تحت عنوان "فساد تعاقدات الغاز في عصر مبارك.. الجوانب الاقتصادية والقانونية" أعادت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية الحديث عن مبارك الذي قامت عليه ثورة 25 يناير وبإزاحته انكشف جانب كبير من فساده في قطاع البترول لاسيما في التعاقد على تصدير الغاز للصهاينة.
وقالت الدراسة إن قضية تعاقدات الغاز عادت لتحتل حيزا كبيرا من اهتمام الرأي العام بعد اندلاع ثورة يناير 2011. وكانت ذروة هذا المشهد بخضوع مبارك للمحاكمة مع أفراد من أسرته وأركان نظامه ورجال الأعمال المقربين منه خصوصا المتهم الهارب، الذي رحل خلال هروبه، حسين سالم الذي وصف بأنه ”إمبراطور الغاز“، بتهم تتعلق مباشرة بملف تصدير الغاز لإسرائيل.
وأضافت أن المصريين وجدوا أنفسهم بصدد ملف يتجاوز الفساد والتربح من الوظائف العامة وحتى سوء الإدارة وإهدار الموارد إلى القواعد أنها لا توفر الحد الأدنى من الحماية للموارد الطبيعية في مصر.
10 مليار دولار خسائر
ومما كشفته الدراسة أن مصر خسرت نحو 10 مليارات دولار من إيرادات الغاز الطبيعي في الفترة من 2005 إلى 2010 وحدها، أي ما يمثل نحو ضعف إنفاق حكومة مبارك على الصحة سنويا، وفقا لتقرير صدر عن المبادرة المصرية للحقوق الشخصية في ٢٠١٤ بعنوان: "فساد تعاقدات الغاز في عصر مبارك".
وأشارت المبادرة إلى توصل باحثيها إلى هذا الرقم عبر دراسة العقود المبرمة في عصر مبارك لتصدير مليارات الأمتار المكعبة من الغاز إلى الأردن وإسبانيا وإسرائيل بأسعار بخسة، فضلا عن تحليل ملفات محاكمات فساد مسؤولين حكوميين بعد الثورة.
وعرض التقرير نموذجا واحداً في قطاع واحد لبنية الفساد الهيكلي وآليات عمله في عهد مبارك، وهو الفساد الذي اتسع وتسارع وتعاظمت خسائره في سنوات حكمه الأخيرة قبيل سقوطه.
محاسيب الأمن القومي
وأشارت إلى أن المسألة تبدأ بالمفاوضات التي ترجع للتسعينات بين الطرفين المصري والصهيوني بخصوص تصدير الكميات الفائضة عن الاستهلاك المحلي المصري إلى الكيان الصهيوني.
وفي 2000 تم إنشاء شركة شرق البحر المتوسط بالشراكة بين رجل الأعمال حسين سالم ورجل أعمال إسرائيلي يدعى يوسى ميمان صاحب شركة "ميرحاف" التي تعمل في مجال المعاملات المالية. وقد أنُشئت الشركة باعتبارها شركة مساهمة مصرية. وتزامن مع إنشائها خروج الشركة القابضة للغازات الطبيعية "قطاع عام" إلى حيز الوجود، وذلك استنادا لما ورد في حيثيات حكم مجلس الدولة، وهي الشركة التي كان مقررا أن تضطلع فيما بعد ببيع الغاز الطبيعي لشركة شرق المتوسط، والتي تتولى بدورها بيعه للكيان الصهيوني.
واضافت أن ذلك هو ما حدث فعليا في 2004 .وطبقا لأقوال اللواء الراحل عمر سليمان، رئيس جهاز المخابرات ونائب رئيس الجمهورية السابق، أمام النيابة في مخالفات مالية تتضمن عمولات حصل عليها سالم متربحا من منصبه.
وكان أول أوجه الفساد الفجة هو المحسوبية التي حكمت منح شركة شرق المتوسط حق احتكار شراء الغاز الطبيعي المصري وبيعه لـ"إسرائيل" دون غيرها من الشركات،وذلك بدون بيان مسوغات هذا القرار أو مبرراته من جانب مجلس الوزراء، وإن كان التفسير الحقيقي هو الرابط القوي بين حسين سالم ورأس السلطة التنفيذية حسني مبارك. تجدر الإشارة كذلك إلى أن ممارسات المحسوبية والفساد التي كشفت عنها حالة عقود التصدير للكيان الصهيوني والأردن قد تمت بحضور قوي للجهات الممثلة للأمن القومي، ومع تبرير السرية وغياب الشفافية بل وممارسات كالتسعير البخس بعوامل سياسية تتعلق بالأمن القومي.
وأضافت أن الأمر نفسه ينسحب على كبار مسئولي قطاع البترول في عهد مبارك إذ أنه لا يمكن التغاضي عن كون سامح فهمي قد عمل مع حسين سالم في مصفاة ميدور في نهاية التسعينات قبل أن يتم تصعيده ليتولى منصب الوزارة في 1999 .ولا يمكن تجاهل حقيقة أن إبراهيم طويلة رئيس الهيئة العامة للبترول إبان توقيع عقود التصدير مع شركة شرق المتوسط قد انتقل مباشرة بعد تقاعده في 2005 إلى شركة شرق المتوسط نفسها ليعمل رئيسا لمجلس إدارتها بناء على تكليف من سامح فهمي والأمن القومي.
https://eipr.org/sites/default/files/pressreleases/pdf/fsd_tqdt_lgz_fy_sr_mbrk.pdf