اضحك مع هالة: عبقرية السيسي الطبية أبهرت اليابان!

- ‎فيتقارير

خلال تكريمها للجنة الطبية المشرفة على خطة التأمين الطبي لبطولة كأس العالم لكرة اليد 2021، لم يفت الوزيرة الانقلابية هالة زايد حمل الطبلة والمبخرة و"رص المديح" مثل "رص الكعك في صاجات الجيش" عبر الثناء على السفاح عبد الفتاح السيسي. وزعمت "هالة" أن القطاع الصحي أصبح ركيزة أساسية لتحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والحفاظ على صحة المواطنين، وأن القائمين على بطولة طوكيو أبدوا رغبتهم في الاسترشاد بتجربة السفاح السيسي في التأمين الطبي للبطولة.

انهيار صحي
يأتي تطبيل وزيرة الصحة في حكومة الانقلاب في وقت حذّر أمين صندوق نقابة صيادلة مصر الأسبق، أحمد رامي الحوفي، من "انهيار منظومة الصحة في مصر خلال الأيام المقبلة أو في غضون الأسابيع القليلة المقبلة، خاصة إذا ما استمرت حالة الفشل والتردي التي باتت واضحة بشأن التعاطي مع أزمة فيروس كورونا المستجد"، مؤكدا أن "تداعيات انهيار المنظومة الصحية ستكون كارثية على كل المستويات، وستجعل الباب مفتوحا على كل الاحتمالات".
ورفض "الحوفي" تحميل وزارة الصحة بمفردها مسؤولية إدارة جائحة كورونا، قائلا: "لو قلنا إن الوزارة هي التي تدير الأزمة فسيكون ذلك ظلما كبيرا لها، لأن تلك الأزمة تُدار على مستوى أكبر بكثير من وزارة الصحة، وبالتالي فلا ينبغي تحميلها أو الوزيرة هالة زايد تبعات سوء الإدارة أو مسؤولية الفشل الذريع الذي يلمسه الجميع".
وتعبتر جائحة كورونا سيفا ذا حدين بالنسبة للديكتاتوريات العربية؛ فقد تزيد من فرص الاستقرار على المدى القصير، لكنها ستتسبب في تآكله على المدى المتوسط؛ فانتشار الوباء يجعل المواطنين يعتمدون قسرا على حكومات تلك الدول والإذعان لهم ــ ولو مؤقتا ــ تجنبا لمزيد من المشاكل في وقت يلاحق فيه الوباء الجميع دون تمييز، ويهدد بتدمير مقومات هذه الدول البشرية والمادية على حد سواء.
ولعل ما جرى في مصر خير مثال على الفائدة التي عادت على عصابة السفاح السيسي من انتشار العدوى؛ فقد حققت لها استقرارا نسبيا ولو بشكل مؤقت، وأسهمت في وقف المظاهرات والاحتجاجات المطالبة بالحريات والعدالة الاجتماعية.
هذا الاستقرار النسبي المؤقت يحمل في ثناياه في ذات الوقت تهديدا مباشرا يهدد عصابة الانقلاب بمصر بشكل أكثر عمقا وعنفا، حيث تواجه العصابة صعوبات كبيرة في تلبية الاحتياجات الأساسية للمصريين مثل الغذاء والكهرباء والتعليم، وستتسبب الاستجابة المضطربة للجائحة في إثارة المزيد من السخط الشعبي، بخلاف الاتهامات التي تلاحق العسكر بالتربح من الأزمة واستثمارها اقتصاديا لتعزيز إمبراطوريتهم الاقتصادية في الوقت الذي تعصف فيه الجائحة بعشرات الملايين وتدفعهم إلى البطالة والفقر.
واستشهد "الحوفي" بالتصريحات التي أطلقها السفاح السيسي في وقت سابق بأن لديه احتياطيات خارج إطار الدولة لمواجهة كورونا، وأنها جاهزة لخدمة المصريين، وهي موازية لاحتياطيات المؤسسة العسكرية ووزارة الصحة، لأنها تخضع لتصرف السيسي فقط، والذي قال لرئيس الهيئة المصرية للشراء الموحد والإمداد والتموين الطبي، اللواء بهاء الدين زيدان، إن هذه الاحتياطيات لا تُمس إلا بعد الرجوع له شخصيا.

