بعد 10 سنوات من الثورة.. البطالة للشباب وسيطرة الجيش على 60% من الاقتصاد

- ‎فيتقارير

 

تزايدت معدلات البطالة في مصر بسبب سيطرة الجيش على المشروعات والشركات وحرمان القطاعين الحكومي والخاص من الاستثمار فى الكثير من الأنشطة والمجالات. كان قائد الانقلاب العسكري أصدر في ديسمبر 2015، قرارا يسمح للجيش بتأسيس شركات برأسمال وطني أو بالشراكة مع رأسمال أجنبي، ما أدى إلى هيمنة المؤسسة العسكرية والتدخل في الاستثمار في كل القطاعات على اختلافها.

وتتُراوح التقديرات حول سيطرة القوات المسلحة على الاقتصاد بين 45% و60%، وفقا لمنظمة الشفافية الدولية، ويرى البروفيسور روبرت سبرنجبورج من المعهد الإيطالي للشئون الخارجية، أنه منذ عام 2013 تحولت القوات المسلحة المصرية من كونها مؤثرا كبيرا في الاقتصاد المصري إلى فاعل مهيمن.

وتسببت هيمنة العسكر فى حرمان الشباب من فرص العمل وتزايد معدلات البطالة، وهو ما اعترف به الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء مؤكدا أن معدل البطالة ارتفع إلى 9.2% بسبب جائحة فيروس كورونا.

معدل البطالة

فى المقابل زعمت حكومة الانقلاب أن معدل البطالة عاود الانخفاض، بعد التغلب على الآثار الاقتصادية لكورونا وتنفيذ 9000 مشروع تنموي وخدمي بمختلف القطاعات في البلاد وفق تعبيرها.

وقالت إنها تعاملت مع الجائحة، على مسارين متوازيين، هما مسار التعافي الصحي، ومسار التعافي الاقتصادي والاجتماعي من تداعيات الوباء زاعما أن معدل البطالة بلغ 7.3 في المئة، في الفترة من يوليو حتى سبتمبر 2020، مقارنة بـ 9.6 في المئة في ذروة أزمة كورونا من أبريل حتى يونيو.

وكشف مجلس وزراء الانقلاب فى تقرير أن أعداد العاطلين عن العمل تراجعت بنسبة 19.8 في المئة، بالربع الثالث من العام 2020، مشيرا إلى أنه تم تسجيل 2.06 مليون عاطل، مقارنة بـ 2.57 مليون في الربع الثاني من العام ذاته وفق التقرير .

وزعم التقرير أن هناك 3 أسباب أسهمت في تحسن معدلات البطالة، أولها الاستمرار في تنفيذ نحو 9 آلاف مشروع تنموي وخدمي بتكلفة 2 تريليون جنيه، حتى يونيو 2021.

وأشار إلى أن إعادة فتح المطارات واستقبال الأفواج السياحية وفتح المنتجعات السياحية بالتزامن مع بدء انخفاض معدل الإصابات في يوليو 2020 أسهم في تراجع معدل البطالة بالإضافة إلى استمرار القطاع الخاص في منطقة النمو وفق زعمه .

صعوبات كبيرة

ورغم مزاعم حكومة الانقلاب اعترفت هالة السعيد، وزيرة التخطيط بحكومة الانقلاب، بأن سوق العمل يواجه صعوبات كبيرة؛ حيث إنه مهدد بفقدان نحو 70% من الوظائف بسبب عدم الإقبال عليها وعدم طلب منتجاتها؛ وأهمها الحرف اليدوية.

وكشفت دراسة لـ"مؤشرات سوق العمل في مصر"، صادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، أن المجتمع المصري به نحو 45% من الشباب يحتاجون إلى فرص عمل .وأكدت أن مصر تعاني من مجموعة من المشكلات الاقتصادية، التي جعلت الوضع الاقتصادي يواجه معضلة اقتصادية.

وبحسب الدراسة، فإن من الظواهر الاقتصادية شديدة السلبية تزامن ظاهرتي البطالة والتضخم في آن واحد، موضحة ان مصر تعاني من ارتفاع معدلات البطالة والتضخم، كنتيجة طبيعية لتراجع معدلات النمو الاقتصادي، وضعف أداء الناتج بشكل عام، وعدم اعتماده على قاعدة إنتاجية قوية، وغلبة النشاط الخدمي على النشاط الإنتاجي، وغياب المنتجات والخدمات ذات القيمة المضافة العالية.

وأرجعت ارتفاع معدل التضخم إلى أمرين: الأول ارتفاع تكاليف الإنتاج بسبب اعتماد الصناعة المحلية على استيراد مستلزمات الإنتاج بنسبة كبيرة، وكذلك الزيادة المطردة في الواردات السلعية، والثاني ارتفاع تكلفة الوقود بالنسبة للصناعة بشكل خاص وباقي قطاعات الاقتصاد بشكل عام.

