحي الصحية يتطلب أولا رفع الواقع، أما عندما تعترف وزيرة الصحة بحكومة الانقلاب أن الأرقام غير دقيقة، ثم يخرج أحد مسؤولي اللجنة العلمية ليعلن أن أعداد الإصابات الحقيقية 10 أضعاف المعلن يكشف عدم إلمام الوزيرة بواقع انتشار الوباء في المجتمع سواء ما يتعلق بأعداد الإصابات والوفيات ومدى توافر المستلزمات الطبية وأدوات الحماية ووضع خطط لمواجهة الفيروس والقضاء عليه".
واستطرد: "أعداد كبيرة من الأطباء والممرضين والفنيين يتساقطون كل يوم، بالإضافة إلى استمرار نزيف الشعب، لدرجة أن أحد التقييمات الوبائية ذكر أنه إلى قالت الحكومة إن عدد الإصابات يبلغ ألف إصابة فهذا يعني أن الرقم الحقيقي لا يقل عن 28 ألف حالة وذلك من واقع التقديرات البيئية لانتشار الوباء في مصر".