من يدير الأزمة؟

ورأى أمين صندوق نقابة صيادلة مصر الأسبق أن "تصريحات السيسي التي نشير لها تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن أزمة كورونا تُدار على أعلى المستويات في العصابة، وأن السفاح السيسي هو المسؤول الأول والأهم عن مآلاتها، لأنه هو مَن يحدد طريقة إدارتها وكيفية التعاطي معها، خاصة أننا جميعا ندرك تماما أن الحكومة بأكملها- وليس وزارة الصحة فقط- مجرد سكرتارية للسيسي يأتمرون بأوامره ولا يمكنهم فعل أي شيء إلا بعد الرجوع إليه".
وكشف عن ضغوط وتهديدات يتعرض لها أطباء مصر، قائلا: "من واقع رصدنا ومتابعتنا لأوضاع زملائنا الأطباء في مصر هناك ضغوط تُمارس على جميع الأطقم الطبية، ولا تتهاون الأجهزة الأمنية مع أي تصرف قد تراه غير مقبول بالنسبة لها، حتى لو كان ذلك مجرد الغياب عن العمل ولو ليوم واحد، وليس تقديم الاستقالات أو تنظيم إضراب أو أي صورة من صور الاحتجاج".
وكان خلاف قد اندلع بين وزارة الصحة في حكومة الانقلاب ونقابة الأطباء على خلفية تحذير النقابة من احتمالية انهيار المنظومة الصحية، في حال ما استمر الإهمال من جانب حكومة الانقلاب نحو الطواقم الطبية.
وتوفي حتى الآن نحو 19 طبيبا في العام الجديد خلال معركة التصدي للفيروس، وسط انتقادات موجهة من جانب الأطباء لصحة الانقلاب بخصوص رعايتها لصحة الطواقم الطبية.

ولا تزال سلطات الانقلاب تحتجز ثلاثة أطباء على الأقل، ألقي القبض عليهم خلال أزمة فيروس كورونا المستجد، ويقول المحامون إن الاتهامات الموجهة لهم هي نشر أخبار كاذبة وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والانضمام لتنظيم إرهابي، والأخيرة تهمة كثيرا ما تستخدم في القضايا السياسية.

انهيار عصبي
وأظهر مقطع فيديو تم تصويره داخل وحدة العناية المركزة بمستشفى الحسينية بالشرقية، الممرضة آلاء علي في حالة اضطراب شديد وانهيار عصبي وهي منزوية وسط حالة استنفار قصوى، وحسب الفيديو فإن جميع مرضى كورونا الذين كانوا في الإنعاش ماتوا بسبب تلاعب العسكر بحصة المستشفيات من أسطوانات غاز الأكسجين.
من جهتها قالت أستاذة العلوم السياسية بجامعة لونج آيلاند الأمريكية، وكبيرة زملاء مركز السياسة الدولية بواشنطن، الدكتورة داليا فهمي، إن السفاح السيسي أصبح عبئا على الجميع في الداخل والخارج، نظرا لضعف الدولة اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، وعدم قدرتها على إبراز قوتها في المنطقة، بالإضافة إلى أن مصر باتت مجرد قوة تابعة للسعودية والإمارات، وتراجعت على مختلف المستويات.
وأشارت إلى أن "المؤسسة العسكرية في عام 2011 سمحت بخلع الرئيس مبارك، لأنه أصبح عبئا. وفي صيف 2013 تم الانقلاب على الرئيس الراحل محمد مرسي بعدما بات خطرا على الجيش، وكذلك على مدى السنوات القليلة الماضية أصبح السيسي عبئا وعائقا، لكنه أخذ الخطوات التي تمنع إزاحته أو الانقلاب عليه عن طريق تعديل الأجهزة العسكرية والمخابراتية والأمنية".
وأكدت أن تداعيات جائحة كوروناقد تقلب الموازين ضد السفاح السيسي، حيث سيكون لها آثار اقتصادية كبيرة، وستبرز التدهور الحاد في المنظومة الصحية، وستؤدي إلى مزيد من الاضطراب الاجتماعي، وزيادة الغضب، وانعدام الثقة في مؤسسات الدولة، الأمر الذي سيؤدي لزيادة واتساع نطاق الغضب في الشارع.
ولفتت الأكاديمية الأمريكية من أصل مصري إلى أنه "كلما طال أمد أجهزة الدولة في تحمل نهج السيسي، قل احتمال قدرة الدولة على العودة من حافة الهاوية"، مشدّدة على أن "نظام السيسي لن يتمكن من الاعتماد على استراتيجيته القديمة المتمثلة في القمع والضغط الأمني، وإنكار الواقع، وحجب المعلومات في التعاطي مع أزمة كورونا".
واستطردت قائلة: "لكي يتمكن نظام السيسي من البقاء على قيد الحياة في هذه اللحظة الطويلة من حالة عدم اليقين، سيتعين عليه ضرورة إعادة النظر في استراتيجيته للقمع ومراجعة سياساته وممارساته بشكل عام".