وأوضحت الدراسة أن ارتفاع معدلات البطالة مبعثه تدني معدلات المدخرات والاستثمارات المحلية كنسبة من الناتج المحلي، واعتماد الناتج بشكل رئيسي على الاستهلاك وليس الاستثمار، وفي ظل تواضع الاستثمارات المحلية بحدود 14% كنسبة من الناتج المحلي، من الصعب استيعاب جميع الداخلين الجدد لسوق العمل، أو تخفيف حدة البطالة القائمة في سوق العمل.

انهيار سوق العمل

من جانبها أكدت الدكتورة عبلة عبد اللطيف، مدير البحوث بالمركز المصري للدراسات الاقتصادية، إن سوق العمل انهار فى مصر؛ نظرا لعدم الاهتمام بقطاعات معينة، مشيرة الى  أن التعليم فى حد ذاته مشكلة كبيرة .

ووصفت د. عبلة، فى تصريحات صحفية، سوق العمل فى مصر بأنه غير صحي؛ لأن الطلب على العمالة ينتج عن الطلب على السلعة أو الخدمة، ومشكلة التشغيل ليست داخل سوق العمل، لكن من سياسات دولة العسكر ونوعية الاستثمار، وإصلاح هذه السياسات يصلح سوق العمل.

وقالت أن فرص العمل التي يخلقها قطاع التشييد والبناء ليست حقيقية وغير مستدامة أو غير مستقرة، وبررت تراجع قطاع الصناعات التحويلية فى التشغيل بمعاناة هذا القطاع من البيروقراطية والعديد من المعوقات التى تواجه عمله، فضلاً عن عدم توافر العمالة الماهرة.

بطالة وهجرة غير شرعية

وأوضح الخبير الاقتصادي الدكتور  أحمد عبد الصبور أن البطالة ظاهرة تشير إلى وجود عدد كبير من الأيدي العاملة القادرة على العمل وترغب به لكن لا تجد فرصة لذلك، وتعتبر أحد المؤشرات الاقتصادية التي تدل على ضعف الاستثمار والتنمية ، لافتا إلى أن مفهوم معدّل البطالة يتمثّل في نسبة عدد الأشخاص العاطلين عن العمل إلى معدّل القوى العاملة الكلي. 

وأكد عبدالصبور، فى تصريحات صحفية، إن البطالة في مصر كارثة تستوجب الوقوف عندها، مشيرا إلى أن الواقع يؤكد أن معدلات البطالة في تزايد مستمر ، لأن نسبة البطالة دائما في ارتفاع فى ظل الظروف التي تمر بها مصر. 

وقال ان مشكلة البطالة في الجزء الأكبر منها ترجع إلى أسباب هيكلية تعود إلى طبيعة نمو الاقتصاد المصري كاقتصاد نامي يعاني من إختلالات هيكلية داخلية وخارجية تتمثل في الاختلال في ميزان المدفوعات والاختلال في الموازنة العامة للدولة ، إلى جانب وجود فجوة كبيرة بين الادخار والاستثمار وبالتالي الإنتاج والإستهلاك.

وأشار عبدالصبور إلى أسباب أخرى منها زيادة معدل النمو السكانى وتضخم عدد الخريجين الذين يتم ضخهم إلى سوق العمل سنويا وعدم التزام حكومة الانقلاب بتقديم تأمين ضد البطالة لعمال القطاع الخاص والتقلص المستمر لدور حكومة الانقلاب والقطاع العام فى خلق فرص عمل جديدة وتحميل تلك المسئولية للقطاع الخاص والانخفاض المستمر فى الطلب على العمالة كنتيجة للتحديثات التكنولوجية وضعف القدرة على جذب الاستثمارات الأجنبية وبطء النمو الاقتصادى وإنخفاض الطلب الداخلى كنتيجة للركود الاقتصادى العام وتواضع معدلات زيادة إنتاجية العمل.

وحذر من ان البطالة تهدد الشباب بالإحباط‏ واللجوء إلي المخدرات ‏واللهو الرخيص‏ ,‏ هروبا  مما هم فيه من ضيق‏,‏ وفي الوقت نفسه إذا لم يجدوا المال للإنفاق على المخدرات ‏سيلجؤون إلى أساليب خاطئة للحصول على هذا المال قد تصل إلى ارتكاب جرائم‏، ويصاحب هذا شعور بالسخط على المجتمع وعلى الدولة التي تتركهم في هذا الضياع ‏ ‏.‏

واضاف عبدالصبور ان البطالة تدفع الكثير من الشباب الى الهجرة بحثا وراء الرزق، دون أن يدرسوا ما ينتظرهم من تلك الهجرة‏، وأمام هذا التفكير‏‏ ظهر سماسرة الهجرة غير الشرعية‏، الذين قادوا الشباب في رحلات غير مضمونة‏, كان من نتائجها غرق الكثيرين دون أن يصلوا إلى غايتهم‏,‏ كما تعرض بعض الشباب لعمليات نصب باسم الهجرة‏.