لإنهاء مماطلة العسكر.. دعوى قضائية دولية للمطالبة بحق النوبيين في العودة لأراضيهم

- ‎فيأخبار

تجددت مطالب آلاف النوبيين باحترام سلطات الانقلاب التزاماتها الدستورية المنصوص عليها في المادة 236، التي تقضي بتمكين النوبيين من العودة إلى أراضيهم الأصلية وتنميتها، خلال الفترة التي حددها الدستور بـعشر سنوات مضى ما يزيد عن نصفها، وعدم الالتفاف على تلك الحقوق عبر آليات التعويض المختلفة، معتبرين أن "تعويض النوبيين بسكن أو أموال أو أراض بديلة، لا يعد بديلا عن حق التوطين الذي لا يمثل فقط التزاما دستوريا؛ إنما يعتبر  جزءا أصيلا من تراث النوبيين وهويتهم وثمرة نضالهم من أجل انتزاع اعتراف بحقوقهم ومعاناتهم وتهجيرهم.

دعوى دولية ضد السيسى
تقع أرض النوبة جنوب مصر، بالقرب من الحدود السودانية عند خط عرض 22 شمالا، على مساحة 350 كيلومتر شرقا وغربا. وتجد ملامح البساطة والطيبة ترتسم على وجوه النوبيين، من دون أن تفوتك علامات الحزن الظاهرة نتيجة الأزمات المتلاحقة التي يمرون بها، إذ يبدو أنه لا جدوى من الوعود والقرارات الكثيرة بشأن عودتهم إلى أرضهم مرة أخرى رغم أن النوبيين حراس مصر من الجنوب. وبدأت الأزمة النوبية مع بدء تنفيذ مشروع السد العالي وما تزال مستمرة حتى الآن!

وأقام نوبيون دعوى قضائية دولية تطالب بإلزام دولة العسكر بحق العودة كما وعدهم قائد الانقلاب عام 2016 .وسبق وأن أشارت منظمات حقوقية إلى أن تعويضات النوبيين ليست بديلا عن حقهم في العودة والتنمية، وأنه رغم الاعتراف الدستوري بحق النوبيين في العودة إلي أراضيهم الأصلية وتنميتها، إلا أن سلطات الانقلاب انتهجت مجموعة من السياسات والقرارات التي تقوض بشكل فج هذه الحقوق، بداية من القرار الجمهوري رقم 444 لسنة 2014 الذي اعتبر أراضي 16 قرية نوبية أراضي حدودية عسكرية، لا يجوز للمدنيين العيش فيها أو الاستفادة منها، مرورا بقراري صادرين من قائد الانقلاب رقمي 355 و 498 لعام 2016، اللذين صادقا على مصادرة العديد من الأراضي النوبية لصالح مشروع المليون ونصف مليون فدان، وصولا إلى القانون رقم 157 لسنة 2018 بشأن إنشاء هيئة تنمية الصعيد الذي عصف بآمال النوبيين، بعدما أغفل أي ذكر لهجرة النوبيين أو حقهم في العودة إلى أراضيهم، الأمر الذي دفع نائب العسكر عن دائرة نصر النوبة في أسوان ياسين عبد الصبور إلى وصفه بالقانون "غير الدستوري" والذي يمثل "اغتصابا لحقوق أهالي النوبة في إعادة تسكينهم على ضفاف بحيرة ناصر".

الرئيس مرسى وأهل النوبة
وكان لأهل النوبة حظا في حديث الرئيس الشهيد محمد مرسى؛ حيث تحدث مع أبناء مصر من النوبة بالولايات المتحدة الأمريكية في 29 سبتمبر 2012، مؤكدا أن النوبة جزء أصيل من مصر كالعريش ورفح ومطروح، وأنه قام بزيارة النوبة ونصر النوبة، وأنه مع الذين يطالبون بالعودة لأراضي أجدادهم ومنازل أجدادهم، لافتا إلى أنه قام بتوزيع 1740 وحدة سكنية لأهالي النوبة، وأرفف: "كل حقوق النوبيين لن تضيع".

وعود العسكر لا تنفذ

في 20 يونيو 2019، كشف المستشار عمر مروان، وزير شؤون مجلس نواب العسكر ورئيس اللجنة الوطنية المعنية بوضع القواعد والآليات التنفيذية لصرف تعويضات أهالي النوبة، عن اعتماد إجراءات صرف التعويضات لأهالي النوبة المتضررين من بناء وتعلية خزان أسوان وإنشاء السد العالي ممن لم يسبق تعويضهم. ووفقا لتصريحات "مروان" جاء ذلك تنفيذا لقرارات رئيس مجلس وزراء العسكر رقم 478 لسنة 2017 الخاص بتشكيل لجنة لحصر أسماء المتضررين الذين لم يسبق تعويضهم، وقراره رقم 371 لسنة 2019 بتشكيل لجنة لوضع قواعد وآليات تنفيذية لصرف التعويضات للمستحقين، واعتمدت اللجنة أسماء المستحقين الذين انتهت وزارة العدل بحكومة الانقلاب من تحديدها، ووضعت اللجنة القواعد اللازمة لتنفيذ التعويضات.
وأشارت تقارير حقوقية إلى أن سلطات الانقلاب تجاهلت الإطار القانوني البديل لتمكين النوبيين من حق العودة والتنمية من خلال (قانون إنشاء الهيئة العليا لتنمية وتعمير بلاد النوبة القديمة) حيث شكل وزير العدالة الانتقالية وشؤون مجلس النواب بحكومة الانقلاب آنذاك إبراهيم الهنيدي، لجنة (تنمية النوبة وأسوان)، تطبيقا للمادة 236 من الدستور الذي وضعه العسكر في 2014، ووضع إطار قانوني لتنظيم حقي العودة والتنمية. وأوضحت التقارير أن اللجنة عرفت أهالي النوبة بأنهم النازحين بسبب خزان أسوان في الأعوام 1902 و1912 و1933، وبناء السد العالي بين العامَين 1960 و1964، والمنحدرون منهم.